الثلاثاء ٣٠ كانون الأول (ديسمبر) ٢٠٠٨
بقلم صبحي فحماوي

قتل المحبة في غزة

القتل في غزة سيد الموقف. أشعر بالخجل من نفسي، وبالعذاب النفسي، وكأنني حلزونة تذوب تحت رش الملح الجائر على جسدها اللدن.

في صباح اليوم الثاني لعيد الميلاد، الذي ولد فيه السيد المسيح، الذي نادى ب (المحبة المحبة)، وقبل أن أعرف أنه صباح دامٍ في غزة، وقفت بسذاجتي المعهودة أمام المغسلة لأغسل وجهي، فشاهدت نملة تسير فوق سطح المغسلة.. إنها نملة تسرح وتمرح في غرفة نومي، وفي الليل أشعر بها تسير على رقبتي، أو على ساقي..ها هي نفس النملة التي تقرصني في الليل! يجب أن أقتلها! مددت يدي لأقتلها! وقبل أن تصل إليها يدي، ارتد إصبعي عن القتل.. قلت لنفسي: يا صبّاح، يا فتّاح، يا رزّاق يا كريم! لا أريد أن أبدأ صباحي بالقتل. تركتها تمضي إلى ثقبها.. صدقني هذا ما حدث. ولكنني عند الظهيرة، فوجئت بأخبار القتل الجماعي في غزة، إذ جاء القتلة الصهاينة إلى غزة ليمارسوا مهنتهم في القتل!

أشعر أن الحضارة والديمقراطية القادمة إلينا من الغرب على ظهر دبابات ومجنزرات وطائرات إف إف إف من أعالي البحار، لا تفعل في بلادنا منذ تسعين سنة أي شيء سوى القتل، وكما أن الفعل الذي تشتق منه الكلمات العربية هو: فَعَلَ، يفعلُ، افعل، مفعول مستفعل متفاعل فاعل فعول مفاعل مفاعيل، فإن الفعل لديهم هو: قتل، يقتل، اقتل، مقتول، مستقتل، متقاتل، قاتل، قتول، مقاتل، مقاتيل ...لا أفهم هؤلاء القوم الأغراب الذين لا يفهمون سوى القتل، ولكنني أفهم مقولة ديننا: (وبشر القاتل بالقتل، ولو بعد حين).

وإن كنت أتفهم أن الإنسان هو معتد بطبعه- ولا أريد أن أقول الإنسان الغربي، ولا أريد أن أعمم- وأن القتل يتم بين الناس، منذ قابيل وهابيل، فأنا لا أفهم قتل العمارات وقتل البيوت وقتل الأشجار، وقتل الزيتون وقتل البلوط وقتل الغابات.. التي تتم بلا هوادة، بتلك الجرافات الكاتربللر الطاحنة. وأين هي جمعيات البيئة العولمية الكاذبة المتبجحة بحقوق الإنسان وحقوق الحيوان وحماية البيئة من قتل الغابات هذا؟ أنا لا أتفهم هذا القتل! وأستغرب هذا التقدم لجيش (الدفاع الصهيوني) الذي يحمل شعار: (خير وسيلة للدفاع هي الهجوم.!)

أنا لا أتفهم متحف (التسامح) الذي يقام فوق عظام مقابر الفلسطينيين العرب عند سور القدس، ما دام "التسامح" يتم يومياً بالقتل المستمر، ولا أفهم مباحثات (السلام) المستمرة منذ عام 1920 وحتى اليوم، ما دام (سلامهم) يكتب بالحروف الأولى من مسننات شفرات الكاتربللر الديناصورية ، وطائرات ال إف إف إف في غزة وباقي مناطق فلسطين المحتلة!

وإن كنت أفهم أنهم محتلون وقتلة، فأنا لا أفهم كيف لا يطلقون تهديداتهم بالقتل، إلا من على منابر عربية، فهل وصل الهوان إلى هذه الدرجة، بأن يشتري العرب أدوات إعلامهم وسماعاتهم ومنصات تلفزيوناتهم، لتنطلق منها بيانات القتلة الصهاينة لإعلان بدء القتل؟ أوليس للصهاينة منصات تلفزة يستطيعون استخدامها لإطلاق تهديداتهم منها بقتلنا.. حتى بث إعلامهم يتم على حسابنا، وعلينا يقع القتل، وعلينا يقع كل شيء! كم هم اقتصاديون وكحتوتيون هؤلاء العابرون القتلة، الغرباء عن بلادنا! أقول كل هذا، ولكن السؤال الأهم: ترى ما هو العمل؟


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى