الاثنين ٢١ أيار (مايو) ٢٠٠٧
بقلم زياد الجيوسي

مع سناء لهب ونزف ليلي

هو النزف ..نتحامل على أنفسنا نهارا عازفين على وتر الحياة لننزف ليلا، هناك حيث سكنات الليل وألم الوحدة، فيكون النزف والألم والوحدة والتوحد، حينها نغني مع الألم وفوضى الحواس، ننتظر قطارا لن يعود ونبقى في محطة ملت الانتظار..

نحن الذين بلا وطن ولا سماء نبحث عن الواحة في الصحراء القاحلة، بعد طول التجوال في المرافئ والبحار على زورق تتقاذفه الريح وتلاطمه الأمواج، يقتلنا البرد والريح وتأكلنا العتمة، نهتدي بنجم ضائع في السماء ولا نمل من البحث والتجوال.

حين نعثر على شاطئنا وتظلنا شجيرات الأثل وتضمنا الواحة ونغفو، نرتاح ونحيا على الأمل والحب، فنحرق المركب الذي حملنا معتمدين على واحة حب ظننا ستظلنا أبدا..فنقع في فخ الحب نتساقط قطرا، فننسى الإبحار والبحار ولا نرى إلا حوريات بحر تتراقص طربا وجنيات الليل تحمل قيثارات تعزف عليها فوق الغيوم، فنطير إلى عالم قمري جميل نستظل فيه هناك تحت ياسمينة قمرية حيث التقت المجرات..

نغمض عيوننا وأسماعنا فلا نستمع لصوت القطار القادم من البعيد، فيحمل الشوق معه إلى محطة أخرى أو إلى رحلة بعيدة، فنبقى على وهم الانتظار نفترش محطة القطار متلفعين بالغيوم، مستدفئين على وهج النجوم لا نحمل معنا إلا فنجان قهوة ولفافة تبغ تحرقنا كما نحرقها، وسِفر خططناه آهات ودموع أشواق، ونبقى على رصيف المحطة ننتظر وننتظر، دون أن ننتبه أن القطار باتجاه واحد لا يعود ولا يعرف طريق العودة.
دون أن ننتبه أن بائع البطاقات قد دمغ بطاقة الرحيل بعبارة "اتجاه واحد".

ننسى أو نتناسى أن الحب قد رحل حاملا معه ما قد مضى، نضحك على أنفسنا ونصر على الانتظار، والمسافر قد الصق وجهه على بلور القطار مستمتعا ببرودته لعلها تطفئ بداخله بقايا جذوة من نار، بقيت في تلافيف الذاكرة حين قرر الرحيل، ناظرا باتجاه يتناسب مع مسيرة القطار باتجاه واحد، قد يبقى في القطار وقد يصيبه الملل، فينزل ليستريح في محطة أخرى وواحة أخرى ليعاود المسير، فبطاقة القطار ذات الاتجاه الواحد ما زالت سارية المفعول.
أما نحن..فنبقى في المحطة ننتظر، وحين يضمنا الليل ننزف من جديد، نشعر بالبرد يجتاحنا فنحن بلا وطن بلا حبيب، فنشرب الليل خمرا معتقا بكافة تلاوين الزمان، يشدنا القهر ألما وذكرى لأسطورة لا تتكرر في زمن الغريب، فلا تهدأ لنا أشواق ولا تنطفئ نيران، نركض على الشاطئ المهجور حيث كان اللقاء أول مرة، فنجد الحوريات الليلية قد حطمت القيثارات وغادرت الشاطئ، نحاول أن ننزل البحر من جديد فتلطمنا أمواجه طاردة إيانا، فلم نعد نقوى على الإبحار ولم تعد لنا مراكب..

فنعود لمحطة الانتظار من جديد، نلملم ذكرى وألم، نحلم من جديد وننادي على حروف قد رحلت فلا نسمع إلا صدى الصوت ورجعه.
نعزف على أوتار قلب

يبتعد القطار
يحمل حبي
قلب أصابه دوار
في المحطة أنتظر
عودة طيفي
بياسمين ونوار

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى