الخميس ١٠ شباط (فبراير) ٢٠١١
بقلم
لست مارداً لأطل عليك من نافذة الكلمات
ها أنا على بعد قارةٍ من عينيك.. أكتب لك من جديد،وأعلم أن لا الرياح ولا القمر ولا حتى الآخرة.. ستجمعني بك يوماً!لأن القدر أسقط من قائمة العشاق اسمنا الثلاثي؛ فأصبحنا عشاقاًبلا هوية، بلا وزن أو قافية؛ لهذا نحن أسرى الريح..أسرى النسمات العابرة؛ فلا تتعمقي في قراءتي كثيراً..ولا تطيلي النظر في أبياتي،فلست مارداً لأطل عليك من نافذة الكلمات.لست سوى أنا.. كما تعودت عليّ وكما عرفتنيشاعراً أنيقاً يراقص الحروف بطريقة عفوية تثير إدهاشك.ها أنا على بعد عام من شفتيك أزداد عمراً وأذوب برداًها أنا مثلما جئت فرداً أعود فرداًلم يطرأ جديد.. سوى أني أصبحت أجمل..ألم تقولي ذات بوح: أنتَ لا تكبر عمراً، بل تكبر حسناً وسحراًكما أن مشاعري الوطنية أصبحت أجمل..ألم أقل لك يوماً: إن البعد عن الوطن ينقي مشاعرنا الوطنية.إذن.. كان بُعدي عنك اختباراً لصحة نبوءتناكلانا نجح في الاختبار، وكلانا الخاسر الأكبر!أما أنا.. فخسارتي مضاعفة، أمام هذا السقوط الجماعي،أمام هذا الانحدار الأخلاقي لرموز تعرّت من شعاراتهافي سباقها الحار نحومراسم تسليم غرفة من زجاجلصاحب الرقم القياسي في ضرب الناس بالحجارة..ولأن الحجارة سمة حضارية في تاريخ قضيتناولكي لا يحوّر المعنى بطرائق فقهية.. سأكتب مرة ثانية:تتضاعف خسارتي، أمام هذا الانحدار الأخلاقي لرموز تعرّت من شعاراتهافي سباقها الحار نحومراسم تسليم غرفة من ورقلصاحب الرقم القياسي في كيّ الناس بالنارولأننا لم نصل إلى هذا الحد من الغباء،يجب أن أنوه أن رموزنا على علم مسبق بالمثل القائل: «الذي بيته من زجاج لا يضرب الناس بالحجارة» ولكن..كل ما في الأمر أن وكالة فتنة عربية ستغطي عملية الرجموبالتالي سيضمن هذا الرمز أن يطلّ علينا بلحيته البيضاءثلاث مرات في اليوم على مدار ثلاث نشرات إخبارية مفصلةعلى مقياس عباءته الفضفاضة التي تتسع لكل شيء إلا الأمانةتماماً كهذا الوطن الذي يتسع لكل شيء ويضيق بنا!ها أنا على حافة المنفى أكتب لك من جديد..وأعلم أنك لن تمري على هذا النص إلا صدفةكما مررت ذات مطر على عطشي صدفة!أما زلت تحتفظين بقصائدي تحت مخدعك.. أما زلت تقرئينها خلسة؟كم مرة يجب أن نموت كي يغفر الحظ لنا ذنباً لم نقترفه؟هل أكتب بحروف فسفورية كي تدرك النجوم كم أحبكِ!ولكن.. ما جدوى ذلك ما دام الجن والأنس مجتمعينعاجزين عن خلق ذبابة!إياك أن تظني أني أسخر مما آلت إليه حالناإياك أن تظني أني كفرت بالقضاء والقدركل ما في الأمر أني أجلس الآن وحدي..أراقب عاشقين يتراشقان بالقبلتحت سماء تظللهما بالأمن والسكينةفتذكرت عينيك ووطني الذي لا أملك منه سوى حروفه الستةوحين فاجأني البكاء.. لم أجد ما ألوذ بهسوى قلمي الذي خطَّ لك هذه الكلمات المتواضعة!