قيامة جديدة للعنقاء
العنقاءُ طائرٌ أسطوريٌّ يحترقُ عند الموت ثمَّ ينبعثُ من رماده من جديد، كالشعبِ السوريِّ الذي تتالت عليه المحنُ والمصائب، فما كاد يخرج من الحرب حتى أتاهُ الزلزالُ المُدَمِّرُ في فجر السادس من شباط (فبراير) 2023، وما زال هذا الشعب البطلُ ينهض في كل مرة قويًّا فتيًّا بعزم من حديد وإرادة عجيبة للحياة.
وحدي أنا/ والحزنُ والإيمانُ
ولواعجٌ أحرى بها الكِتمانُ
نتجاذبُ اللَّيلَ الذي لا ينتهي
منذُ انتهى لسوادِهِ البُنيانُ
وحدي / ونافذةٌ هناك تَصَدَّعَتْ
مِن ذَرفِها شوقًا إلى مَن كانوا
يا ليلَ أَنصافِ الوجوهِ! أَلَمْ تَعُد
تُحصي مرايا ضَمَّها النِّسيانُ
كانَ انْبلاجُ الفجرِ رمزًا للحياةِ ...
فَكَيفَ تَسقطُ فَوقَهُ الجُدرانُ!
مَنْ يحفظُ الأسماءَ كي يبقى صدىً
شعبٍ شتيتٍ خَانَهُ العنوانُ
مَنْ يُخبرُ النَّاعينَ أَنْ يَتَريَّثُوا
فَهُناكَ ما بين الحُطامِ بَنانُ
وهناكَ مَنْ نَسِيَتْ زُجاجةَ عِطرهَا
وَجديلةً مَا شَمَّها نَيسانُ
وهناكَ بعضُ دفاترِ التَّاريخِ/ مِحبرَةٌ / وساعَةُ حائِطٍ / قُرآنُ
وفَتيلُ قنديلٍ تَناثرَ زَيتُهُ
وَتَكسَّرَتْ كَزُجَاجِهِ الأوطانُ
نظَّارةٌ عَكَسَت غيابَ عُيونِهم
ماتَتْ على عَدسَاتِها الألوانُ
ودُمىً مُضَرَّجَةٌ بِصرخَةِ طفلةٍ
وشرائِطٌ هانَ الجمالُ ... فَهَانوا
أسيافُ فُرسانٍ طريٌّ نَصلُها
موعُودَةٌ أَنْ يَكبَرَ الفُرسانُ
وقصيدةٌ لَم يقترِفْها شَاعِرٌ
إلَّا لِيَثقُلَ بعدهَا الميزانُ
يا ليلَ قَرعاتِ الطُّبَولِ وَرَدُّهُم
مِنْ جُبِّ يُوسُفَ مُكرَمٌ وَمُصَانُ
اصمتْ فَهَل تحتَ الحِجَارةِ صَرخَةٌ
مِنْ روحِهَا تَتَأَنسَنُ البِيبَانُ
اصمتْ فَثَمَّةَ مَنْ نَجَا / صوتٌ هَنا
ضَاءَتْ على أَصدائِهِ الأَكوانُ
مَنْ يُقنِعُ الموتَ المُوزَّعَ بَيننَا
إرِثًا بِأَنَّ وُجودَنَا إِدمانُ
مَنْ يُخبِرُ الأحياءَ أَنَّ صُمودَهُم
تحتَ الرُّكامِ قِيامَةٌ وِأَذانُ
أَنَّ احتباسَ الرُّوحِ في أَضلاعهم
كالمُعجزاتِ أَقَامَها الدَّيانُ