

مَزَّقْتُ خَارِطَةَ الْغِيَاب
كُـلُّ الثَّـرَى مِـمَّا وَطِـئْــتَ بِلاَدِي
أَفَـيَعْـتِـبُــونَ عَلَيَّ فِـيـكِ جِـهَـادِي؟!
وَأَنَا الَّذِي مُنْذُ ارْتَشَفْـتُ رَحِـيـقَهَا
خَضَّـبْـتُ بَابَ الْخُلْـدِ بِاسْتِشْهَادِي
بَيْـنِي وَبَـيْـنَـكِ بَـرْزَخٌ أَوْدَعْــتُــهُ
لَوْنَ الْحَنِينِ.. وَشَـفَّ عَنْهُ مَعَادِي
وَأَرَى مِنَ الْغَيْبِ الطُّيُوفَ مُضِيئَةً
تَسْرِي إِلَيَّ مِنَ الْمَجَــازِ الْبَــادِي
مِنْ قِـبْـلَـةِ الشُّهَـدَاءِ تَنْـزِفُ قُدْسَهَا
حُــرِّيَّـــةً.. وَتَـــذُوبُ فِي الْآبَـــادِ
وَأَنَا الْمُضَرَّجُ فِي وِشَاحٍ مِنْ دَمِي
وَطَنِي سَــمَـــاوَاتٌ بِغَـيْـرِ عِـمَــادِ
مِنْ هَا هُنَا عَبَرُوا الرَّدَى، وَإِلَى هُنَا
كَالشُّهْبِ قَـدْ رَجَعُـوا مِنَ الْأَجْسَـادِ
مِنْ بُرْهَـةِ الطِّينِ الَّتِي مَـرُّوا بِـهَا
فَـتَـصَاعَـدَتْ نُــورًا بِغَـيْـرِ نَـفَــادِ
وَتَـشَـكَّـلَـتْ لِـلَّــهِ أَرْضِي جَــنَّــةً
اُخْـرَى.. تُـنَـاجِي رَبَّهَـا وَتُـنَادِي
مَنْ قَالَ يَكْتُبُ مِنْ دَمِي أُسْطُورَةً
وَطَنِي الْمُسَافِرُ فِي دُرُوبِ عِنَادِي
وَيَصُوغُ فَـلْسَـفَةَ التُّرَابِ قَصِيـدَةً
بَيْنَ الرُّكَـامِ.. نَــدِيَّــــةَ الْإِنْـشَــادِ
تَحْكِي قَـوَافِــيـهَا الَّتِي أَدْمَـنْــتُـهَا
أَنَّ النُّعُـوشَ مَـشَـاعِـلُ الْأَمْـجَـادِ
أَنَّا هُـنَا نَـبْـضُ الْحَـيَـاةِ وَغَـيْـرُنَا
مَوْتَى بِلَا مَـوْتٍ.. وَكَـوْنُ رُقَــادِ
أَنِّي امْـتِـدَادُ الْعَابِـرِينَ بِلاَ صَدًى
نَحْـوَ الْيَقِـينِ.. وَصَفْـوَةُ الْأَجْـنَـادِ
مَـزَّقْـتُ خَارِطَــةَ الْغِيَـابِ لِأَنَّنِي
عُـنْـوَانُ هَذِي الْأَرْضِ مِنْ آمَـادِ
مُـذْ لاَذَ بِي حَجَرِي الَّذِي صَوَّبْتُهُ
بَيْنَ الرُّجُومِ.. وَثُرْتُ مِنْ أَصْفَادِي
مُنْـذُ ارْتَجَلْتُ مِنَ الْجِرَاح قِيَامَتِي
وَأَسَلْـتُ لِلـزَّيْـتُـونِ نَـهْـرَ مِـدَادِي
وَسَـرَيْـتُ لِلْأَقْصَى نَشِيـدًا كُـلَّمَـا
صَلَّى لَـهُ بَيْـنَ الْحُـرُوفِ فُـؤَادِي
وَرَسَمْتُ لِلتَّارِيخِ أَلْـفَ مَحَـجَّةٍ
خَضْرَاءَ، تَعْرُجُ مِنْ دَمِي وَزِنَادِي
مِنْ رَشْـقَـةٍ عَصْمَاءَ حِينَ نَـزَفْتُهَا
مَـرْوِيَّـــةً مِنْ لَـوْعَـــةِ الْأَكْـبَـــادِ
مِنْ عَيْنِ طِفْلٍ فِي سَكِينَـةِ رُوحِهِ
عَلَّـقْـتُ مِشْكَـاةَ الضَّمِيـرِ الْهَادِي
وَعَصَمْتُ كُلَّ قَـذِيفَـةٍ فِي نَارِهَا
تَـذْرُو الْأَسَى مِنْ حَـوْلِهَا كَرَمَادِ
وَرَأَيْتُ كَيْفَ تَسَـتَّـرُوا بِـدِمَائِـنَا
وَتَـسَــوَّرُوا بِالْغَــدْرِ كُلَّ مِـهَـادِ
كَانَتْ سَمَاءُ اللَّهِ تَسْكُبُ فَـجْـرَهَا
لَـمَّا أَذَاقُــوا الْفَـجْـرَ طَعْمَ سَـوَادِ
وَدَوِيُّ بَـرْقٍ مَا يُزَلْزِلُ وَجْهَـهَا
لاَ تَسْتَبِيـنُ بِـهِ وَمِـيـضَ رَشَــادِ
وَيَـمُرُّ أَقْسَى مِنْ جَهَنَّمَ إِنْ عَلَتْ
نِـيـرَانُـهَـا.. وَيُـبِـيـحُ كُلَّ مُــرَادِ
مَا بَيْنَ صَمْتٍ غَـادِرٍ وَبَـــرَاءَةٍ
سُفِكَتْ.. وَطُهْـرٍ دَنَّسُـوا بِعِـنَـادِ
وَلِـخَــائِــنٍ مِــنَّـا يُــــرَاوِدُ وُدَّهُ
تَـأْوِيــلُ كُـلِّ مَـنَـاحَــةٍ وحِـــدَادِ
لاَ تَرْسُـمُ الْأَشْلاَءُ غَيْرَ وَصِيَّـةٍ
مِنْ وَابِـلِ الطَّلَـقَـاتِ وَالْأَزْنَـــادِ
أَوْ تَسْكُبُ الْعَبَـرَاتُ إِلاَّ عِـبْـرَةً
تَرْوِي حِكَايَـتَـهَا عَلَى الْأَشْهَـادِ
أَنَا زَفْـرَةٌ مِنْ قَبْلِ آدَمَ حُـبِّـرَتْ
آيَـاتُــهَـا.. وَعَـقِـيـدَةُ الْأَحْــفَــادِ
أَنَا آيَــةٌ لَـوْ جُـزْتَ بَيْنَ ضِفَافِهَا
صَدَّقْتَ شَاهِدَ صَبْرِهَا وَجِلاَدِي
وَرَأَيْتَ مِنْ شُهَـدَائِـهَا أَحْـيَـاءَهَا
يَـتْـلُــونَ بَيْنَ حُـرُوفِـهَا أَوْرَادِي
كُلُّ الْقُلُوبِ هُنَا سَتَخْفِقُ فِي يَدِي
أَمَلاً.. وَتَـكْسُـو حُزْنَـهَا أَبْـرَادِي
لَوْ لَمْ تَذَرْ مِنِّي الْخَرِيطَةُ مَوْضِعًا
يَــوْمًا سَتَـبْـلُـغُ مُنْـتَـهَى أَبْـعَـادِي