الأربعاء ٦ آذار (مارس) ٢٠٢٤
بقلم عماد يحيى عبيد

رميمٌ

وأذكرُ فيما سأذكرُ
سأذكرُ سِفراً سرى بالكتابِ
يقولُ بأنَّ الجنانَ هدى
يفرُّ إليها حجيجُ السوادِ
تطهّرُ كلَّ الذنوبِ السمينةْ
وتُصلْي لظاها على العاصيينَ
وأنَّ على الأرضِ خطباً ضريرَ
يسير حثيثاً، عصاهُ الردى
يفتّشُ في الغابِ عنْ سرّهِ
عن الغولِ يشقى بليا وجودٍ
عنْ الطيرِ ينضو لحافَ الرمادِ
عن الخلِّ كيفَ يصيرُ وفيا
عنِ النهنهاتِ ترجُّ السريرَ
ونحنُ السعاةُ خلاةُ الوفاضِ
هباءً نمشّطُ شعرَ الهواءِ
هبالاً نقضُّ هجوعَ الغرابِ
ختامُ الطوافِ ثوابُ السُدى

وأذكرُ حُسناً طويلَ اللسانِ
تسلّقَ عرشَ الملاكِ الحليمِ
فأضحى رهيناً لصمتِ شدا
يثرثرُ حتى يجفَّ السؤالُ
يروغُ الجوابُ رواغَ الحريرِ
وأنَّ العيونَ التي جرّحتْ
هواها المباحُ رنينُ الصدى
وأنَّ الترابَ الذي صار نحنُ
يحنُّ بخفرٍ على النائمينَ
يخبئ في الرحمِ حملَ الهجيرِ
يداعبُ بالنّارِ خدّ النسيمِ
كأن هبابَ الشرارٍ ابتدا

وأذكرُ في الماءِ نبضاً يفورُ
يضنُّ على القمحِ رشحَ الندى
جهاراً يكركرُ خصرَ الأثيرِ
وخفراً يمسّدُ ساقَ القصبْ
ويبعثُ بالريحِ صوبَ الجهاتِ
إلى الشرقِ، توقظُ شمساً عجوزا
إلى الغربِ، تنفخُ بوقَ النفيرِ
شمالاً تهزُّ جدارَ اليقينِ
جنوباً تحرّضُ دمعَ اللهبْ
فإن مرَّ نهدٌ بدارِ صلاةٍ
سيبرقُ وهجاً سخيَ البهيرِ
سراجُ البشيرِ إليهِ اهتدى

وأذكرُ أنَّ الليالي خمارٌ
تلثّمُ وجهاً غشاهُ الغرامُ
وتسترُ عشقاً إليهِ اغتدى
وأنَّ الحريقَ استلذَ الغرورَ
أصابَ الصقيعَ بحمّى المزاجِ
وأعرفُ كيفَ تشاهى السرابُ
وضاجعَ في المهدِ أنثى العدمْ
تمخضّ عمراً طواهُ الزحامُ
وأطفأ جمراً بوادي اللهاثِ
فهذا السديمُ يحضُّ الشرورَ
وهذا الرميمُ خليلُ المدى


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى