

من المسافةِ صفر
شَاءوا دَمًا بِدَمٍ لا بِالدَّمِ الدَّمعَا
فَسَمِّهِ غَضَبًا أَو سَمِّهُ رَدعَا
مَشِيئَةً آوَتِ الطُّوفَانَ مَحضَ نَدًى
وأَرْسَلَتْهُ كَبِيرًا لَم يَدَع صِقعَا
أَبنَاءُ مَوتٍ بِهِ، نَارٌ عَزَائِمُهُم،
مِن تَحتَ سَقفِ سَمَاءٍ أَشْعَلُوا السَّبْعَا
بَدَوا كَأَنَّ سَرَابًا حَولَهُم، وَمَضَوا
كَأَنَّ جِنًّا أَثَارَت خَيلُهَا نَقعَا
يُؤَكِّدُونَ وُجُودًا بِالفِعَالِ، وَيَسجدونَ
لِلَّهِ إِنْ ضُرًّا وَإِنْ نَفعَا
لَيسُوا بِطُلَّابِ دُنيا غَيرَ أَنَّ لَهُم
أَرضًا يَذُوبُونَ مِن وَجدٍ بِها شَمعَا
تَوَهَّجُوا بَينَ مَقصُوفٍ وَمُنهَدِمٍ
وَهُم يَدُكُّونَ مِن أَعدَائِهِم جَمعَا
مُلَثَّمِينَ، عَلَى آنَافِهِم شَمَمٌ،
قَد جَدَّعُوا غَيرَ أَنفٍ سَافِرٍ جَدعَا
يُبَايِعُونَ عَلَى النَّصرِ الَّذِي وُعِدُوا
أَوِ الشَّهَادَةِ، حَتَّى رَبَّحُوا الْبَيعَا
فَجَاهَدُوا لَم يُبَالُوا الْمُرجِفِينَ- عَلَىٰ
تَثبِيطِهِم- والأَمَانِيْ حِينَ تُستَدعَىٰ
يُحَارِبُونَ عَدُوًّا، قَطعُ دَابِرِهِ
– لَولَا الْخِيَانَاتُ تَترَىٰ- مُمكِنٌ قَطعَا
فَيَقنِصُونَ فُرَادًى كُلَّمَا سَنَحَت
أيُّ الرُّؤوسِ، إذا لم يَقنِصُوا شَفعَا
مِنَ المَسَافَةِ صِفرٍ كَم مُدَرَّعَةٍ!
وَلَيسَ شَيءٌ سِوَىٰ قُمصَانِهِم دِرعَا
– مِنَ المَسَافَةِ صِفرٍ؟ يَا لجَرأَتِهِم!
أَلَم يَعُودُوا؟
*بَلَىٰ، لٰكِن إلَىٰ رُجعَىٰ...
– كَم مَوضِعًا كَانَ فَخًّا؟ قُلتُ: مُعظَمُها
– أَينَ القَطِيعُ؟ *بِفَخٍّ ظَنَّهُ مَرعَىٰ
أَقَلَّهُم أَسَرُوا، أَمَّا بَقِيَّتُهُم
فَمَا يَزَالُونَ حَتَّىٰ يُنزَعُوا نَزعَا
سَمِعتُ مِن قَبلُ بِالْأَبطَالِ،
ثُمَّ رَأَيتُ فِي فِلَسطِينَ
مَن لَم يَدَّخِر وُسعَا
كَيفَ اسْتَطَاعُوا- وَفِي الْأَحدَاثِ مُزدَجَرٌ-
أَن يَكسِرُوا الْوَهمَ، لَا أَن يُحدِثُوا صَدعَا؟!
مِن سَبعِ لَيلَاتِ عَادٍ خِلتُ عَاصِفَهُم
مِن أَنَّ تِلكَ الْلَيَالِيْ أَحسَنَت صُنعَا
فَلَم يَرَ القومُ أَدنَىٰ مِن مَصَارِعِهِم
وَلَا أَرَى الْقَومَ إِلَّا مِثلَهُم صَرعَىٰ
ثَأرًا لِكُلِّ ضَعِيفٍ لَا يَدَانِ لَهُ
ولِلْأَيَامَىٰ وَلِلْأَيتَامِ وَالْجَوعَىٰ
لَا سَامَحَ اللَّهُ أَشخَاصًا بِأَعيُنِهِم
كَمِ اسْتُجِيرُوا؛ فَكَانُوا الذِّئبَ وَالضَّبْعَا!
وَلَا الْوُجُوهَ الَّتِي مِن كُلِّ نَاحِيَةٍ
كَأَنَّما أُغشِيَتْ مْن حَالِكٍ قِطْعَا
عَلَى امْتِدَادِ السِّياجِ اسْتُعمِلُوا حَرَسًا
وَإِن بَكَوا كَالْغَرِيبِ الصَّرفَ وَالْمَنعَا
لَقَد عَرَفنَاهُمُ فِي سَمتِهِم عَرَبًا
عَدَا بُطُولَاتِهِم وَالْقَلبَ وَالطَّبعَا
لَا كَالصَّوَارِيخِ أَجدَىٰ فِي مُعَادَلَةٍ
تُحَلُّ بِالضَّربِ لَا طَرحًا وَلَا جَمعَا
حَمَلتُ نَفسِي عَلَى الْحَلِّ الْبَدِيلِ
وَلٰكِن لَم أَجِد لِسِوَاهَا مِثلَهَا وَقعَا
إِنَّ السَّلَامَ بِصَارُوخٍ وَقُنبُلَةٍ
هُوَ الَّذِي تُرهِفُ الدُّنيَا لَهُ السَّمعَا
فَصْلُ الْخِطَابِ، وَمَا زَالَت رَسَائِلُهُ
مِن غَـزَّةٍ بَعضُهَا وَالْبَعضُ مِن صَنعَا
وَلَم تَزَل فِي الْجَنُوبِ الْحُرِّ طَائِفَةٌ
أَدنَىٰ مَدَافِعِها يَرنُو إِلَىٰ شِبعَا
مُسَيَّرَاتُهُمُ اجْتَازَت... فَلَا هَدَفٌ
أُصِيبَ إِلَّا هَوَىٰ لَم يَستَطِع دَفعَا
لَا حُرَّ إلَّا الَّذِي يَحْتَجُّ مُدَّرِعًا
فِي قَلبُ خَارِطَةٍ شَبعَانَةٍ قَمعَا
إِنسَانُها رُبَّما قَامَت قِيَامَتُهُ
سَعَىٰ لِإحْقَاقِ حَقٍّ أَو بِلا مَسعَىٰ
النَّصرُ فِي حِصَّةِ التَّارِيخِ لَاحَ لَهُ
لٰكِنَّهُ لَيسَ مَعقُودًا لِمَن أَقعَىٰ
ذَاتُ الطَّرِيقِ إلَى الأَقصَى
الطَّرِيقُ إِلَى مَن بِالْعَوَاصِمِ
مِن أَفعَىٰ إِلَى أَفعَىٰ