عَوْدَةُ محمد الدرَّة

إِنِّــــــي اتَّـــبَــــعْـــتُ بِــــكُـــلِّ جِـــيــــلٍ دُرَّةً( )
ألْقَى الظَّلامَ على النَّهارِ لِيُبْصِرَا
أَمْــــلَى لَهُ الـــــــتّاريخُ بَعْــــــــــــضَ صَلاتِهِ
وَبِنَــــبضِهِ صَـــــلَّى الزَّمـــــانُ وَكَبَّـــرَا
يَمْــــــشي إِلَيْهِ الماءُ يَحْــــــــمِلُ عَرْشَــــــهُ
فَـــــكَأَنَّــــــــهُ خَلَقَ السَّمَا والأَنْهُــــــــــرَا
يَغَفُو على كَتِفِ الشُّــــــــموسِ لَعَلَّـــــــــهُ
منْ خَفْــــقَةِ الأَكوانِ يُبْعَثُ قَيْصَرَا
وَمَضى على الغَيْبِ الشَّفِيفِ مُشَيِّدًا
أَمْسًا يُعانِقُ في القِـــيامَةِ خَيْــــبَرَا
يَأْتـــــي من الـحَـجَــــرِ المُبَلّـــــلِ بالرَّدى
ومِنَ الدَّمِ المَسِـــــفُوحِ شَـــــيَّدَ مِنْبَرَا
يَأْتي من الأَمْــــــسِ الـــشّـهيدِ مُحارِبًا
جَــبَلًا تَشَكَّلَ في الغَيَاهِبِ عَنْتَرَه
أَفْضَى إلى الصّحراءِ يُوقِــــــظُ سرَّها
حَتَّى تَمَـــثَّـــــــلَ للصَّحاري شَنْـــفَرَى
فَكَــــأَنَّهُ جَمَــــعَ الجِهــــــــاتِ جَمــــــِيعها
حَتَّى أَتَــــتْهُ الأَرْضُ تَطْلُبُ مَغْفِرَه
تَغْفُو الرُّعُودُ بِرَأْسِهِ وَبِصَوْتِهِ
وَالبَرْقُ فَوقَ جَناحِهِ قَدْ أَزْهَرَا
فَهَوَى إِلَيْهِ النَّجْمُ يَخْلَعُ زَيَّهُ
وَمَضَى إِلَيْهِ الغَيْمُ حَتَّى يُمْطِرَا
أَسْرَى بِهِ الأُفُقُ السَّمِيُّ كَأَنَّهُ
منْ سدْرَةِ الأَنْوارِ جاءَ مُبَشِّرَا
سَجَدَتْ لَهُ الأَسماءُ في أَلْقابِها
والبَحْرُ والشُّطْآنُ حَتَّى تُبْحِرَا
والموتُ حينَ رَآهُ يَمشي نَحْوَهُ
مُتَبــــَسِّمًا شَقَّ السَّماءَ وأَدْبَرَا
يا دُرَّتِـي يا ابْنَ النُّــبُــوَّةِ دُلَّـني
أَحْتاجُ أَعمارَ الخِيامِ لأَكْبرَا
لَكَ يا ابنَ جُرْحِي
خَطَّ فانُوسُ الحِكايَةِ هُدْهُدًا
سَكَنَ الفُؤادَ وعَمَّرَا
كُنْ لي طُفُولَةَ نَجْمَةٍ مَنْسِيَّةٍ
إِنِّي صَنَعْتُ من المَجَرّةِ محْبَرَه
أَطْلَقْتُ في كُلّ الجِهاتِ مدامِعي
وَبَنَيْتُ منْ دَمْعِ الكَواكِبِ قَنْطَرَه
لَكَ يا ابنَ جُرْحِي
سِيرَةٌ وَرْدِيَّــةٌ
تَطْوِي الطَّريقَ على السَّماءِ لِتَعْبُرَا
خُذني إلى طفلِ الحِجارةِ عَلَّني
أَغْدُو لِمِيقاتِ النُّبُوَّةِ أَبْحُرَا
خُذْني إلى طِفْلِ الجِدارِ لَطالَمَا
وُئِدَتْ بِأَحْجارِ المَقابِرِ جَوْهَرَه
خُذني إلى قَبْرِ المَلاكِ فَرُبَّمَا
بُعِثَ الملاكُ من المَقابِرِ شاعِرَا
فَكَأَنَّهُ وَحْيُ الإلَهِ وهذه الرُّؤيا
دَمٌ جَمَّعْتُهُ فَتَبَعْثَرَا
يا ابْنَ النُّبُوَّةِ دُلَّني خُذْني إلى
طفْلٍ يَخِيطُ من الجَنائِزِ مَعْبَرَا
قدْ أُرْضِعَ البارُودَ لَحْظَةَ خَلْقِهِ
ومشى على البارُودِ حينَ تَفَجَّرَا
منْ كُلِّ خارِطَةٍ تَفَتَّحَ جُرْحٌ
يَرْمي الشَّهيدَ على الرَّصاصِ لِيَثْأَرَا
أَوْحى إلى الحَجَرِ المُقَدَّسِ نَبْضَهُ
وَبِقَلْبِهِ ضاقَ المَدَى فَتَحَجَّرَا
أَوْحى إلى الأَضْدادِ تلكَ نُبُوءَتي
ودَمي صراطُ العابِريْنَ منَ الوَرَى
لَوْ شاءَ شَكَّلَ منْ ضُلوعي آيَةً
أَوْ شاءَ شَكَّلَ منْ دِمائي مَقْبَرَه
فَهُوَ الَّذي مَدَّ الصَّباحَ إلى القُرَى
وَهُوَ الَّذي أَمَرَ الزَّمانَ وَقَدَّرَا
يا ابْنَ النُّبُــــوَّةِ دُلَّني خُـــــــذْني إلى
الأقصى تَكُنْ أَنْتَ النَّبِيَّ الأَكْبَرَا