الثلاثاء ١٨ كانون الأول (ديسمبر) ٢٠١٢
بقلم توفيق الشيخ حسين

في ذكرى رحيل الأديب ممدوح عدوان..

تمر علينا ذكرى رحيل واحدا ً من الأسماء الثقافية العربية البارزة والتي أتسمت بالعطاء الفريد والمتنوع في الكثير من المجالات الإبداعية وحتى اللحظة الأخيرة من حياته...

ممدوح عدوان (1941 – 2004) كتب مبكرا ً.. وأشتهر مبكرا ً.. ومارس كل شيء روحيا وجسديا وملأ مسامات روحه بالحب.. هو العاشق الكبير لها..

صدر له 20 مجموعة شعرية و26 عملا ً مسرحيا بالإضافة إلى روايتين و25 كتابا ً مترجما ً عن اللغات العالمية و16 مسلسلا ً دراميا ً.. وتم تكريمه قبل وفاته يوم 14- 12 – 2004 من قبل جمعية الشعر في اتحاد الكتاب العرب...

كان يمتلك حسا ً فكاهيا ً بطريقة استطاع معها أن يحول أي شيء درامي إلى سخرية لاذعة وتذكرنا برسومات الكاريكاتير الفلسطيني "ناجي العلي"...

كان ممدوح عدوان كما قال عنه "فيصل دراج":

" كاتبا ً متعددا ً فقد أبدع في جميع الفنون.. في الشعر.. في المسرح.. في الرواية.. في الدراما التلفزيونية.. في الصحافة.. في الترجمة.. كان صادقا ً ثائرا ً في جميع كتاباته.. ولهذا أ ُتهم بأنه مولع بالصراخ لكنه برر حقه بالصراخ حين قال:

أنا أصرخ ويجب أن تبقى لي هذه الحرية.. الموجوع الذي لا يصرخ هو ميت.. وما يسمونه صراخا ً هو ما أسميه لمس المواجع.. لا أستطيع أن أمسح الشعر والخد وأنا أدعي أنني أعالج طعنة في الخصر"...

فقد عبـّر ممدوح عدوان في تجربته الشعرية عن خيبات الأمل الكبرى التي مـّر بها المثقف العربي بدءا ً بنكبة 1948 ونكسة 1967 وانتهاء بما يجري اليوم...

أعتبر المفكر الكبير صادق جلال العظم "أن ممدوح عدوان أفضل مثال عن جيل الستينيات.. ما من مبدع جسد في حياته وجسد في حيويته جيل الستينيات كما جسدها ورمز إليها ممدوح عدوان بكل كيانه إن كان ذلك بالنسبة لحداثة الشعر أو نقمة النقد أو طليعية الأدب أو جدية السجال أو وطنية الموقف أو فهم الاطلاع"...

وخلال فترة مرضه بالسرطان أنجز أربعة كتب.. وكان مشروعه الأخير ترجمة "هوميروس".. يقول عنه الروائي السوري "خيري الذهبي":

"أن ممدوح عدوان خدعنا في مرضه.. كنا نظنه قد شفي تماما ً"...

كافح وصارع المرض وبقي متمسكا ً بالحياة دون يأس حتى آخر لحظة.. ورحل مودعا ً أحبابه بزفرة المتعب وابتسامة الواثق بما أعطاه..

يقول الناقد المصري " علي الراعي " في تقديمه لمسرحية "حال الدنيا":

(ليس ممدوح عدوان في حاجة إلى تقديم.. فمسرحياته الحافلة بالفكر اللماح والفن المسرحي القادر تتحدث عن نفسها.. أنه يختار موضوعا ً اجتماعيا ً في المقام الأول ينظر من خلاله إلى مصائر الأفراد إذ يضطربون في أطار مجتمع ظالم.. السيادة فيه للغني على الفقير.. وللرجل على المرأة.. ويلقي ممدوح عدوان بنور كاشف على الظلم الفادح الذي يصيبه مجتمع صنعه الرجال لأنفسهم)...

يقول ممدوح عدوان قبل موته:

"أصل قلق الكاتب أو المبدع هو أنه عنده أحساس أن العالم ليس موجودا ً بصيغة صحيحة.. ويجب صياغة العالم من جديد"..

برحيل ممدوح عدوان يشعر كل مهتم بالثقافة والأدب بفقد جزءا ً من ثقافته وفقد شيئا ً من مكتبته...


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى