الجمعة ٢٧ تموز (يوليو) ٢٠٠٧
بقلم أحمد محمود القاسم

كتاب ألف سؤال وجواب عن مدينة بيت المقدس

يعتبر كتاب ألف سؤال وجواب عن مدينة بيت المقدس، من الكتب القيمة، التي لاقت استحسان الجماهير العربية عامة والفلسطينية خاصة، لما يحتويه الكتاب، من معلومات تاريخية قيمة، عن مدينة بيت المقدس، تفند الكثير من المعلومات الخاطئة التي تطرحها الدعاية الصهيونية، وترددها الأبواق العربية الإعلامية بدون وعي او تمحيص، ولأهمية الكتاب الثقافية والعلمية، فقد اعتمده وزير التربية والتعليم السابق لكي يوضع في مكتبات مدارس التربية والتعليم كافة، وأود هنا في هذا المجال، عرض بعض الأسئلة والأجوبة المنتقاة خصيصا، لكي يضطلع عليها القاريء العربي عامة، والفلسطيني خاصة، ليرى مدى أهميتها، ويرى كم من المعلومات الصحيحة التي يملكها في ذهنه عنها، وهذه نماذج لبعض الأسئلة:
 سؤال-1:
من هم الكنعانيون؟ وما هو موطنهم الأصلي؟ وأين سكنوا؟ ومنذ متى سكنوا في مدينة بيت المقدس؟ ومن هو أهم ملوكهم ؟ ومن هم اليبوسيون ؟ وما هي ديانتهم؟ ومن هو من ملوكهم اول من بنى مدينة بيت المقدس وحكمها ؟ وما هو البناء الذي بنوه؟

 جواب-1:

أصل كلمة الكنعانيين (كنع) أو(خنع)، ويرجح بأن الاسم الأول هو للجد الأول كنعان، وهم من العموريين، وهم قبائل عربية، هاجرت من شبه الجزيرة العربية، إلي بلاد الشام وفلسطين، ومنهم الفينيقيون و اليبوسيون والآراميون والآشوريون والبابليون و الهكسوس. ومصطلح (كنعانيون) قد يعني ما له علاقة بصناعة صباغة الجلود، الأرجوان والألوان، أو الاتجار بها، والتي كانت مهنة السكان في العصر البرونزي، و الكنعاني هو تاجر البضائع الأرجوانية، وهناك قول أن الاسم مشتق من الفلاحة، و الكنعاني، هو الفلاح الذي يسكن في المروج أو العامل بالزراعة، و الكنعانيون تعني أيضا، شعب الجبارين، وموطن الكنعانيين الأصلي هو شبه الجزيرة العربية، وارض نجد والحجاز واليمن، وسكن الكنعانيون أرض فلسطين، وسكن الآراميون أرض بلاد الشام، وسكن الفينيقيون أرض لبنان، وسكن البابليون أرض العراق، ما بين النهرين، وسكن الآشوريون أراضي شمال العراق، وهم أول من سكن ارض فلسطين الحالية، ومدينة بيت المقدس، منذ حوالي 3500 عام قبل الميلاد، وعرفت الأراضي التي سكنوها وأقاموا عليها حضارتهم، باسمهم (أرض كنعان). وأهم ملوكهم هما الملكان (سالم وملكي صادق) وواضح من اسميهما بانهما كانا من العرب.

اليبوسيون هم بطن من بطون القبائل الكنعانية، التي كانت قد هاجرت من شبه الجزيرة العربية، وسكنت داخل الأراضي الفلستينية (لم تكن بالطبع في ذلك الزمان تعرف بفلسطين) وهم أول من سكن وبنى مدينة بيت المقدس، وهذا حدث قبل (3500) عام ق.م.

عرف عن اليبوسيين بداية حياتهم، بأنهم كانوا وثنيين، ثم تحولوا إلى عبادة بعض الآلهة، وقد عرف عن بعض ملوكهم، وهو الملك (ملكي صادق) بأنه كان من الموحدين، ومن الأنبياء، و كان يملك كهفا قريبا من ضواحي القدس في ذلك الزمان، ويستعمله للعبادة والاعتكاف، وكانت تربطه علاقة صداقة، مع سيدنا إبراهيم أبي الأنبياء، وقد زار سيدنا إبراهيم الملك ملكي صادق في مدينة بيت المقدس، أثناء رحتله من بلاد ما بين النهرين عبر مدينة (حران)، واتجاهه إلى مدينة بيت المقدس، حيث أستقبله الملك ملكي صادق وأكرمه وقدم له الخبز و الخمرة فقدم سيدنا إبراهيم بدوره لملكي صادق هدايا كان قد غنمها، وهذا يؤكد بأن اليبوسيين كانوا من العرب الموحدين. أول من حكمها من ملوك اليبوسيين هو الملك (سالم)، ويقال بأن مدينة بيت المقدس كانت تدعى بمدينة (أور-سالم) نسبة إلى الملك سالم، ومعناها عند الكنعانيين (مدينة السلام)، وقد تطور هذا الاسم مع مرور الزمن حتى أصبح على حالته اليوم. وإن أول من بناها هم العرب اليبوسيون، وبنوا فيها حصناً خاصاً، ليتحصنوا به في حال الحرب، كما بنوا حولها سوراً من الطين.

 سؤال-2:
من هو الملك (ملكي صادق) ؟ وهل كان نبيا وما هي ديانته ؟ وما هي العلاقة بين (ملكي صادق) والنبي إبراهيم عليه السلام ؟
 الجواب-2:
(ملكي صادق) هو ملك اليبوسيين، ومعروف عنه، أنه كان من الملوك الموحدين، ويقال انه كان من الأنبياء، وقد أحبه الملوك الذين كانوا موجودين في المنطقة المحيطة بمملكته، ويقدر عددهم بحوالي (10 إلي 12 ملكا). أحبوه لدماثة خلقه، ويقال بأنهم عينوه ملكا عليهم، وسموه (بملك الملوك)، وكان الملك ملكي صادق، يذهب إلي أحد الكهوف القريبة من مدينة يبوس للتعبد، واسمه يعنى بالكنعانية (ملك البر) أو (ملك العدل)، عرف عنه أيضا بأنه كان من المؤمنين بديانة التوحيد، ولهذا يعتقد بأنه كان من الأنبياء الصالحين كسيدنا إبراهيم، وحسب ما جاء في كتب التاريخ، بأن سيدنا إبراهيم، كان قد قام بزيارة الملك (ملكي صادق) على ارض يبوس، وقد رحب به ملكي صادق أحسن ترحيب، وقدم له الخبز والخمر، دليلا على حبه وإكرامه له، ودليل على التقائهما وتفاهمهما، وكان هذا أثناء الرحلة التي قام بها سيدنا إبراهيم، عندما غادر الأراضي في منطقة ما بين النهرين من مدينة (أور) عبر مدينة (حران) عابراً نهر الفرات، وكان متجها إلى جبل (نابو) أو جبل (موريا) في الأراضي الكنعانية، في مدينة بيت المقدس. كما يقال بأنه قدم إلي ملكي صادق بعض الهدايا كجزية للمرور عبر أراضيه.

 سؤال-3:
ما هي حضارة الكنعانيين؟ وما هي أسباب هجرتهم من بلاد الجزيرة العربية؟ ومن أين استدل على حضارتهم؟ وبماذا عملوا ؟ وما هي أهم زراعاتهم ؟ و أهم صناعاتهم ؟
 جواب-3:
الشعوب الكنعانية لم تكن شعوبا مهاجرة، فاستقرت بالبلاد، وعملت بالزراعة وتربية الأغنام والمواشي، وعملها بالزراعة كان من أهم أسباب تمسكها بالأرض واستقرارها، وعدم تنقلها من مكان لآخر، وكانوا في بادئ الأمر متفرقين، وكانوا يمثلوا دولا مدينيه عدة تتقاتل فيما بينها، وكانوا يتحدوا إذا واجهوا خطرا خارجياً، خاصة من قبل الحثيين أو الفراعنة المصريين ثم اتحدوا بحكم الطبيعة وغريزة الدفاع عن النفس، فكونوا قوة لهم، واستطاعوا بعدئذ أن يغزوا البلاد المجاورة لهم، فأسسوا لهم كيانا ومجدا، وقد أشتهر الكنعانيون ببناء القلاع والأسوار وبناء الصهاريج فوق أسطح المنازل، كما حفروا الأنفاق الطويلة تحت الأرض لإيصال المياه إلى القلاع، واستعمل الكنعانيون في الحرب الحصان والمركبات الحربية، والأسلحة المصنوعة من الحديد والقوس و النشاب والخنجر القصير والسكين المعقوف، وبالرغم من قدرة الكنعانيين على صناعة كافة الأسلحة الحديدية إلا إنهم وصفوا بكونهم شعبا غير مقاتل، بل مسالم، فقد كانوا دوما شعبا يدافع عن نفسه ولا يهاجم أحداً، وهذا ما جعل الكثير من الأمم تتغلب عليهم من بلاد الفراعنة، وبابل وبلاد الحثيين ومقدونيا، وكانوا يفضلون دفع الضرائب والإتاوة على الحرب، وقد برع الكنعانيون بالفنون الموسيقية والطرب والغناء.

يعود السبب المباشر في هجرتهم، لما أصاب شبه الجزيرة العربية وارض نجد والحجاز واليمن، من القحط والجفاف الكبيرين، استدل على حضارتهم، من الألواح التي اكتشفت في صعيد مصر، في معبد الكرنك في (تل العمارنة)، والتي تعود أخبارها إلى القرنين الرابع عشر والخامس عشر قبل الميلاد، وهي لوحات مسمارية كتبت باللغة الأكادية، و موضوعاتها عبارة عن مراسلات حدثت بين ولاة الأقاليم، وحكام وملوك الفراعنة في مصر، وهي عبارة عن 360 لوحة من الآجر، وقد تم العثور على ألواح تل العمارنة في العام 1887م، ومن مكتشفات (أبلا)، ومن النصوص التاريخية لرحلة سنوحي المصري، الذي كان قد مر بفلسطين، ويفهم منه أن فلسطين لم تكن تحت الحكم المصري مباشرة، واستدل أيضا، مما اصطلح على تسميتها (كتب اللعنات) المصرية الأثر، وهي عبارة عن منقوشات خشبية أو على جرار فخارية احتوت على الكثير من الكتابات ويقدر عددها بنصف مليون لوحة وجرة. ومن الألواح التي اكتشفت أيضا ألواح في (تل ماري)، وكل هذه الاكتشافات تعتبر من أفضل الوثائق المؤرخة للعصور الغابرة، فيما يخص بلدان مثل سوريا ولبنان وفلسطين والعراق.

عمل الكنعانيون في الزراعة، وهم أول من عرفوا زراعة الزيتون في تلك البلاد، وعلموا الأقوام الذين جاءوا من بعدهم كيفية زراعتها أيضا، مثل بني إسرائيل من اليهود، وكذلك عملوا في صناعة الفخار والنسيج وصناعة الملابس والأثاث، وعرفوا المعادن والتعدين وبرعوا في صناعة الذهب والأسلحة الحديدية فصنعوا القوس و النشاب والرمح والترس والمركبات الحديدية، ووضعوا الشرائع والقوانين، واخذ بنو إسرائيل عنهم الكثير من الحضارة، وأيضا أخذوا من أفكارهم ومبادئهم، ومن أعمالهم الهامة أنهم اخترعوا حروف الهجاء فأوجدوا الكتابة ونشروها في الكثير من البلاد، ولديهم الكثير من الكتب الأدبية والأشعار والأغاني والملاحم والموسيقى وآلاتها المختلفة. ولكن اليهود طمسوا كل حضاراتهم في كتاب التوراة، وسرقوا تراثهم ونسبوه إليهم، وقللوا من وجودهم عبر الأزمان، وتأثيرهم على الأقوام الأخرى، ونسبوا كل شيء منهم إلي أنفسهم، ومن أهم زراعاتهم التي اشتهروا بها زراعة أشجار الزيتون والعنب والتين والحبوب كالقمح والشعير وأشجار الفاكهة كالرمان والنخيل والتفاح والأعشاب التي نعرفها اليوم.
كانت أهم الصناعات لديهم، صناعة الفخار، والزجاج والنسيج والنقوش الخزفية، والمصنوعات الخشبية، التي كانوا يصنعونها من خشب الزيتون، والأصباغ ودباغة الجلود كما برعوا في فن العمارة، فبنيت منازل الملوك والأغنياء داخل الأسوار من الحجارة المنقوشة، وفي داخل البيوت، استعملوا الأسرة والكراسي والفخار، وأدوات المطبخ المتنوعة، وكانت مفاتيح بيوتهم ضخمة وتصنع من الحديد أو الخشب.

 سؤال-4:
هل كان للكنعانيين نظم وقوانين تحكمهم وتنظم حياتهم ؟ وما هي أسماء آلهتهم ؟
 الجواب-4:
نعم كان لديهم نظم وقوانين تحكمهم، فقد كان لهم نظم وقوانين وحضارة تتقدم على كافة الأقوام القريبة منهم، وكتب ومؤلفات في الموسيقى والأدب والفنون، ولهم أفكارهم ومبادئ مميزة، تميزهم عن غيرهم، وهذا كله جاء شرحه في الألواح التي اكتشفت في (تل العمارنة) في مصر، و(إبلا)، ومما اصطلح على تسميتها (كتب اللعنات)، وهي عبارة عن مجموعة كبيرة من الصحون والأواني الفخارية والجرار والدمى. وقد عبد الكنعانيون في البداية الأصنام، فقد كانوا وثنيين، ومن آلهتهم الإله العظيم (آيل) الذي آمنوا به، وبأنه هو الذي يبعث المياه في الأنهار، ويسقط المطار فيجعل الأرض تفيض بالعسل، وهو القادر على كل شيء، و(بعل) وبعلة ومعناه الرب أو السيد، وهو اله الشمس، وما زالت كلمة بعل، تستعمل ليومنا هذا، بمعنى الزوج أو السيد، وكذلك هناك الآلهة (حدد) أو (هدد)، و (آنو) و(شماش و(شمش).

 سؤال-5:
من كان ينتمي للكنعانيين من الأمم ؟ وما هي أسماء المدن التي أنشأها الكنعانيون؟
 الجواب-5:
كان ينتمي إليهم كلا من البابليين والآراميين والفينيقيين و اليبوسيين والآشوريين و الهكسوس ويقال حتى الفراعنة، وقيل أيضا بأن الكنعانيين هم العموريون وأن العموريين هم الكنعانيين. كما قيل أيضا بأن الفينيقيين هم الكنعانيون، وبأن الكنعانيين هم الفينيقيون، ولكن الكنعانيين، كانوا متمسكين باسمهم، ولم يتخلوا عنه قط، ويقال أيضا بأن أرض الكنعانيون، كانت تمتد من بلاد (اوغاريت) في بلاد الشام، إلي أراضي قطاع غزة في الجنوب في هذه الأيام.
من اشهر مدنهم التي انشأوها مدينة (يبوس)، وهي اليوم تعرف بمدينة (بيت المقدس) و شكيم، وبيت شان و مجدو وبيت أيل و جيزر و اشقلون وتعنك وغزة، والبعض من هذه المدن ما زال قائما الى يومنا هذا، وان اختلفت الأسماء باللفظ قليلا، عما كانت عليه في السابق، وقد أنشأوا معها الحصون والأسوار من أجل العمل على حمايتها، وكان هذا في العام 2000 ق.م. إلى العام 1600 ق.م ومن أقدم المدن التي أقاموها في العالم هي مدينة (أريحا) التي بنوها، وبنوا حولها الأسوار، وقيل بأنها بنيت قبل سبعة آلاف عام قبل الميلاد، وبناءا على ذلك يعتبر الكنعانيون أول الأقوام التي سكنت فلسطين وأقاموا عليها حضارة عظيمة.

 سؤال-6:
ما هو النمط الأول للخط الكنعاني ؟ وما هو اصل الخط العبري ؟ وما هي اللغة التي كانت سائدة بين القبائل الكنعانية ؟ وهل كان لدى الكنعانيين كتب ومؤلفات؟
 جواب-6:
النمط الأول للخط الكنعاني، كان يعرف باسم(السينائية)، وهذا النمط من الخطوط هو الذي أخذه العبرانيون عن الكنعانيين، واعتمدوه لغة لهم، ويدعي العبرانيون والإسرائيليون أن اللغة الكنعانية القديمة هي اللغة العبرانية، وهذا ادعاء غير صحيح.

الخط العبري أصله خط كنعاني قديم، وهو الخط الكنعاني الأول القديم، ولكن اليهود عملوا على تطويره عن الخط الاوغارتي و السينائي ونسبوه إليهم، واللغات التي كانت سائدة بين القبائل الكنعانية عدا اللغة الكنعانية (اللغة الأولى والأصل)، اللغة البابلية ومن ثم اللغة العبرانية والآرامية. نعم، لقد عرف عنهم بأنه كان لديهم كتب ومؤلفات كثيرة في الأدب والشعر والموسيقى والملاحم والقصص بكافة المجالات، وكانت لديهم لغة خاصة بهم، هي اللغة الكنعانية، وقد نشروها في محيطهم، وهم أول من اخترع الكتابة والأحرف.
 سؤال-7:
كيف كانت علاقة الكنعانيين بالعبرانيين ؟ و أيهما كان أكثر حضارة، الكنعانيون أم العبرانيون ؟ وما هي العلاقة بين الكنعانيين والفراعنة ؟
 جواب-7:
كانت العلاقة عدوانية، خاصة من قبل العبرانيين، فالعبرانيون كانوا دوما ينتهزون الفرص السانحة، ويحاولون الاستيلاء على أراضيهم ومزروعاتهم وحيواناتهم وصناعاتهم، وطردهم من أراضيهم، و يحاولون أسرهم واستعبادهم، لاستغلالهم في العمل عندهم، فكان الكنعانيون يقاومونهم باستمرار، ويتغلبون عليهم في اغلب الأحيان، علما بأن الكنعانيين بداية، هم الذين سمحوا لهم بالإقامة في أراضيهم، وتعاطفوا معهم، وعلموهم فنون الزراعة والصناعة الفخارية والمعدنية والكتابة، وأسس النظم والإدارة والآداب والموسيقى والغناء والرقص وكافة الفنون، و الكنعانيون كانوا أكثر حضارة من العبرانيين بعشرات المرات، بل مئات المرات، لأن الكنعانيين اشتهروا بالزراعة، وكانت قبائلهم قاطنة لا تحب الترحال عن أراضيها طلبا للماء أو الكلأ، كما هو الحال بالنسبة للعبرانيين، الذين كانوا بدوا رحلا وهمجيين وشرسين جاءوا من الصحراء، وكانوا يرحلون في كل مكان، بحثا عن الماء والكلأ، وبذلك كانوا قوما عدوانيين، يقاتلون أصحاب الأراضي الأصليين، حتى يأخذوا منهم طعامهم وغذاءهم، أما الكنعانيون فقد عرفوا اللغة، واخترعوا الكتابة، وكانت اللغة الكنعانية لغة خاصة بهم، وكان لهم مؤلفاتهم من الكتب، كما عملوا في صناعة الخزف والفخار وصناعة النسيج، وبنوا المدن والحصون، والأسوار حول مدنهم، وكانوا شعبا مسالما، غير عدوانيين، لأنهم كانوا يتمتعوا بدرجة عالية من الحضارة والإنسانية، لكن العبرانيين كانوا بدوا غير متحضرين واستولوا على حضارة الكنعانيين ودمروها ولم يبقوا منها شيئا، كما أنهم سرقوا منها الكثير ونسبوه إليهم، وادعوا بأن اللغة الكنعانية الأولى هي لغتهم.

كان الكنعانيون كثيرا ما يستعينوا بملوك الفراعنة في مصر، لصد عدوان وغزوات العبرانيين عنهم، التي كانت متواصلة ضدهم، من أجل نهب خيرات أراضيهم، وصناعاتهم، وكانوا أيضا يزاحمونهم على الأرض، على الرغم من أن الكنعانيين كانوا يساعدونهم ويتعاطفون معهم، ولكنهم عندما كانوا يلاقوا منهم قتلا وتجريحا كثيرا، كانوا يستعينوا بالفراعنة عليهم، مقابل أن يدفعوا للفراعنة مبالغ نقدية، أو مواد عينية من المواد الغذائية وغيرها.

 سؤال-8:
ما هو الاسم الذي كان يطلق على أرض فلسطين، أيام الكنعانيين، وفقا لما جاء في كتابات الفراعنة المكتشفة في (تل العمارنة) و(كتب اللعنات)؟ وهل كان للفراعنة نفوذ على الكنعانيين في فلسطين، وكيف كان ذلك ؟ وهل كان للحماية الفرعونية للأراضي الكنعانية، أهمية بالنسبة للفراعنة في مصر ؟
 جواب-8:
وفقا لما جاء بالألواح المكتشفة في (تل العمارنة) في الأراضي المصرية، فقد كان الفراعنة يطلقون على فلسطين اسم (ريتنو).
كانت السيادة على فلسطين في بعض الأحيان تعود للفراعنة في مصر، خاصة بالفترات التي تعرضت فيها القبائل الكنعانية إلى غزوات كبيرة من قبل العبرانيين، وكان الكنعانيون هم من يطلب الحماية والمساعدة من ملوك الفراعنة، مقابل أن تكون أراضيهم خاضعة للسيادة الفرعونية لحمايتهم من الغزاة العبرانيين، خاصة وان ملوك الفراعنة لم يكن لديهم أطماع في الاستيلاء على أراض الكنعانيين وممتلكاتهم. كان الفراعنة يحصلون على المواد الغذائية وغيرها من المواد المفيدة، مقابل حمايتهم من الغزو العبراني.

كان ملوك الفراعنة يعتبرون أرض كنعان خط الدفاع الأول عنهم، ضد الغزاة الطامعين، كما كانوا يعتبرونها ممرا هاما لتجارتهم مع الأقوام الأخرى.
وقد تبين لهم هذا عندما غزاهم جيش الهكسوس، ولم يتوغل الفراعنة بأراضي الكنعانيين، عندما راحوا يلاحقون القبائل الهكسوسية لأكثر من الأراضي الواقعة في جنوب فلسطين، كمنطقة أراضى قطاع غزة اليوم.
 سؤال-9:
لماذا سميت الأراضي الكنعانية بالأراضي التي تدر لبنا وعسلا ؟
 الجواب-9:
لكثرة ما عرف عن خيراتها من الزيتون والخضار والفواكه والعسل واللبن والعنب واللحوم وغيرها، حيث كانت أراضيهم خصبة، وكثيرة الماء وتدر خيرات كثيرة وأهلها ينعمون بالخير، وليس لديهم مشاكل غذائية.

 سؤال-10:
لماذا عمد عزرا و كتاب التوراة إلي تهميش الكنعانيين في كتاباتهم ؟ وما هي علاقة العبرانيين بالكنعانيين وبأرض كنعان ؟ ومن هو الملك العبراني الذي قضى على حكم الكنعانيين ؟ وهل كان للملك داود أرض يملكها في ارض كنعان، وما هو الدليل على ذلك ؟

 جواب-10:
تهميش الكنعانيين يصب في مصلحة العبرانيين، حيث حاول عزرا وتلامذته وأعوانه عند كتابتهم للتوراة، من التقليل (ما أمكنهم ذلك) من أهمية الكنعانيين، ووجودهم بالأراضي الكنعانية، واعتبروهم على هامش الحياة، وتعمدوا عدم ذكرهم، على أنهم أصحاب الأرض الشرعيين، وبأنهم أول من سكنوا هذه البلاد، ولديهم حضارة وزراعة متقدمة، وصناعات فخارية، ونظم وقوانين وقيم وأخلاق، ولديهم كتب ومؤلفات ولغة خاصة بهم، فالعبرانيين على عكس ذلك تماما، لذا همشوا الكنعانيين وزوروا حضارتهم ونسبوها لأنفسهم، وكأنهم هم أساس الحضارة والرقي، وباقي الأقوام والشعوب حثالات وحيوانات خلقوا لخدمتهم فقط.

والعبرانيون هم جماعة من البدو الرحل، دخلوا فلسطين صدفة، حيث كانوا يبحثون عن الكلأ والماء، ويقال بأن العبرانيين هم جماعة سيدنا إبراهيم الذين عبروا نهر الفرات في ارض العراق وهم في طريقهم الى أرض فلسطين، ويقال أيضا بأنهم جماعة النبي موسى، الذين عبروا نهر الأردن مع النبي يوشع بن نون باتجاه غرب النهر، بعد أن تاهوا في الصحراء المصرية، (صحراء سيناء) أربعين عاما، وكان يطلق عليهم في ذلك الحين (العبرو أو العابيرو) أي المارين مر السبيل، ولكنهم عندما دخلوا إلى الأراضي الكنعانية زمن ملكهم (يوشع بن نون) وشاهدوا بأم أعينهم مدى تقدم الكنعانيين، وتقدم زراعاتهم وغناهم، طمعوا بأرضهم و بخيراتها، فبدأوا بالعمل على الاستيلاء عليها، عن طريق القوة والتهديد بالسلاح، على الرغم من أن الكنعانيين كانوا قد سمحوا لهم بالإقامة في بعض الأرجاء من ارض كنعان، ومنحوهم الفرصة لاستغلال أرضهم، وعلموهم طرق الزراعة، كزراعة الزيتون والفواكه والحبوب، إلا أنهم حاولوا دوما السطو عليهم وسرقتهم، ومهاجمتهم، وسرقة أغلالهم ومزروعاتهم وأغنامهم، وسبي نسائهم، وأسر رجالهم لاستخدامهم لديهم عبيدا، علما بأن العبرانيين، ليس لديهم أي رابطة تربطهم بأرض كنعان، فهم قوم غير مرتبطين بالأرض أصلا، كونهم من البدو الرحل، ومن رعاة الأغنام والإبل.
الملك (داود)، هو أول ملك عبراني قضى على حكم الكنعانيين في مدينة بيت المقدس، وكان هذا في العام 1000 ق.م، حيث احتل مدينة بيت المقدس، وكان الملك داود قد قدم بقواته من منطقة الخليل، جنوب مدينة بيت المقدس، واستولى على المدينة المقدسة بعد قتال طويل، وقد دامت مملكة اليهود 69 عاما، ولكنها تمزقت بعد موت سيدنا سليمان عليه السلام، الوارث للملك عن والده النبي داود، وقد دخل الملك داود مدينة بيت المقدس، من خلال النفق الذي يربط عين جيحون في بلدة سلوان والمدينة القديمة، وفاجأ الحامية الموجودة، وتمكن من القضاء عليها، ودخل المدينة واحتلها كاملة.

لم يكن للملك داود أرضا يملكها في مدينة بيت المقدس، والدليل على ذلك، انه لما أراد أن يبني له محرابا، اشترى بيدرا من (أرونا اليبوسي)، وأرونا اليبوسي هذا كان يملك أرضا (بيدرا) في منطقة القشلة حاليا، وباعه للملك داود، كي يبني له عليه محرابا، كي يتعبد فيه، وهذه الحادثة موثقة حسب الأصول، ولا يمكن لأحد إنكارها، ويقال بأن (القشلة) الحالية هي المحراب الذي بناه الملك داود، وقد تكون هذه القشلة قد جددت عبر عصور الزمن.

 سؤال-11:

لماذا كان يفضل الكنعانيون حكم الفراعنة، على حكم العبرانيين ؟

 جواب-11:

لأن ملوك الفراعنة، لم يكن لديهم أية مطامع باستعباد الكنعانيين أو الاستيلاء على أراضيهم وممتلكاتهم، ولم تكن لهم مطامع في خيراتهم، وكان الكنعانيون دوما هم من يطلبوا من ملوك الفراعنة مساعدتهم وحكمهم لهم، والسيادة عليهم في بعض الأحيان، حتى يخلصونهم ويحمونهم من العبرانيين الهمجيين والأشرار الذين لا يحفظوا الجميل، و يخططون دوما للعدوان المتواصل ضدهم. حيث كان الكنعانيون يحترمون الفراعنة وملوكهم مقابل حمايتهم من أية أطماع خارجية، ويقدمون لهم المواد التموينية والمواد التي يحتاجها الفراعنة.فلم يكن للفراعنة أية أطماع في الاستيلاء على الأراضي الكنعانية بخلاف العبرانيين.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى