الأربعاء ٩ حزيران (يونيو) ٢٠١٠
بقلم رأفت دعسان

فيروز

صوت من الجنة، معزوفة ملائكية، مثال قائم على سحر الشرق، خمرة الزمن الجميل، ملهبة المشاعر قبل أن تكون مذهبة للعقول.

امتزج صوت فيروز بالصباحات العربية قهوة وجريدة وفيروز.

امتزج صوت فيروز بالذكريات فأنطقها فنحن الجيل الوحيد ذو الذكريات الناطقة.

حين أسمع فيروز أفارق جسدي وأسبح في اللاموجود، أرسم الشوارع والبيوت، أتحكم بالزمن أصنع المكان، أكتب المشاهد، أعيش ما أردت أن أعيش، ألمس السعادة بل أراها.

حين أسمع فيروز، تختلط الدموع بالابتسامات، تختلط الدقائق بالساعات، أفقد الإحساس بالوقت، أعيش في دنيا أخرى صنعها صوت فيروز.

شربت عشق صوت فيروز من ثدي أمي ممزوجاً بحليب الطفولة فامتزج بدمي فأنا وصوت فيروز جزء واحد.

ما زلت أذكر تلك الصباحات الجامعية الجميلة في مقهى كليتي العتيق وصوت فيروز يداعب كل ركن فيه معلناً للجميع أن هذا الصوت مكون أساسي لشخصية الجيل القادم.

في فيروز ثلاثة، صوت وطفولة وكلمات. صوت ساحر ينام تحت ظل براءة الطفولة وعذوبتها وكلمات تشكل في مجملها قاموس المواطن العربي في البساطة.

فيروز هروب من الواقع وجدلياته واحداثياته وتعقيداته وجفافه وجسديته إلى الخيال وحريته وبساطته وروحانيته.

فيروز جمال الشتاء ودفء المدفأة الملقاة هناك في طرف الغرفة وذلك الضوء الخافت المتأرجح الذي يداعب الجدران.

فيروز إشراق الصيف وصفاء سمائه وسكون أركانه وتغريد عصافيره.

فيروز متعة وحالة وجدانية فريدة وشاهد على وجودية السحر فيروز معجزة إلهية إبداعية في فن العشق والجمال تتخطى حدود الكون ساكنة الزمان –الآن وكان- متحدية حدود المكان تمثال جديد حي للحرية، أجل فيروز تمثال الحرية الحي ... تمثال الحرية الحي ...


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى