
في رثاء القائد الوطني والقومي الكبير الدكتور جورج حبش
قُم من ضريحك...
د. ربحـي حلــوم
خَبـا سِراجُكَ واشــــتَدَّت بنـا الظُـلَــمُوالشمسُ تَبكيكَ والأقمارُ والنُجُمُيا حاديَ الدربِ مُـذ سـارت طلائعُــــنافي موكِب المجـدِ تعلــو هامَهـا الهِمَمُكلُّ الكنائسِ دَقـــَّتْ في منائرِهـاأجراسـُها، ولهـيبُ الحزن ِ يضطـــــــرمُوودَّعــَــتْكَ بذكرِ اللـهِ بارئِــِهـــــــــــامنــــابرٌ بـِحِــبــــــالِ اللـــــــــه تَـعْتَصِـــــــمُيا فارسَ السـاحِ والســـاحاتُ مُقفــــرَةٌبـغــيرِ خَيلــِـكَ والفرســــانُ قـد وجمــــــواوالخيـلُ تَـصْــهَلُ حـُزْ ناً بعــد فارسِــهاوغـابَ عن غابِنــا الآســادُ كلُّهـــــــمُوالـذئـــبُ يَبحــثُ فــينا عن طَر يدَتـــهِونحنُ في الغــابِ للذئبـــانِ نَـحْتَكمُيا فارسَ الساح ِساحاتُ الحمى امتلأتبمــــن أَضــاعوكَ واغتــالوكَ واختَــــصَمـواهـــــذي مدائــِنُنـــا تَشـكو مَواجعَنــــــابعد الحكيمِ بها قد ضاعت الحِــــكَمُهذي فلســـــطينُ سَـــــوداءٌ بيـــــــارِقُهــاوالشَــــعبُ تـُـــثْــقِلـُــه الويــــــلاتُ والأَلـــمُحيــفا ويافــا وبــيتُ المقـدسِ اتَّشَــحَت ْواللـدُّ [1] نــُكِّـسَ في أرجائــها العَلَمُكلُّ المآقي كســيراتٌ وأَدْمُعُهـــــــامدرارة ٌ وأُوارُ الكَــــرْ ب يَـحتَــــدِمُيافارسَ الساحِ ساحاتُ الفِدا انكفأَتْلمّـا تـَرجَّــــلْتَ والأقزامُ قـــد عَظُمـــــواالبيــــدُ تجهـــشُ مــن حُــزنٍ ومــن أَلَـــَـمٍعــلى رَحيـــلِكَ والـــــــوديانُ والقِــــــمَــمُفاحمــلْ صــــليبَـكَ في دَربٍ تـُــــعـاوده ُآلامُ شــعبكَ ، قُم فيهم لـِيَلْـتَـئِمــــــــــوايا فـــارسَ الســاحِ إن الســـاحَ مُقفـــــرةٌوالعَـــــزمُ مُـنْكفئٌ فيــــهـا ومُــــنْـــهَـــزِمُالعزمُ أنتَ وأنـتَ القــــــــــولُ سيّــــــــدُهُوالمجدُ أنتَ وأنتَ الســــــيفُ والقَــــــــــــلمُمن ذا دعـــاكَ من الأحــبابِ في خَــلَدٍحتـى اسْــتَجبْتَ ولَـبّـيْتَ النـــــدا لَهـُـــــــمُأبو جهــــادٍ أم القسَّـــــامُ أم خَـلَـــــــفٌأم الوديـــــعُ الـــذي تَسْـــــمو بـــه القِيــَـــــمُأم شَيخُــنا أَحمــدٌ شــيخُ الذين قَضَـــوافي ســـاحةِ الخُــلدِ قِـدّيســين وانــتَظَمــــــواأم الثـــلاثةُ في الفـــردانِ [2] مُذْ رَحَــلواأم مَـنْ على دَرْ بِهِمْ أَوْ فــَـوْا بعَهْـدِهِمُأم الضحـــــايا بشــــاتيــلا وقِــــبـِّــــيـَـةٍأم مَن ســـما بَعدَهُم شــأناً وقـبْـلَهُـــــــمُهلاّ رَحَـلْـتَ عن الدنـيا لـِتَـغْرُبَ عنذُلٍّ جنــــــاهُ بـُــغــــاثُ الطيــــــر ِ وانهزمــــــواهـلاّ رَحـلتَ عن الدنيا لِـتَـغْرُبَ عنعـارٍ أصابَ عُرى الأهلِــــــينَ فانفَصمـــواسـودُ الوجـوهِ ومَن سارواعلى ضِـعَةٍمُـذ عانــقوا بابتســــاماتٍ عدوَّهــــمُ [3]أوّاهُ - واخَـجـَلي- من ذُلِّ عارِهـمُأوّاهُ -واخَجَلي- مـــن هَــوْلِ فِــعْــلـِــهِمُوالآهُ من شَـفَــتـَيْ جُرحي تمـزّ قنيومن أُوارِ جراحــــــــاتي وغَـدْرِهِــمُعاثــوا بمســـرى نـــبيِّ اللـــــه مَــــفْـسـَـــدةًواسْتفحَلَ الذُ لُّ واسْتشرى الخــَـنا بهِمُأوّاهُ –واخَـجَـلي- ضَـلـُّّوا وما عَــــــلِمواأن الخيــــانَةَ بـعــضٌ من خِــصــــــــــــالِهِمُأوّاه –واخَـجَـلي- ضَـلُّـــــوا فــلا قــِيَمٌتـُــحْيِي ضمائِرَهُمْ يوماً ولا ذِمـَــــــمُحتى استحالَت خِـصالُ العـارِ مَفخَـرةًوضَاق بالشُـــرفاءِ العيـــشُ بـينـَــــــهُمُوصارَ فيهم كِبارُ القومِ أَرْذَلـَهُمْوآثـرَ الأوفيـــاءُ النــــــأْيَ دونــهــــــــمُوصـارَ فيهم صُمـودُ الأهــلِ مَـثْــلَــبَــةًأوّاهُ –واخَـجَـلي- عاثـــوا بـعِرضِهِمُمن بؤسِهمْ مَـزَّ قوا أوطانَهُم إِرَبـــــــاًوقـد أداروا لأَهليـهِمْ ظُهــورَهُــمُيـُـتـــــــاجـِرون بأرواحِ الـــذين قَـضَـــــوافي بـاحـةِ الــدّارِ يغـــتــالون إِرْثــَهُـمُالخانـِـعُـونَ وَ في أحشـائـِـهِمْ جَـشـَـــعٌالـمُـتْـــخَـمُـون و في أفـــواهِهِم نــَهـَــمُهَـذي الرؤوسُ التي حـانَ القِـطـافُ بهاقُـمْ يا شَهـــــــــــيدُ وطَـهِّـرْهـا نُـفُـوسَهُمُيا خالدَ الذِكرِ قُمْ زلْزِل عُروشَهُمُيا خالـــدَ الذِكـــرِ وابْصق في وُجُوهِهِمُعرسُ الشــهادة ِقــد نـادى أَحِـــــبـَّــتـهكي يَســـتَجيبوا فلبـى القــــادة ُالشُّــهُمُواستكملَ العِقدُ حبــّاتِ الزُمُرّدِ مِنأفـذاذِ شــعبٍ قضـوا يفْـــدُون أرضَهُـمُكالقابضاتِ على جَـمرٍ أكُفُّـهُمُمن عــارِ حُكّامِهِمْ فيهمْ وعُرْ يِهـِمُيا أيهـــا الراحلـــون اليـــــــومَ في خَــــلَـدٍطوبى لكم كبرياءٌ كلُّها شَـمَمُطــوبى لمـن غابَ عـن عــــارٍ يـُلازِمُنـــاطوبى لكُم شِـيَمٌ تسمو بها الشِـيَمُيا أُ مَّ ميســـــاءَ كوني للعُــــلا أ َلـَـقــــاًفكبرياءُ لَمَــى وَصْــلٌ لِعهدِكُمُ [4]لا تجزعي فعيونُ الكونِ شـاخصةٌللصـــابرينَ على الأَرْزاءِ مثلكُـــــمُيا راقـداً في ضفــافِ الــــنيلِ معذرةًيا ســيدَ العصـرِ أعيا قَـومَـكَ السَّــقَمُ [5]يا راقداً في رحابِ اللــــه تـَـعْــمُرُهاقُم من ضَريحِكَ والْعن كُلَّ من ظَــلَمواأَهْلوكَ قد ضَـيَّــعوا مجـداً سَـموتَ بـــــهِوالقـــومُ في صَـمَمٍ ما بعـــــــدَهُ صَــمَمُغِرْ بانُ قومِكَ يا نسر َ الحِمى انـعَتَـقتْمن بـعدِ ما غـابَ عن عَـليائـِهِ الرُخـَـــــمُوأَوْسـَعـَـــــتْنا نعـــيقاً من حَنــــاجِرهــاتـُرغي وتُـزْ بــِدُ مَـرْ ضـاةً لِـمن رَسَـــمواقالت -ويا بئــسَ- ما قـــالت مُـردِّدَةًما لـقَّـنوها، وهـــــــذا دأْ بُــــــــــــه الصَـنــَمُ:"سَنَكـْسِرُالأَرْجُلَ الحمقى إذا عَبَرتْحُــدودَنا، وسَــنُـعْلي السُـــورَحَـولهمُ" [6]مـهلاً أبا الغَـــيْطِ، فالأَقـدامُ راسِــخةٌعـَـصِــــــيّـةٌ، ومِــنَ البــــــاغي سَـــتَـنْــتَـــقِمُعَصِـــيَّـةٌ هيَ أقـــــدامُ الأُبــــــاةِ ولـَـــــنْيـَـقْوى عـلى كَسْـرِها عِـلْــجٌ ولا قَــزَمُقد غابَ عنـكَ بأنّ الشَـعْبَ إن غَضِـبَتْجُـمُــوعُـهُ، قَــد تـُـمـيـدُ الأرضَ تَحْــتَكُمُوسـوفَ تُـشعِلُ من تحـتِ الرمـادِ لظـىًوسـوف تَـبْـــــرَ أُ مـن عَـــثْراتِها القَــــــــــدَمُوغـابَ عـنكَ بأنّ الجُـرحَ جُـرْ حُــهُمُوغـابَ عنـــــكَ بأنَّ الأرضَ أرضُهُــــــمُوأنَّ ما هَـــدَمَ الغــازون من وطنـــــيفي غَفْــــلةِ الزَّمــنِ الماضي ومــا قـَضَـمــواوأنّ كلَّ حـــدودِ الـــذُلِّ باطِــــــــلـةٌوأنّ مـا رَسَــــمَ المُسْـــتَعمِـــرُ الأَثـِـــــــمُما كان من فعــلِ آبــاءٍ لنا رحلـــواولا مَشـــــيئةِ أجـــدادِي وَصُـــــــــــنـْعِـهِـمُبـل من خُــــضُـوع ِ أَذِلاّءٍ بنــا أَثـِمـــــــواومن خُـنـوع ِ سـلاطينٍ بـنـــــــا حَـكَمـــــــواومن سُـــيوفِ ذوي القُرْ بى بأَظــهُرِناومن هـــوان ٍ لــــــدى البـَــــــاغينَ مِثلِكُـمُومن دمـــاءِ جِراحــاتٍ لَنــا نَـزَفَــتْومن سُــــباتِ بـَـــني قــَـــــــومي وَصـَـمْـتـِـهِمُالويلُ من ثـورةِ الجَوْعى إذا عَصَـفَـتْالويلُ من غَـضَـبِ الأَحرارِ إن عَـزَ مُــــــــواالويلُ إن لَـمَـعَتْ في اللّـــيـْثِ بارِزةًأَنـــــــــيابـُه غَـضَـــــباً أو عَـضـَّــــــهُ أَلَـــــَــــــمُالويلُ إن زَ أَرَتْ في الغابِ مُز بـِدةًآســـــــادُه، ومَــــــضَتْ في ذُلـــِّــــها الرِمَمُيا خالدَ الـــذِكْـرِ قُـمْ أيـْقِـظْ ضمائرَهُمْيا خالدَ الذكْرِ نادت أُسْدَها الأَجَمُيا راقداً في جــنانِ الخُـــلْدِ في دِعَـةٍقُم من ضَريحكَ واعْمُرْ كلَّ ما هَدَمـواالسالكونَ دُروبَ العـــــــارِ ويحهموشـيــــخُ الأَئمـّـــةِ فيهـم مجــــــــرمٌ أَثــِـمُالآثِمــــــون على حُـرْ مــــات أُمـَّــتِهــِمْالراقِــــصـون على أَشْــــــلاءِ شَـعْبـِهــِــــمُلا يـأْبـَهـُـــونَ لِكَرْبٍ في دِيارِ هِـــمُولا تُــشــاغِــــلُهُـم آلامُ شَـــــــعْبِهِــــــمُولا لأَوطـــانهمْ إن مَسَّــــها ضَـــرَرٌولا لقـــومِـهِــــمُ إن مـَـسَّــــهُمْ سَـــــقَمُالمُرْ تـــَـدُونَ ثيــابَ الـــذُلِّ مُذ خَنـَــعـو اعَـــبْرَ الأَزقـّــــةِ لا خـِـــزيٌ ولا نـــَـــدَمُعَوْراتُهُمْ لعـــيونِ الكونِ شاخصةٌوالعــارُ في بأسِــــهِمْ فينـا و بُـؤسِــهِمُقد حَــوَّلوا شَــعْـبَهُمْ قُــطعانَ ماشِـــــيةٍحَظــائراً كلُّها تـــَــأوي بها غَنـــــَــــــمُوالماءُ يــَــــطفحُ في الأفـــــواهِ يُغْلِقُـــــــهـاوالصمتُ يــُطبِـقُ لا يَعلــو لَهمْ كَلِمُسَـــيّانَ بــين قطــــــيعٍ لا رُعـــــاةَ لـَــــــــهُوأُ مــَّــــةٍ هَزِئـــتْ مــن بؤسِـــــها الأُمــــمُعاثَ اللصــوصُ فســاداً في حَظائِرِهاوشَـرَّعـوا للــذئابِ الغـُـــبْرِ بابــَــــهـُــــــمُيا خالدَ الذكرِ قُم فيهم لـِتلْعَنـَهُمْيا خالدَ الذكرِ وابصِقْ في وجوهِهِمُسَـيـَغْسـِلُ النيــــلُ عـــارَ الخانـِــعينَ بـِـــهِوسَــوفَ يَصْـحــو عَلى أَوجــاعِــهِ الهَــــرَمُوسَـوفَ تعـصِفُ في بـَغــدادِنـا حِــمَمٌوسـوفَ تـَغـْـرُبُ عـن أوطــانِنا الـظـُـلـَـــــمُوســوفَ تـَغْــــفُو على أَهْـــــــدابِنا قـِـيَمٌأَوْدَعْـتَ راياتـِها فيهِمْ وَكُـنْتَ هُـمُوسـوفَ تَسـكُنُ في أحداقِنا مُــــثُلٌأحْــــيَـيْتــَها ونـــــداءٌ صـــــــارخٌ عَــــــرِمُوسَـوفَ نَمـضي بِســاحاتٍ عَــبَرْتَ بِهـاحتـى نـُطَـهِّـرَها من عارِ رِجْسِــــــــهِمُوسـوفَ تَـعْــبَـقُ بالأَزهــــارِدَوْحَـتُــناوسـوفَ يخــفِـقُ في عَــــــــلْيـائِنا العَلـــَـمُوسَـوفَ يرتحــلُ المُــــحْتَـلُّ عـن وَطَنــيوسَـوفَ ينكَسِرُ البـــاغي ويـَـــنْهَـــزِمُقُمْ من ضَريحِكَ عبدَالناصِرِاكتَْحَلَتْبِكُحْلِ عَينـَـيْكَ واخْضَـلَّتْ بهاالدِيـَــمُكلُّ العـــيونِ التي كُنتَ الضياءَ لهاعند الدَّياجي وكُنتَ الفجرُ يـبـتسمُكلُّ الشــفاهِ التي أَحييـْـــتَ بَسْـــمَتَهاكلُّ الجبـــاهِ التي هــــــاماتُها شُكُمُأصْـداءُ صَـوتكَ في أســماعِنا خَفَـقَـتْومِن مَـواطِنـِـهــا تُـــسْـتَنــْـهَضُ الهِـــــــمَمُقُم من ضَريحِكَ أَشـــعِلْ نارَها لَهــَباًأرضَ الكِـنانةِ قُــــم فيهم وقُـــمْ لَهُـمُوقَــبّـِل الشَـمْسَ وارْفَعْ رايةً نَسَـجَتخُــيوطَــها أَنـــْــــــهُرٌ مـــن دمْعِنـــــــا وَدَمُفسـوفَ يـَبزُغُ من بعــدِ الدُّجى غَـسَــقٌوسـوفَ تَــغْـفُـو على أهــدابِنا النـُــجُـــمُيا مـن رَحَلْتَ عن الدُنــــيـا تُوَدِّعُهــــاهَنيــــئةً لَـكَ تلـــــْكَ الغَفْـــــــــوةُ الـــــــَّر ؤُمُكالسِـنـدِيانةِ في الأعمـاقِ راسخةٌجُذورُها كُــنْتَ، والأقزامُ حيثُ هُمُقـد هـدَّ جِـســمَكَ إعـيــاءٌ هَزِئتَ بِهولَـم يَنـــَلْ مــــنكَ إلاّ الغــادِرُ الـسَــقَمُيَمضي العظامُ ولا تمضـي مآثِرُهمْبل يَسْــــتضيُْ بهـــــا رُوّادُ دَرْ بـِــــهِمُفاهـــنأ بمنْــزِ لـةٍ قــد نــِـلْـتَهـا شَـــرَفاًبـين النبــــيّـين وانعَـــمْ في جِنــانــِهـــِــمُ
د. ربحـي حلــوم
26 كانون الثاني(ينـاير) 2008م