قصة قصيرة لانتظار طويل
كان حكيم القبيلة لا يزال يقضى حاجته في رأس الشاب المتحمس في حين استند مجموعة من الصبية على الحائط القديم الباقي من دار الندوة، و أنا في جلستي على نفس المقهى في نفس الموعد أنتظر ظهور نفس المرأة في شرفتها بنفس المنزل أتسلى بقراءة جريدة اليوم التي تحمل نفس الأخبار عن نفس الحرب.
زوج المرأة قعيد ودعها يوماً و سافر ليحارب الفرنجة لكنه في غمرة لهفته للقتال نسى سيفه الذي ورثه عن أبيه تحت السرير و عندما عاد محمولاً فوق الأعناق المفصولة عن أجساد ضحايا ما أسمته قبيلته نصراً محدوداً كان شاعر القبيلة يلقى على مسامع قادة الفرنجة الثملين قصيدته الجديدة عن سحر الجنس في لحظة الإيلاج.
سأل الزوج عن الملاءة الجديدة على السرير فأخبرته المرأة أنها هدية من حكيم القبيلة الذي أكد لها أن تطابق لونها مع ألوان علم الفرنجة محض صدفة، جرحها السؤال الذي ارتسم في عيني زوجها فأقسمت أنه لم ينم على تلك الملاءة أيٌ من رجال القبيلة، صدقها الزوج فرائحة عرق الغرباء تملأ المكان.
أخذتُ أقلب صفحات الجريدة و أنظر للتلفاز حيث كان وجه أبو جهل يحتل معظم الشاشة بينما الفرنجة يحتلون معظم الأرض، أضحكتني المفارقة فسبني من خلف الشاشة ثم أصدر أمراَ باعتقالي، و تذكرت أبى..
كان أبى يبدو حزيناً لسببٍ لم أكن أدركه حينها إذ كان أبو جهل يبدل شكله و يغير اسمه دون أن يتخلى عن عادته في احتلال معظم الشاشة يومها لم أكن أعلم أن الفرنجة يحتلون معظم الأرض لذا لم أضحك لكنه أصر على اعتقال أبى يومها ماتت أمي من الحسرة على أبى الذي لن يعود، من لحظتها و أنا أجلس على نفس المقهى في نفس الموعد أنتظر ظهور نفس المرأة في شرفتها بنفس المنزل أتسلى بقراءة جريدة اليوم التي تحمل نفس الأخبار عن نفس الحرب.