

ندوة عن «بين بوابات القدس»

عُقدت في رابطة الكتاب الأردنيين ندوة لمجموعة قصص صبحي فحماوي التي عنوانها:(بين بوابات القدس)، تحدث فيها د. كايد الركيبات ود. دلال عنبتاوي، وتحدث المؤلف فحماوي عن حيثيات القصص،وأدارت الندوة القاصة الروائية سامية العطعوط.

ومما قاله الدكتور كايد الركيبات الحويطي أن هذه المجموعة القصصية “بين بوابات القدس” لصبحي فحماوي، الصادرة عن دار الآن ناشرون، في صيف هذا العام 2025، تُقدم بانوراما سردية غنية تعكس الواقع العربي المعاصر بتحدياته وآماله.. ولا تُعد القدس في العنوان مجرد موقع جغرافي، بل رمزًا محوريًا للهوية، والقضية، والمقدّس، والمنتهك، في حين تمثل “البوابات” عتبات للعبور بين حالات إنسانية ووجودية متنوعة، من الأمل إلى الخذلان، ومن الحياة إلى الفقد، ومن المقاومة إلى الموت البطولي، ومن الغفلة إلى الوعي.
هذا العنوان بحد ذاته مفتاح تأويلي يُضيء العديد من القصص في المجموعة، حتى تلك التي لا تقع أحداثها داخل القدس جغرافيًا، بل تدور في فلكها الرمزي، في حين أن قصة “بين بوابات القدس” نفسها التي جاءت في الترتيب الثامن عشر من قصص المجموعة، تُشكل العمود الفقري للمجموعة، مُجسّدة معاناة عشيرة فلسطينية في المدينة المقدسة، وتبين البعد المكاني والروحي للقدس كقلبٍ للجرح الفلسطيني.
تعددت المحاور الموضوعية التي تتناولها المجموعة، وبرزت في صدارتها قضية الاحتلال الإسرائيلي والتهجير، حيث صوّرت القصص بمرارة معاناة الفلسطينيين من فقدان الوطن والدمار والتضحيات، كما تجلى ذلك في قصص مثل “التوأمان”، و”المُهجر”، و”بين بوابات القدس”، و”حريق آرون بوشنيل”، و”قصة حب راشيل كوري”، مع تركيز واضح على صمود الإنسان ورفضه للظلم، فضلاً عن ذلك، قدمت المجموعة نقدًا اجتماعيًا لاذعًا، كاشفةً جوانب الفساد، واستغلال السلطة، والطمع، كما ظهر في قصص “المختار أبو طامس”، و”مجرد حوالة”، و”الثلاجة الفارغة”، و”الوالد تسهل”، مُسلّطة الضوء على هشاشة المكاسب المادية على حساب القيم الإنسانية، كما عالجت المجموعة القصصية العلاقات الأسرية المعقدة، والتحديات الزوجية، وتأثير التقاليد الاجتماعية القاسية، كما وجدنا ذلك في “أمنا الغولة”، و”لا سائل ولا مسؤول”، و”ابن العم أولى بلحمته”، تجاوزت المجموعة هذه المحاور لتلامس قضايا إنسانية أوسع، مثل العنف المجتمعي في “الهوليجانز”، والاختلافات الثقافية في “أفاعي صينية”، وبحث الإنسان عن الحنان المفقود في “لذة حنان الأب”، وجماليات الحياة اليومية في “دموع لفراق الحبيب”، والمفارقات الاجتماعية في “قاطرة الحريم”، و”وظيفة محترمة”، و”بواب على قارعة الطريق”.
من الناحية الفنية، تميزت القصص في مجملها باكتمال أركان العمل القصصي من حيث الحبكة الواضحة والموضوعات المحددة، وقد اعتمد الكاتب الوصف الحسي لتعزيز واقعية المأساة الإنسانية والصراعات، وإيصال عمق المعاناة. ففي قصة “التوأمان” مثلًا، لا يسهب الكاتب في البكاء، بل يضعك مباشرة في حضن الحطام: أبٌ يذهب ليسجل توأميه، يعود ليجد بيته رمادًا وأطفاله تحت الركام. لا يحتاج فحماوي لبلاغة كي يؤلمك، يكفيه أن يقول الحقيقة كما هي، دون زينة، لتشعر بها كلكمة في القلب.
وفي قصة “المختار أبو طامس”، سخر فحماوي من منظومة كاملة بذكاءٍ لاذع. الرجل الجاهل الذي صار مختارًا وغش في امتحان الثانوية، ليس مجرد شخصية طريفة، بل هو اختزال لكلّ فسادٍ محليٍّ يرتدي عباءة الاحترام الاجتماعي. نضحك ونحن نقرأ، لكننا نضحك لأن الوجع مضحك أحيانًا حين يصير عاديًا.
أما في “لذة حنان الأب”، فإن فحماوي كتب بصوت منخفض، لا ليُسمعنا، بل ليُوقظ فينا ذاك الحنين الطفولي ليدٍ لم تُمدّ لنا يومًا، لحضنٍ حُرمنا منه لأننا ولدنا في المخيم لا في الحارة، في المنفى لا في البيت. الحكاية قصيرة، ولكنها كافية لأن تُرينا كيف أن التهجير لا يسرق الأرض فقط، بل يسرق حتى الحنان.
تنتقل المجموعة من قصة إلى أخرى، كما ينتقل اللاجئ من بلد إلى بلد، يحمل في حقيبته قطعة من وطنه، وصورة قديمة، وأملًا مشروخًا. في “المهجر”، لا يروي الكاتب قصة شخص، بل يروي قدرًا، وكأن أبا شومر هو اختزال لكلِّ من خسر بيته ولم يعُد إليه إلا في الكفن.

ومما قالته الدكتورة دلال عنبتاوي في هذه الندوة:
من أكثر الأمكنة حضورا حسب التتبع الإحصائي لها في هذه
المجموعة : فلسطين / إذ تتبعت احصائيا أولا ورود اسم فلسطين صريحا بهذه المجموعة وتجاوز 7 مرات ثم القدس وغزة وحيفا والكرمل
وأضافت أنه ما يهمني في هذه الجلسة هو الحديث عن خصوصية المكان الفلسطيني وحضوره في هذه المجموعة والذي عبر عنه الكاتب من خلال القصص الثلاث المهمة وتحديدا: الأولى التوأمان / الثانية حريق آرون بوشنل / والثالثة في القصة المعنونة ب قصة حب راشيل كوري/ والرابعة معنونة ب لذة حنان الأب / والقصة الخامسة بين بوابات القدس
معروف أن الوطن مكان مقدس لدى كل واحد منا فهو الماضي بذكرياته والمستقبل في أماله وطموحاته لذلك سعى الكثير من الكتاب والأدباء للتعبير عن هذا الوطن بكل تفاصيله وأصبغوا عليه صورا مثالية مشرقة معبرة عن حضوره المادي والمعنوي وكثيرا ما التصقت بأغلفة الأعمال الإبداعية صورا واقعية تعبر عن ذاك الوطن المكان وبكل أطيافه قصة أو شعر أو رواية سواء في الأدب العربي بشكل عام أو الأدب الفلسطيني بشكل خاص ”بين بوابات القدس” هذه المجموعة القصصية المنجز العاشر للقاص صبحي فحماوي الصادر عن دار الآن ناشرون في هذا العام عام 2025 ركز فيها الكاتب وضمن أكثر من قصة على الحديث عن أمكنة فلسطينية مهمة جدا وحضرت حضورا خاصا ولعل اهمها قصة “بين بوابات القدس” الذي يحمله عنوان المجموعة وقد جاء مباشرا للحديث عن مدينة القدس التي هي كل فلسطين وكل الكل وليست جزء من وطن بل هي كل الوطن لقيمتها الدينية أولا والسياسية ثانيا والاجتماعية ثالثا ولعل مادفع الكاتب إعطاءها هذه الأهمية ما تعرضت له هذه المدينة وما تتعرض له كل يوم على يد المحتل الصهيوني من تدمير وتشويه وسلب للهوية الأصلية.
ومما قاله المؤلف صبحي فحماوي: إنه ابتدأ مجموعته بعبارة:
الإهداء إلى غزة التي فجّرتَ دُمّلاً بحجم دولة أسيرة فسال منه فيض كبير من الصَّدِيدْ ألهب حوله سطح الكرة الأرضية، فأعاد لها بعض صحتها.
وعن مفهومه للقصة القصيرة جداً، والقصة القصيرة، والرواية قال فحماوي:
“إذا كانت القصة القصيرة جداً وردة، فإن القصة القصيرة هي سلة زهور، والرواية الجيدة هي حديقة غناء. وإذا كانت مفاجأة القصة القصيرة جداً هي طلقة، فإن إدهاش القصة القصيرة هو جريمة قتل في منطقة مشهودة، والرواية الجيدة هي معركة مترامية الأطراف.”
وعند تقديمه الدكتور كايد الركيبات الحويطات قال إن قبيلة الحويطات مشهورة بكونها عماد الوطن، ليس ابتداءً من الشيخ فيصل الجازي وأخيه يسري الجازي واللواء مشهور حديثة والشهيد على أرض فلسطين ماهر الحويطات..وعموم أفراد هذه القبيلة الكرام..
وعن الدكتورة دلال عنبتاوي قال إنها ناقدة فذّة وناشطة نقدياً ولها صالون المنتصف، ونائبة رئيس جمعية النقاد الأردنيين..
وعن مديرة الندوة الأستاذة سامية العطعوط قال إنها روائية وقاصة معروفة بأدبها الفني والوطني وعضو إدارة رابطة الكتاب الأردنيين..وهي التي قدّمت نبذة واضحة عن كل واحد من المتحدثين الثلاثة.