الخميس ١٥ كانون الثاني (يناير) ٢٠٠٩
بقلم حبيب فارس

أوزيمانديسيات

قابلتُ مومياءًً

في متحفِ (الموتى من الأحياء)

شَعْره مصبوغ بفحم طفلْ

قال:

قالت تسيبي:

قالوا:

إنّكِ تنتسبين ل مواتليسْ

وقد أوصى بنقل قاديش

إلى شمال شرقي الصّحراء

وبتمديد معاهدة السّلامْ

قالتْ:

وقالوا:

ستجسّدين روح غولدا

وبشهادة الآلهة

ما أنت إلاّ روح إيزيسْ

إشهدي لرمسيسْ

أنّك زوجته المطيعة ْ

وأنه ملك الملوكْ

ودوّني في سجلّ التشريفات:

"أنظروا إلى أعماله أيها الجبابرة واعتبروا!"

هو قد قرأ "أوزيمانديس"

واقتنع بأن "لا شيء سيبقى"

سوى شَعره الفتيّ

المصبوغ بفحم طفلْ

إلى حين اعتلاء مرنبتاخ

رأس الهرمْ

قال دليلي:

إقرأ وصيّة ملك ملوك الملوك للمومياء

"...أعطهموا الحرّيّة أو فاعطهموا الموت...

سأكون لك اليوم مقدم إرهابْ!..."

عفواً "ماكيردي"

سأتابع قراءتي في القصيدة:

"...في ذات الوقت

أمّ في فرح ٍتدفع عربة سوبر سوبر ماركتْ

المملوءة في إفراطٍ بفطائر تفاحْ

بضمير ٍخال ٍ من دسم ٍ، مرتاحْ

لا تزعجه أمّ أخرى تدفع عربتها

وعليها أشلاء حياةٍ

في بعض شوارع خلفية

والفقراء جماعاتْ

تتجمع مستدفئة حول لهيب النارْ

في ظل رموز الحريةْ..."

في المرآة

في (متحف الموتى من الأحياء)

شاهدتُ زائراً من الحاضر يقول:

فوق كتفي حملٌ ثقيلٌ

كلّما تقدّمتُ موتاً ثـَقُلْ

وكلّما تقدّم موتي ثـَقُلْ

فعروبتي ليست خطيئتي

لكنّ الخطأ قد قـَتَلْ

وكلّما قُتِلتُ مرّةً

اكتَشفتُ في جثّتي

أكثر من مَقتَل

أنا المقتول الدّائم

ورُعاة/ع الأمّة هم من قـَتَلْ

قلتُ:

مكان متحف (الأحياء من الأموات) هذا

سيقام متحف (الأموات الأحياءْ)

ومكان هذه الوصيّة

من ملك ملوك الملوك للمومياءْ

ستُحفر بحبر الخروج عن طاعة الفراعنة

هذه الأنشودة:

نحن من أمّة كان قادتها موتى

نحن من قبيلة كان "خدّام حرماتها"

خدماً للمحرّماتْ

أحياءً بلا قلوبْ،

نحن من ضاق بنا البكاءْ

وغصّت بقبورنا المقابرْ

نحن من أبناء العشيرة التي كان أفرادها

مجرّد أفرادْ

نحن من حفظ َ أمّيوننا

جدولَ الضّربْ

عن ظهر ِقلبْ

نحن من قبيلة كان شعارها

علامة الطّرحْ

وعلامة الجمع في عيونها

راية الذمّيّة ْ

نحن من قوم كان أطفالهم مقتنياتٍ

إن هم عاشوا

وإن هم ذُبحوا

ففدية أو ضحيّة ْ

نحن من عُومِلت نساءهم حرثـَهم

للحراثة يعشنَ إن هنّ عشنَ

وإن هنّ متن استراح شيوخنا

فما حياة "العرض"

إلاّ شرّ البليّة ْ

لكنْ...لكنْ...لكنْ

نحن من لم يحفظ الوصيّة

نحن من سخرَ من الفناءْ

نحن من صنع الحرّيّة

صوّبي قاديش – بالإتجاهين –

دمكِ

نحو تلك الصورة

المرسومة داخل علامة القتلْ

ستسقط الطائرة فوق الصّنم

سيفرح الأطفالُ

بالألعاب الناريّة

هو غيمة أخرى

ذلك الموت الكثّ

المتجمهر فوقكِ

غداً ستنجلي

و"حول ذلك الحطام الضخم، بلا حدود ولا غطاء

ستمتد [حقول القمح] المستوية على مد البصرْ

 [1]


[1إستعارات من قصيدتي "أوزيماندياس" للشاعر الإنكليزي بيرسي بيشي شيلي (ترجمة ندى الرفاعي) و "أوزيماندياس 2004" للشاعر ديفيد ماكيردي اسكتلندا/هونغ كونغ (ترجمة سيد جودة).


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى