صالون حوارات يستضيف منير العبيدي
في يوم الأربعاء الماضي الحادي عشر من حزيران استضاف صالون حوارات و المعهد الثقافي العربي في برلين ( AKI) الفنان التشكيلي و الكاتب منير العبيدي للحديث عن تجربته الإبداعية .
حضر اللقاء جمهور من الوسط الثقافي البرليني و من المهتمين كما حضره السيد سفير الجامعة العربية في برلين . تحدث في بداية الأمسية الثقافية الدكتور نزار محمود مدير المعهد الثقافي العربي مرحباً بالضيف المحاضر و بالحاضرين .
قدم بعدها الروائي و الشاعر العراقي صبري هاشم مؤسس صالون " حوارات " و المشرف عليه كلمة قصيرة عن العبيدي مشيرا الى تعدد اهتماماته الثقافية ، فعدا نشاطه التشكيلي و اقامته للعديد من المعارض الشخصية في بغداد و عمان و برلين و العديد من المعارض الجماعية ، كما ذكر ، فإن العبيدي كتب في مجال السياسة و يكتب و ينشر بانتظام في مجال النقد الأدبي و التشكيلي كما قام بكتابة القصة القصيرة و العديد من النصوص الإبداعية و نشط في مجال الترجمة فقام بترجمة العديد من النصوص و الدراسات عن الإنكليزية و الألمانية .
تأسس صالون حوارات بمبادرة من صبري هاشم في أيلول سبتمبر من عام 2005 و قام خلال فترة نشاطه باستضافة العديد من الكتاب و الفنانين و المثقفين العرب كما أصدر الصالون مجلة فصلية أدبية تحمل الاسم نفسه " حوارات " . وقد صدر حتى الآن العددان الاول و الثاني منها ، و تجري التحضيرات لإصدار العدد الثالث .
في بداية حديثه أشار العبيدي إلى المغزى العام و ليس الخاص للتجربة الابداعية و ذكر بأنه بحكم مشاركته في العديد من المعارض منذ السبعينات و من ثم بعد تفرغة في الثمانينات للعمل الفني فقد حضر وشارك في أغلب النشاطات التشكيلية في العقود الثلاثة الاخيرة من القرن الماضي و خصوصا عقدي الثمانينات و التسعينات و ربطته علاقة وثيقة بالوسط الفني و الادبي و شاهد العديد من الاعمال المسرحية والمهرجانات التشكيلية و الادبية ، وبهذا يكون شاهدا على النشاطات الثقافية في هذين العقدين المهمين في الوقت الذي كان اغلب الحاضرين هذه الامسية ربما غادر العراق في هذه الفترة .
وقد قسم العبيدي موضوعه إلى اقسام عديدة حسب التسلسل التاريخي تعرض للقسم المبكر و الاول منه بشكل سريع و لكنه ركز ضمن ذلك على دور المكان و البيئة كحاضنة للابداع ، اشار بشكل خاص الى ان قرية بهرز ، حيث ولد و ترعرع ، كانت ذات ملامح اقتصادية ـ اجتماعية تقوم على سيادة ملكية انتاج الفواكه و الحمضيات حيث المالك هو الذي يعمل و حيث أن ملكيات البساتين رغم كونها صغيرة المساحة الا انها عالية الانتاجية و المردود و لا تحتاج الى الكدح الكثير كما في زراعة المحاصيل الواسعة كمناطق زراعة الحبوب حيث تسود علاقات انتاج اخرى مثل العلاقات الاقطاعية و الملكيات الكبيرة التي يعمل فيها فلاحون اجراء يعانون من الجهل و الفقر و الامراض بسبب الاستغلال المركب .
شكل المجتمع شبه البطريركي ـ الابوي السائد في مناطق البستنة و التكافل الاجتماعي قد جعل من مجتمع القرية اشبه ما يكون بعائلة واحدة كبيرة ما لعب دورا في تكوين ملامح الجيل الاول في اوائل القرن العشرين و عشية تأسيس الدولة العراقية المتكون في الغالب من اوساط تتمتع بمستوى ثقافي عال ، ورغم أن الثقافة كانت في جوهرها ثقافة دينية إلا انها كانت ثقافة متسامحة و منفتحة و متنوعة .
وبمجيء الجيل الثاني هو في الغالب من خريجي الجامعات تم تسييس المجتمع القروي و انهارت العلاقات الابوية دون تأسيس بديل عصري مناسب ، هؤلاء المثقفون كانوا هم الذين تصدروا الواجهة الثقافية منذ الاربعينات و الخمسينات ، حتى مجيء جيلنا الذي عاش وضعا معقدا كان فيه الابداع احد اشكال الرد على الازمة المتفاقمة .
وأشار العبيدي الى انه في الفترة الممتدة منذ اواسط الخمسينات حتى اواسط الستينات كان قد شارك في جميع المعارض المدرسية و حصل على العديد من المكافآت من قبل مديريات التربية في المحافظة حتى دخوله كلية الاداب في العام 1966
مرحلة السبعينات
وفي السنة الاخيرة من الجامعة ، كما أشار العبيدي ، تم الاعلان عن افتتاح المرسم الحر بإشراف الدكتور خالد الجادر الذي قال حين عرضت عليه لوحاتي المبكرة كما قال العبيدي :
ـ نعم انك من الممكن ان تكون رساما .
يقول العبيدي : قبل هذا كنت أظن أنني رسام فعلا .
وأشار العبيدي الى الفضل الكبير للدكتور المربي الراحل خالد الجادر عليه .
وقد عرض العديد من الصور بالأسود و الأبيض لتلك المرحلة تمثل افتتاح معرض جماعة الاداب التي تأسست في أواخر الستينات و أوائل السبعينات .
الثمانينات
في نهاية عقد الثمانينات في العام 1989 أقام العبيدي معرضه الشخصي الاول على قاعة الرشيد في بغداد ، و كان قبلها قد شارك في العديد من المعارض الجماعية مثل معارض الواسطي و معارض الصيف و الربيع على قاعة الاورفلي . و قد عرض العبيدي في هذا المعرض حوالي ثلاثين عملا زيتيا و مائيا .
و قد حضر افتتاح معرض العبيدي العديد من المثقفين العراقيين .
وفي التسعينات شارك العبيدي في معارض جماعية كان أهمها معرض نحن و الشعراء الذي شارك فيه ثمانية من الفنانين و الفنانات .
تقوم ثيمة المعرض على قيام الفنانين برسم قصائد لشعراء عراقيين وعالميين . وقد حل الرسامون المشاركون اشكالية تحويل القصيدة او البيت الشعري الى لغة رؤيوية( visual) بابداع كما أشار ، و جرى الافتتاح على ضوء الشموع حيث دخل الفنانون القاعة يحملون الشموع و وقفوا يضيئون لوحاتهم لحين دخول الجمهور و اضاءة القاعة . و قد حضي المعرض بردود فعل جيدة بين اوساط من المثقفين التي حضرت حفل الافتتاح كما غطته جميع الصحف الصادرة حينها.
اعقبها عدة معارض جماعية أخرى منها معرض تأملات عراقية التي شارك فيه خمسة فنانين و ثلاث فنانات هم عشتار جميل حمودي ، بهيجة الحكيم ، منى شمس الدين . اما الفنانون فكانوا : ناظم الجبوري ، ادهام بدر ، صاحب احمد ، عبد الامير علوان و منير العبيدي .
وقد عرض العبيدي صورا للعشرات من اعماله و أشار الى تنوع المواضيع و الاساليب حتى قيام معرضه الشخصي الثالث على قاعة الاورفلي في بغداد و معرضه الشخصي الرابع على قاعة حمورابي في عمان ، حيث عرض على الجمهور اعمالا تمثل مشاهد من العمل الذي تقوم به العائلة في البساتين الذي رأى انه يمثل صورة للوضع الاجتماعي و العلاقات الاسرية . و عرض اعمالا تعبيرية رسمها في التسعينات مثل " ليلة اغتيال القمر " ، " الخوف الاسود " .. و غيرها .
ثم عرض العبيدي اعمالا مختلفة بحكم مواد التنفيذ و التقنيات و سلط الضوء على الفرق بين اعمال نفذت بالاكريلك او بالزيت و أخرى بالالوان المائية و الوان الباستيل .
وقد غادر العبيدي العراق في اواسط عام 2000 و منذ اواخر العام نفسه اقام في برلين و منذ ذلك الحين فانه يمارس نشاطات الثقافية و التشكيلية هناك . وقد اشار بعض المناقشين الى اختلاف الاسلوب بعد الاقامة في اوربا و أيد العبيدي ما ذهب اليه بعض المناقشين من البيئة تترك اثارها على الفنان في كل الاحوال .
وعرض العبيدي اعمالا تمثل لوحات حروفية نفذت بالاكريلك ثم تعامل معها بواسطة برامج الكومبيوتر و انتج منها نسخا ذات اتجاهات لونية و تركيبية مختلفة شارك بخمسة منها في المعرض المشترك الاخير على قاعة (Charlie ) في برلين .
واخيرا عرض العبيدي على الجمهور تجربته في اقامة خمس دورات لتعليم الرسم بواسطة الاكريلك و الالوان المائية و تنظيمه ثلاثة معارض مشتركة للمشاركات في هذه الدورات . و عرض على الجمهور نماذج من اللوحات المرسومة من قبل مشاركين و مشاركات لم يمارسوا الرسم قبل هذه الدورات مما شكل مفاجأة بالنسبة له على الامكانيات الكامنة لدى الراغبين في التعلم .
لا تزال دورتان للرسم بواسطة الالوان المائية و الاكريلك مستمرتان في منطقة شونبيرغ في العاصمة برلين و تم التخطيط لتنظيم معرض شامل للمشاركات ينتظر ان يضم اكثر من مائة عمل .
في ختام الامسية جرت مناقشات بين جمهور الحاضرين و الفنان العبيدي تناولت موضوعة تغيير الاسلوب و مستلزماته و ما هي الاسباب التي تدفع الفنان الى الانتقال من اسلوب الى آخر . و أقترح بعض الحاضرين تنظيم معرض للاعمال التي تم عرض صور منها .
