

قهوة بالشيكولاتة
لا أدري لماذا مال قلبي إلى حب القهوة بالشيكولاتة! كان من الممكن أن يؤلف بيني وبين أي شيء آخر أكثر قيمة غذائية كأن أحب العسل بالطحينة أو الزعتر بزيت الزيتون, لكن الأشياء التي نحبها تشبهنا؛ فأنا أشبه القهوة في عمق المرارة أو النكهة المميزة أما الشيكولاتة فهي التي تضفي البهجة والطعم الحلو عليها.
ما هذا الهراء الذي أكتبه؟
هل عقلي مفرغ لهذه الدرجة أم أنه يزيح أثقال الهموم بتفاصيل بسيطة؟
أليس من الأفضل أن أكتب عن ارتفاع أسعار الدجاج وندرة البيض في السوق حتى أن مستقبل تجارة الدجاج بات مهددًا بالانقراض فالأسطورة تقول البيضة مصدر الدجاجة والدجاجة مصدر البيضة.
أيضًا كانت هناك ظاهرة غريبة حدثت منذ ساعات؛ لقد أمطرت للحظات بعد شتاء طويل جاف لم نر فيه سوى سحابات عابرة تنظر إلينا نظرات شاردة وتمضي في حال سبيلها.... هل تأدب الشتاء معنا ام أننا لم نعد نستحق النعمة!... نعمة واحدة لا تكفي فنعمّ الله كثيرة؛ فعلى سبيل المثال ساقاي تمشي وحدهما بعد أن كانت مهددة بالبتر منذ أصابتها شظية في أكتوبر الماضي لكن باقي القنبلة لم تُخطئ أخوتي وحصدتهم جميعًا, ومن نعمّ الله أنني غادرت غزة إلى مصر لم أذهب إلى السودان مثلًا, وأيضا لي عينان ترى أشخاص لا وجود لهم أعرف أنهم عائلتي, ولا أنكر أنني سمعت إمام المسجد يهتف في خطبة الجمعة بكلمات غامضة تشبه العدل أو الظلم أو ردّ الأرض إلى أصحابها.
لازلت أهذي!
سأكون جادة هذه المرة وأكتب قصة ذات معنى ومخزى ربما تحظى بإعجاب لجنة التحكيم فأفوز بجائزة كبرى من الجوائز المجانية التي توزع سرًا على المعارف والأحباب وفلان قريب فلان وفلانة صديقة فلان.
حسنا سأكتب الآن قصة بحجم صغير يناسب مقاس جائزة كبيرة تصل قيمتها إلى عدة آلاف من الدولارات سأكتب:
هذا الصباح تعرضت لحادث كبير فشلت كل محاولاتي في تفاديه حيث اصطدمت بوجهي للمرة الأولي منذ هجرت وطني وتساءلت لماذا كان حزينًا بدرجة تشبهني؟ أليس من الأولى أن يشبه فتاة عشرينية ترتدي أنوثتها وتتزين بنعومتها.
لا أدي لماذا أثرت حفيظته وأوقعته في حرج شديد لدرجة أنه اختبأ مني ولم أفلح في العثورعليه, أكملت طريقي وقلت سيعود إليّ فهو لا يملك غيري, لكن الغريب أن الناس لا تترك أحد يمضي في حال سبيله, ظلوا يشيرون عليّ وهم يتضاحكون " الفتاة التي بلا وجه بالتأكيد فقدت عقلها "
هل يقصدون أنني مجنونة؟ هل ارتكبت خطأ ما؟
قد لا يعلمون أنني أملك بعض الجنيهات التي ورثتها عن عائلتي وأستطيع شراء وجه جديد - كنت أدخرهم لشراء قالب من الشيكولاتة لزوم القهوة وجلسات الكتابة لكن الضروريات لها أولوية في نقودنا, أعرف بائع يعرض وجوه جميلة كما أنه يفصل وجه بمقاس صاحبه ومن الممكن أن أطلب وجه ليلى خالد أو جميلة بوحيرد أو نازك العابد, لكني لست مناضلة مثلهن, أُفضل وجه رضوى عاشور لأكتب عن ضياع الأندلس وأوجاع سوريا ولبنان والسودان.
لا أقصد ذلك بل يجب أن أدافع عن المقاومة الفلسطينية وأن أطالب بوقف الحرب على الأطفال... هؤلاء الأطفال الذين لا يملكون دفع الموت أو الهرب منه, ربما أشتري وجوه لكاتبات كثيرة وسأرتدي وجه جديد مع كل قصة أنتهي منها ليس منها قصة حب أو عشق لأن شباب هذا الجيل لا يعرفون الحب العفيف هم فقط يشتهون جسد المرأة بلا حق كما اشتهى العدو أرضنا بلا شرعية.
يا إلهي! لقد احترقت أصابع البطاطس المقلية وتفحمت فوق البوتجاز أثناء انشغالي بالكتابة لكني لم أبدأ كتابة القصة حتى الآن, أنوي أن تكون قصة صالحة للفوز بالجائزة فأنا كما تعرفون ليس لي علاقة بفلان ولست صديقة لأحدهم.
نسيت أن أقول لكم أن ذراعي الذي يمسك بالقلم أصابته شظية وتناثر إلى أجزاء صغيرة تركته في غزة قبل الرحيل ولازال القلم بين أصابعه يكتب كلمة واحدة: و......ط..........ن