

نَبْتُ الأقصى
شعبُ الصُّبـاحِ وإنْ أغــمَدْتَهُ الظُّلَما
ما لانَ، ما انحنى يومًا ولا انهزمـا
سَفْرُ الجهادِ على أضلاعِنا كُتِبـتْ
وفي الزنازنِ شقّينا به الحُلُما
لا طفلُنا آوى، لا شيخُنا سَلِمـا
ولا الكنائسُ تُرجى، لا ولا الحُرُما
فكلُّ زاويةٍ في القدسِ نازفةٌ
وكلُّ بيتٍ على المذبوحينَ قد نُدِما
صَبْرًا على الموتِ، لا نبغي به بَدَلًا
نُصْلي على الكفّ، إن ضاقتْ بنا القِمَما
في "غزةَ" الموتُ قد عرّى وقاحتهم
فالطفلُ في كفّهِ الحَجَرُ انقَضى علما
الكلُّ يقفزُ في وجهِ المنايا به فالعِزُّ فينا،
وإنْ جارَ الزمانُ عَمى
أمٌّ تُقَبّلُ أبناءَ الفِداءِ هنا
وأبٌ يُقاسي، وذاك الجُند قد حدما
حتّى المؤذِّنُ في سَجْنٍ يُؤرّقه
وفي تكبيرهِ نارٌ غدتْ نَغَما
والقِسُّ قد حملَ الإنجيلَ مُحتسبًا
في حضنِ مِئذنةٍ تمحو لنا العَدَما
لا فرقَ بين مسيحيٍّ ومسلمِنا
في الأرضِ نُبعَثُ أندادًا ومُنسَجِما
هذي فلسطينُ شعبٌ لا يَزولُ ولا
يرضى الهوانَ، وإنْ صُدَّتْ بهِ القُدُما
منذُ النكبةِ الكبرى، ونحنُ على
وعدِ الرجوعِ، نُرِدُّ القيدَ والعدما
في الكَرَامَةِ خَضنا النصرَ وانتفضتْ
في الأرضِ أرجلُنا، والحقُّ قد حكما
جُرحُ "جنينٍ" يُنادي كلَّ ذي كَبدٍ
وتُوقظُ العزَّ من صمتٍ قد انعدما
يا صوتَ "غزةَ" كم في الصمتِ من زَلَلٍ
لكنْ صدى الصبرِ في الأقصى قد احتَدَما
من "اليرموكِ" إلى "صبرا" إلى ألمٍ
في كلِّ زاويةٍ قد خطَّنا قَدَما
وفي انتفاضتِنا الأولى لنا أملٌ
والثانيةُ انفجرتْ من قلبِها شُهُبا
"الرصاصُ" أكلَ الأطفالَ في
يأسهِ لكنّهم كتبوا بالنارِ ملتزما
في "عصفِ عاصفةٍ" جيلٌ توهَّجَ في
وجهِ المحنْ، وشهيدٌ قبَّلَ القِمَما
"مسيرةُ العودةِ" الكبرى لها دمُنا
نبضٌ يمدُّ قلوبَ الناسِ مَا حرما
" طوفان أقصىً" بدا في فجرهِ قَسَما
أنْ لا يعودَ إلى نُوّامِهِ النَّوما
جاء الزمانُ، وجاءت نخوةُ الشُّهَبا
وارتدَّ جيشُهمُ مذعورًا اندحما
فينا الجراحُ، وفي الأكبادِ مقبرةٌ
لكنَّنا نزرعُ الآمالَ والبُسُما
نُعلي البيارقَ، لا نخشى
مصيرَ غدٍ فالموتُ يُرضينا إنْ كانَ مُحتَشِما
وَجَبْهَةُ الشَّعْبِ في الدُّنْيا
مُؤازِرَةٌ تَهُبُّ نَحْوَ الدُّمَى تَجتازُها قِمَمَا
من كُلِّ سَاحَةِ حُرٍّ هَبَّ صَادِحُهُ
يُهَزْهِزُ القَيْدَ والتّطْبِيعَ إنْ تَقِمَا
وفي الضِّفَافِ رِجَالٌ لا يُضَاهِيهِمُ
فِي الصَّبْرِ إلَّا جِبَالُ الأَرْضِ إنْ قُسِمَا
مِنْ "جِنِّينَ" الشَّوْقِ، حَتَّى
"الخَلِيلِ"، دَمٌ يَفُورُ، يَشْهَدُ
أنَّ الشَّعْبَ مَا اسْتَسَلَمَا
نَابُلُسُ" الثَّائِرَةْ، "البِيرَةُ" الزَّاخِرَةْ،
تُقَاوِمُ البَغْيَ، لا تَرْهَبْ مَنْ انْهَزَمَا
"رَامَ اللهُ" الطُّهْرِ، تُهْدِي الفَجْرَ لِغَزَّتِنَا
و"سَلْفِيتُ" الْجُرْحِ يَنْبُضُ وَهْوَ مُبْتَسِمَا
وفي "طُوبَاسَ"، رُعَاةٌ فِي المَجَاهِدَةِ
يُقِيمُونَ الحَقَّ إنْ مَالَ الزَّمَانُ ظُلُمَا
وَفي "النَّابُلُسِيِّ" وَجْهُ الحَقِّ مُنْبَعِثٌ
يُشِعُّ فِي اللَّيْلِ نُورًا لم يُطِقْ عَدَمَا
مِنْ كُلِّ زَقَاقٍ، نَارُ الحَقِّ مُشْتَعِلَةٌ
تُغَازِلُ الرِّيحَ إنْ ضَجَّتْ وَإِنْ سَكَمَا
هم ثائروا الحق دوما ما تُؤازِرُنا
هم يُرْسِلُون للقدسِ الهوى حِمَمَا
الشَّهْمُ ذا السهم في شُرْفَاتِ مَعْرَكِهِ
قد أَثْخَنَ العَادِيَ في يَوْمٍ وما سَلِمَا
هُمُ الطُّلُوعُ وَفِي أَكْفَانِهِمْ أَلَقٌ
وَنَحْنُ نَشْهَدُ أنَّ الْفَجْرَ قَدْ رُسِمَا
إسناد حق وإنْ جَارَ الزمانُ بهِم
فَفِي القلوبِ بَقَوا للعهدِ ما نَعِمَا
وكلُّ حرٍّ بأقصى الأرضِ يُشعِلُنا
نَارًا على الظلمِ إن خَبَّ الدُّجى نَسِمَا
جُفُونُ قَومِ وإن ظلت مُغْلّقَةٌ
تَغُضُّ عَنْ جُرحِنا، والنَّفْسُ ما تَحَمَى
سنظل نحملُ في أرواحِنا أملاً
بأنْ تفيقَ، ولو بعدَ المدى، الحِمَمَ
فَلْيَكْتُبُوا فِي التُّرَابِ اسْمًا لِقَضِّيَتِنا
فَالْأَرْضُ تَحْفَظُ أَسْمَاءً وَمَنْ خُتِمَا
مَا خَانَنَا الشَّعْبُ، بَلْ كَانُوا نُجُومَ دَمٍ
تَهْوِي الْقَنَابِلُ وَالإِيمَانُ قَدْ سَلِمَا
مِنْ كُلِّ دَارٍ، وَمِنْ كُلِّ الزُّقَاقِ نَدًى
وَفِي الأُسُودِ – وَإِنْ غَابُوا – لَنَا قِيمَا
غَزَّةُ الضِّيَاءِ، وَكُلُّ الضِّفَّةِ الْتَهَبَتْ
فَصَارَ فِي الشَّعْبِ تَارِيخٌ وَمُلْتَحَمَا
مَا زَالَ فِي الْقَدْسِ حُلْمٌ، لَنْ يُبَدِّدَهُ
جَوْرُ العُدَاةِ، وَلَنْ تَسْتَسْلِمَ الْهِمَمَا