الجمعة ١٨ نيسان (أبريل) ٢٠٠٨
بقلم هبة أسعد الشمالي

كابوتشينو ومزاج يوم سيء

واحد .. اثنين …مئة ..مئة وواحد ..مئة وألف ومئتين اثنتين … وألف واحد ….

سئمت سكب أصابعي على أرجوحة العداد، وفي كل مرة أخطئ عدي وأخيط رقع الوقت في جلدي المنسي وأهذي مع أجنداتي البلهاء ومواعيدي الربع جائعة حد الحل والنصف ملغية حد التكرار.

اسمع وقع قدم كبيرا أو قدمين اثنتين تقرعان أرض الردهة المرصوفة برائحة موعد لا يحين، يعرق قلمي ويهوي من يدي كراقصة ضرجتها عيون الساهرين، ينقبض قلبي في جهة عمري اليسرى ويضخني بين سماء وأرض
لمجرد أنني ظننته هو أو لربما أردته أن يكون هو!

يهدأ روعي المشتعل كلما كان الطارق ساعي البريد أو مدقق الحسابات الثخين المتأفف دوما دون داع، وأعود ثانية لأهجع في سرداب مكتبي المثلج، أجهز عدادي وأتلو من جديد بانتظاري المشنوق فوق منفضة دخانه ووريقات سوداء الأطراف ...واحد، اثنين، الرابعة بعد النصف والنصف بعد الدهر والدهر فوق الانتظار ولا يأتي هو.

طقس مكتبي يجتاح حرارة جسدي، ذبذبة شفتي وألوان انصهاري الفوق بنفسجية حد العمى، كم أرغب بتغيير مزاج يومي السيئ دون أن يحقنني شوقي برؤياه. ضعيفة هي المرأة أحيانا وان استفحلت على عاطفتها حد اللاحد، فهي تذوي من نظرة ذلك الشيئ –الرجل-.

انتصبت في مكتبي اعتري مراسيم حنيني الفاضحة ويأسي المستشهد على كف من جنون، اقضم مستنداتي بعيني وأرصفهم في حنايا حقيبتي وابكي واضحك واصرخ وارتمي واخرج من ملة إيماني وعدادي الوقتي. قلبي يضعفني ويرتجف من جديد كشوكة في عمود عمري الفقري، الم شهيقي في قبضتي حتى أقاوم قرع خطاه وصهيل بحته الآتية من أقصى الردهة.

رويدا رويدا بدأ يتسلل عطر "جورجيو ارماني " إلى أوردتي، إلى دمي، إلى تفاصيل جسدي، إلى طائل روحي وأخذت تهلكني على مهل ككرة ثلجية ترتطم بالنار، خانتني قواي وارتميت على أريكتي كبلهاء مراهقة تفزع من قصائد عنترة العبسي ووشوشات نزارية.

سمعته يقترب من ماكينة "الكابوتشينو" التي أدمن على شربها آخذا بتحضير واحدة له، اسمع صوتها تضخ الحليب الذائب في قطع السكر فيهيأ لي أنها تضخني في عطرة في كله، يحملني ضعف وتعلو ضربات قلبي حد الخرس فأخاف أن يسمعها.

اخذ قهوته ودخل مكتبه، ورحت أنا الم فتات انفعالي الأرعن
غير المبرر، احزم غثياني وأتقدم إلى اللامكان ليخرجني من دائرة ظله الرمادية.

بخطوة وعرج رعشة اقرع بابه ..

أتمتم بتردد يستعيد أنفاسي : " استأذن لقد انتهى دوامي".
كان يقبض على خصر مستند بين يديه بقوة، لا يرفع رأسه ولاعينيه الجارحتين اليً.
أجاب " حسنا، مع السلامة "

بثلاث كلمات اختصر فاجعتي العاطفية واختصرت أنا يوما آخرا جرعت فيه عطر هذا الرجل كمدمنة.
كان مشغلي وكنت موظفته دون أدنى تحفظات.
موظفة تستنشق هواه وتمارس عقدة التعداد الزمني للدقائق الميتة منذ عرفته كاظمة كلها اليتيمة.
واحد... اثنين ..


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى