السبت ١٩ أيار (مايو) ٢٠١٨
بقلم قصي محمد عطية

وقتٌ ضرير

وقتٌ ضريرٌ...
تنينٌ يخرجُ من أحشائِهِ...
يَتمدَّدُ على الجسرِ الواصلِ بين لَعنتَيْن أزليَّتَيْن
ووَميضٌ من الغَبَشِ يَستريحُ تحتَ ظلِّ نظَّارتيه.
وقتٌ ضريرٌ...
يَقتاتُ على فُتاتِ الذّكرى الموسُومةِ
بالوجَعِ والحِرمانْ
أعزلَ.. إلا من رعشتِهِ الهادرةِ في غيِّها ...
يبتاعُ صُحُفاً من تلافيف دهشته
وأزهاراً من رياضِ ضلالِهِ..
قرابينَ وعتباتٍ لانعتاقِ الرّوحِ من ضَلالِ الجسَد.
يُطاول بنظراتِه طرفَ اللوحةِ
ويرسم خطّاً على لوحتِهِ البيضاءِ النقيَّة
وفرشاتُهُ تصارعُ حنيناً إلى لمسةِ أصابعِهِ المعروقة.
يلتقي إلهَهُ خلفَ موجةٍ تُنازعُ رذاذها..
وصدى بكاءِ طفلٍ في مَعبدِ الحريق
متربّعاً على تلَّة..
يبيعُ لهفتَه..
وشقوقَ الضَّوءِ المسدودة منذ الأزل!!
أيلولُ ... قبسٌ من جموحٍ
يُومضُ لي أنْ أتبعَ ظلَّه
غَبَشٌ... وتراتيلُ عند مُلتقَى الغيابِ
ينادي وجعي بالمزيدِ
دفترُهُ كهفٌ من ألفِ سردابٍ
مَوطنٌ للوطاويطِ ...
رائحةُ الذكرى تعبقُ فيه ..
وترسمُ تجاعيدَ على جبينِ الماضي.
أصابعُهُ في أصابعي
وننظرُ إلى عدسةِ المُصوِّر الغريبِ
كلانا يبتسمُ، وكلانا يشهقُ بتنهيدته..
ثمَّ تنفلتُ الأصابعُ
وتتراجعُ اللهفةُ الكاذبةُ،
وتغيبُ الابتسامةُ الخرساءُ
ونعودُ كما كنَّا...
كائنين بلا ملامحَ.. أو وجوهٍ
سائحَيْن.. ننقِّبُ عن نبتة الخلود..
لستُ جلجامشَ.. كي أجاهدَ أكثرَ
وأصارعَ التنينَ.
حاملاً صخرتي..
أدفعها... لتعودَ من جديدٍ
أحملُها على ظهري... فأتدحرجُ بها مثلَ كرةِ الثّلجِ
أرسمُ وجهاً... ثمَّ أمحوهُ
وأعيدُ رسمَه من جديدٍ وجهاً بلا ملامحَ أو تفاصيلَ..
أعصرُ اللحظاتِ، وأصبُّها في كوبِ ماءٍ
وأشربُ وقتاً بطعمِ الحريق.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى