الأربعاء ١٦ تموز (يوليو) ٢٠٠٨
بقلم محمد أبو الفتوح غنيم

نظرة في معركة الفقي

لست إخوانيا، ولست وطنيا، ولا أنتمي لأي حزب ولا أحب أن أكون، ولكنني أيضا أمتلك نعمة حبانا الله بها فمنا من استخدمها ومنا من تركها تصدأ وترك غيره من البشر القاصرين يفكر بدلا عنه، وهنا أعملت عقلي وبحثت واستمعت لهذا وذاك، فاستمعوا إلي.

منذ خرج قانون وزير الإعلام أنس الفقي للنور وثارت حولة الأقاويل وأنا أحاول فهم ما يجري حتى أجيب إذا حدثني أحدهم في الأمر، ولكنني تكاسلت عن قراءة القانون نفسه ورضيت بشقي المصري الذي يقودني للاستماع إلى الشائعات ولكنه شق غير كامل فامتنعت عن ترديدها وترويجها حتى أتيقن من الأمر وأعرف من الصواب ومن الخطأ.

كنت أسمع آراء متضاربة بين مؤيد ومعارض وحامد وشاتم ولكنني لم أكن أسمع حجج قوية غير نباح البعض حول حرية التدوين واستخدام الفيس بوك، ورغم أنني ضد هذه الحرية في هذه الصورة إلا أنني حاولت بقدر الإمكان الاستماع لكل ما يدور من أحاديث حول هذا الموضوع وانتهيت بسماع تصريح السيد الوزير على البيت بيتك الذي نوه فيه إلى أن القانون لا علاقة له بالفيس بوك والمدونات وأن من يطلقون هذه الشعارات لا يفقهون شيئا.

ولإدراكي أنه يصعب أن يصرح شخص وخاصة وزير بما يخالف المكتوب والمسجل خاصة في قانون دولة إذ أن هذا يفقده مصداقيته بل ويجعله يخسر حتى ثقة حكومته فيه فسيكون في نظرهم نقطة ضعف تغري المعارضة بهم، فإنني صدقت كلام الوزير وآمنت أن القانون لا يتعرض للفيس بوك والمدونات حتى وجدت مجموعة على الفيس بوك تدعو إلى مقاطعة القانون ومحاربته، الغريب أنهم لا يتخلون عن تلك الصفة اللمصرية المتأصلة وهي النعاق بلا خلفية وبلا نظرة قانونية ولا حتى متعقلة.

دعوني أقول أن الفيس بوك وحريته غباء منا فبإمكان طفل صغير إنشاء جروب يدعو إلى أمر معين وبهذا نفتح المجال لليهود ولدعوات التنصير والانحلال وغيرها ونصنع حربا إعلامية نحن لسنا مؤهلين لا على الصعيد المادي ولا حتى العملي لإشعالها والقيام بواجباتها، فأنا مع قانون يقيد هذا كله فالحرية التي يتحدثون عنها هي حرية فاسدة مفسدة ، ولكن للأسف لم يقيد القانون أي من هذه الحريات ومع ذلك هم يهاجمونه، لابد أنك تسأل وكيف لم يقيدها؟، أرجو معي أن تطالع نص المادة التي يتناعقون بها وهو كالآتي:
4- البث المسموع والمرئي: كل إذاعة أو إرسال أو إتاحة مشفرة أو غير مشفرة لأصوات أو لصور أو لصور وأصوات معاً أو أي تمثيل آخر لها، أو لإشارات أو كتابات من أي نوع كانت لا تتصف بطابع المراسلات الخاصة، بما يسمح بأن يستقبلها أو يتفاعل معها الجمهور أو فئات أو أفراد معينة منه، ومن ذلك ما يتم عن طريق وسائل سلكية أو لاسلكية أو عن طريق الكابلات والأقمار الصناعية أو عبر الشبكات الحاسوبية والوسائط الرقمية أو غير ذلك من وسائل وأساليب البث أو النقل والإرسال والإتاحة. ويعتبر من قبيل البث أي إذاعة أو إرسال أو إتاحة مشفرة أو غير مشفرة في الحالات التي يمكن فيها لأفراد من الجمهور أن يختار الواحد منهم بنفسه وقت الإرسال ومكان استقباله.

وكما نرى فإن المادة تقيد البث الإذاعي والتلفزيوني فقط ولكن على جميع مستوياته على القنوات والوصلات والانترنت كذلك، والقانون لم يتطرق إلى التدوين أو الفيس بوك أو غيره من خدمات الإنترنت بل تطرق إلى الصوتي والمرئي فقط على اختلاف طرق بثه سواء كانت طبيعية أو من خلال الانترنت.

إنني على يقين ورغم أنني لا أوافق الحكومة على الكثير إلا أن هناك بونا شاسعا بينها وبين أي حركة معارضة أو فكر آخر من المعارضات التي على الساحة ابتداء من الطرف الإداري وحتى الطرف السياسي، فالحكومة هي خبرة عميقة في الإدارة وكذلك في السياسة وقلَّما وجدنا معارضا يجيب بإجابة تغني من جوع فضلا عن أن تسمن لا في مجلس الشورى ولا في مجلس الشعب فالمعارض ورغم انضمامه لحزب يتحدث من طلقاء نفسه ومن خلال فكره عامة بينما حزب متماسك كالوطني هو كيان متكامل رغم ما يتيحه من حريات للأعضاء إلا أنه كيان متماسك وفي النهاية يخرج متوحدا بالصورة التي يرغب فيها ويراها صحيحة.

هذه الإندفاعات والشعارات والهجوم الذي يبنى على تحليل "عيل" لقانون معين ثم ينشيء مجموعة على الفيس بوك ثم نجد أناس كبارا والمفترض أنهم عقلاء ينضمون ويؤيدون بلا أدني تفهم أو دراية أو تمحيص للقانون يجعلنا ندرك أننا غثاء كغثاء السيل لا نفقه شيئا بل وقد أعمتنا اتجاهاتنا المختلفة -وتشعبنا الذي اكتسبناه من الخارج ظنا منا أننا ننشيء وطنا جديدا مليء بالحريات- عن الاعتراف بالحق وكأننا أصبحنا كلنا إخوان، بمعنى أن أي شيء من الحكومة باطل، ونسينا أن أفضل العداء ما لا يحمل صاحبه على الظلم والتعدي ولا أن ترمي عدوك بالباطل.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى