
قراءة في كتاب طفل الطيف رحلة في الحب والمعنى

الكتاب «طفل الطيف رحلة في الحب والمعنى» مؤلف: رانية مرجية وبسمة الصباح
"قسم علاقات إنسانية" اللغة العربية
والصفحات: 179
أيها القارئ الكريم ...
بين يديك الآن ليست مجرد صفحاتٍ تُقلَّب بل هي رحلة إنسانية فريدة تضعك أمام أعماق الروح البشرية في أصفى تجلياتها.
كتاب "طفل الطيف: رحلة في الحب والمعنى"
هو نداء حاني وصوت خافت يعلو من عالمٍ طالما أُسِيء فهمه ليُعيد إلى الأذهان معنى الإنسانية المتسامية.
إنه ذلك العالم الموازي حيث تسكن أرواحٌ نقيّة تسبح في فضاءات من الإدراك المختلف وتتراءى لها الحياة بألوانٍ لم نعتدْ على رؤيتها.
إنه عالم طيف التوحد، ذلك الحيز الوجودي الذي شُغِلَ الناس بوصفه "اضطراباً" وغاب عنهم أن يروا فيه "اختلافاً" يحمل في طياته أسراراً وجمالاً لا يُدرَك إلا بقلبٍ يُحبّ وعينٍ تُبصر.
ببراعة أدبية أخّاذة تنسج المؤلفتان "رانية مرجية" و"بسمة الصباح" خيوط هذه الرحلة.
إنهما لا تقدميان نصائحَ جافةً أو إرشاداتٍ طبية فحسب بل تغوصان في الأعماق لتستخرجا اللآلئ من أعماق الصعوبات.
إنهما تفتحان نافذةً إلى ذلك العالم لا لننظر منه إلى الطفل فحسب بل ليرى الطفلُ من خلالنا العالم في حوار صامت تتقاطع فيه المشاعر وتتوالد فيه المعاني.
هنا، في هذا الكتاب يصبح الألم سؤالاً وجودياً والتحدي محطةً لاستخراج كنوز القوة الكامنة في النفس.
إنه حديثٌ عن التحول من حالة اليأس إلى رحابة الأمل، ومن سجن الخوف إلى فسحة الحب.
إنه دعوةٌ إلى أن نعيد تعريف "الطبيعي" و"المألوف"، وأن نتساءل:
أليس الاختلاف هو القانون الأصيل لهذا الكون؟ أليست تلك العقول التي تعمل بطريقة مغايرة هي شهادات على سعة الخيال الإلهي وإبداعه الذي لا يعرف الحدود؟
بتأملات نفسية عميقة وبلغةٍ سردية تمس شغاف القلب يذكرنا هذا العمل بأن هذه الروح "الطفل" ليست بحاجة إلى أن نُصلحها، بل إلى أن نفهمها.
ليست محتاجة إلى شفاء بل إلى احتضان.
إنها رحلة نتعلم فيها لغة جديدة لغة الصمت الناطق والنظرة المعبرة واللمسة الحانية التي تقول ما لا تستطيع الكلمات حمله.
إنه كتاب لا يخاطب العقل فقط بل يخاطب الوجدان ليوقظ فيه ذلك الجزء الإنساني الذي قد يغفو تحت وطأة الحياة وهمومها.
إنه يذكرنا بأننا في حاجة إلى هذه الروح المختلفة كما هي في حاجة إلينا بل ربما أكثر. فهي مرآة نرى فيها صورتنا الحقيقية ونتعلم منها دروساً في الصبر والتواضع والقدرة على الحب بلا شروط.
في الختام..
"طفل الطيف" ليس كتاباً تقرؤه ثم تضعه على الرف بل هو تجربة وجودية تغيرك من الداخل.
إنه بصمة نور في طريق كل أسرة تسير في رحلة التوحد وهدية للمجتمع ليتعلم كيف يكون أكثر رحمة وأوسع قبولاً وأعمق فهماً.
إنه باختصار...
رحلة إلى حيث يكون الحب هو اللغة المشتركة
وحيث يولد المعنى من رحم التحدي
فتشرق شمس الأمل على عالمنا جميعاً.