

فلسطین وکفی...
لا يُمسَخُ الجُرحُ
إذ لا يُمسَخُ المَجدُ
نحنُ المُضارعُ
وهو العَالَمُ البَعدُ
ليسَ الجبالُ فتلكَ الأرضُ وَتَدها
جُرحٌ يُقيمُ على أطرافِه الوَعدُ
وليست الأرضُ ما تُبنى لنهدمَها
فللمكانِ مَعانٍ لا كما يَبدو
وللزمانِ نَزيفٌ كالجِراحِ لكي
يجري
وإن لم يَكن في سَعيهِ قَصدُ
فامنَحْ لنفسِك جُرحاً كي تُحَصِنَها
من الفَناءِ
إذا ما ضَمَّها اللَحدُ
واسكُب حُدُوثَك في المَعنى لعلَّك لو
مَلأتَ معناكَ
يَطفو فوقَكَ الخُلدُ
قِف حيثُ يقترحُ التاريخُ موقفهُ
وإن تراكَمَ في أجفانِكَ السُهدُ
جَرِّد من الذاتِ سيفاً انت جوهرُهُ
وإن تَعَذَّر في تقويمه الزَندُ
سيولدُ الحُرُّ من قَيدٍ يُكَبِلُهُ
والنَهرُ يَطغى إذا ما استفحَلَ السَدُّ
ما زالَ لم يَفقَهوا مَن قَيّدوا وَطناً
ماذا سَيَحمِلُ في أصلابِه القَيدُ
ماذا سيُنبتُ دمعُ الأمِّ إن فَقَدت
وليدَها
بل وماذا يُنبتُ الفَقدُ
ما للغمامةِ غيرُ الدَمعُ من أَمَلٍ
لكنَّهُ الفقدُ
في أحشائه الرعدُ
هي التي أنجبت من رحمها مُدُناً
سَعيدَةً
حيثُ ولّى شَطرَها الوجدُ
يُقيمُ فيها سماويونَ سَحنتُهم
قلوبُهم
وإذا ما آثروا ودّوا
ومُذ دعاهم عِناقٌ أقبَلوا وإذا
به يُراودُهم عن أرضِهم
رَدّوا
لذاكَ من دُبُرٍ قُدَّت مصائرُهم
ما قَدَّها الحُبُّ لكن قَدَّها الحِقدُ
ومؤمنين بإخوانٍ سَتنصُرُهم
ما آمنوا بِهمُ
إلّا ليَرتدّوا
مُعَمَدون بماءِ الحربِ ما اختلفوا
على الحَياةِ ألَحدٌ تلك
أم مَهدُ
توارثوا الموتَ كالجيناتِ لم يَلدوا
إلّاهُمُ حيثُ لم يُعرَفْ لهم نِدُّ
وكُلُّ فَردٍ بِهم جَمعٌ إذا انفردوا
وكُلُّ جَمعٍ إذا ما استجمعوا فَردُ
ولا يموتون إلّا مِثلَ سُنبلَةٍ
بموتها الفَذِّ عاشَ الحُرُّ والعَبدُ
القادمون من الأحلامِ في دَمِهم
يُجَسِدون وقوفاً ما
بِما جَدّوا
جاؤوا من اللانهائيات مُذ عَبروا
مَنافِذَ الروحِ
غِيضَ الطينُ وامتَدّوا
حتى إذا فَضحوا الأقدارَ وانصرفوا
عن المقاديرِ
لم يُنقَضْ لهم عَهدُ
لأنَّهم غادَروا الأسماءَ وامتَزَجوا
فما لأسمائهم في المُلتَقى بُدُّ
وما بأوجُهِهم شَكٌ
لذا التَثموا
فَوَحَّدوا الشَكلَ معنىً
خلفَهُ احتَدّوا
قالوا بأعيُنُهم ما الصوتُ يَجهَلُهُ
والعينُ ما نَطَقت
والقولُ ما صَدّوا
هم يُؤدون ولكن في بَنادِقِهم
ويُبعَثونَ رَصاصاً
هكذا الوأدُ
كأنَّهم من أديم البأسِ قد خُلِقوا
مواطنون
ولكن كُلُهم جُندُ
لذاك لك يَرِثوا إلّا سواتِرَهم
سِوى العَرائنِ ماذا تملِكُ الأُسدُ
لكنَّها تَطأُ الدُنيا بهيبتها
ويَستريحُ على أعتابها المَجدُ