

نعيب زماننا
كتب الصديق فيصل الأسدي على صفحته في الفيسبوك:
قال أحدهم:
نَعيبُ زمانَنا والعيبُ فينــاومـا لـزمـانِنا عيبٌ ســوانا
في هذه الجولة سنرى من المقصود بـ (أحدهم)، وسنطالع بعض الأبيات في السياق نفسه.
المقطوعة هي:
نَعيـبُ زمانَنـا والعيـب فيـنـاومـا لزمانِنـا عـيـبٌ سـوانـاونهجو ذا الزمـانَ بغيـرِ ذنْـبٍولـو نطـق الزمـانُ لنـا هجانـاوليس الذئبُ يأكـلُ لحـمَ ذئـبويأكـل بعضُنـا بـعـضًا عِيـانـا
وفي رواية أخرى:
نعيب زمانَنا والعيب فيناوما لزماننا عيبٌ سواناوقد نهجو الزمانَ بغير جُرمولو نطق الزمان لنا هجانافدُنيانا التصنعُ والترائيونحن بها نُخادِع مَن يراناتعاف الذئبُ تأكلُ لحمَ ذئبٍونأكل بعضُنا بعضًا عِيانا*
هذه الأبيات ينسبها بعض الأدباء للشافعي (ت. 820 م)، فهي في ديوانه، وقد نسبها له القِـفْطي في كتابه (المحمَّدون من الشعراء، ج 1، ص 41) وابن قُتَيبة في (عيون الأخبار، ج2، ص 284).
لكن هناك من ينسب المقطوعة لابن لَنْكَك (ت. 970 م)، فقد نسبها له الصفَدي في كتابه (الوافي بالوفَيَات- مادة- محمد بن محمد بن جعفر)، والزِّرِكلي في (الأعلام)، وياقوت الحمَوي في (معجم الأدباء، ج19، ص6)، حيث نجد بيتًا آخر لم يذكر في الأبيات المنسوبة للشافعي:
ذئاب كلُّنا في زِيّ ناسفسبحان الذي فيه برانا
في تصفحنا لمادة "ابن لنكك" في (معجم الأدباء) سنجد الكثير من هذا التشاؤم، وكأنه تخصص في ذم الزمان، ومن ذلك:
مضى الأحرار وانقرضوا وبادواوخلّفني الزمان على علوجوقالوا قد لزمت البيت جدًافقلت لفقد فائدة الخروجفمن ألقى؟ إذا أبصرت فيهمقرودًا راكبين على السروجزمان عزَّ فيه الجود حتىكأن الجود في أعلى البروج
تذكرني الأبيات التي تتحدث عن فساد المجتمع والناس بما كانت الخنساء قد قالته عن الزمان:
إن الزمان وما يَفنى له عجبٌأبقى لنا ذنبًا واستؤصلَ الرَّاسُأبقى لنا كلَّ مجهولٍ وفجَّعنابالحالِمِينَ فَهُمْ هامٌ وأرْماسُإنَّ الجديدينِ في طولِ اختلافهمالا يَفْسُدانِ ولكِنْ يفسُدُ النّاسُ
و(الجديدان)- إذا خفي على البعض- هما الليل والنهار من المثتيات التلقيبية، وسميا بذلك لأنهما لا يبليان أبدًا.
شبيه بقول الخنساء قول تميم بن المُعِزّ:
يا دهرُ ما أقساكَ من متلوِّنفي حالتيك وما أقلَّك مُنصفاأتروحُ للنِّكْسِ الجهولِ ممهِّـدًاوعلى اللبيبِ الحرِّ سيفًا مُرهَفالا أرتضيك وإن صفوت لأننيأدري بأنك لا تدوم على الصفا
في حماسة البحتري هناك نماذج كثيرة في ذم الدهر، فمن أحب هذه النغمة، فعليه بها.
لكن ثمة بيت طريف جذب نظري، وهو يستخدم النحو في الموضوع:
يقول أبو عُبَيد البَكري:
وما زال هذا الدهرُ يلحنُ في الورىفيرفع مجرورًا ويخفِض مبتدا
مع ذلك، نجد هناك من يدعو إلى عدم لوم الدهر أو حمده، فدع الأمور تجري في أعنّتها.
يقول الحسن التِّهامي:
لا تحمّد الدهرَ في ضرّاءَ يكشفهاولو أردتَ دوامَ البؤسِ لم يَدُمِفالدهر كالطيفِ بؤساهُ وأنعمُهمن غير قصدٍ فلا تحمَد ولا تلُـم
* خطأ شائع (عَيان) والصواب هو بالكسر= عِيان- بمعنى مشاهدةً- ما تراه العين.
مشاركة منتدى
28 آذار (مارس) 2020, 00:25
نوع الشعر في نعيبُ زماننا والعيب فينا
28 آذار (مارس) 2020, 00:25
نوع الشعر في نعيب زماننا والعيب فينا