الخميس ١ أيلول (سبتمبر) ٢٠٠٥
بقلم خالد الخراز

الكابوس

كان يوما ممطرا ، أبرقت فيه الشمس وأرعدت ، وقف أمام النافذة ينظر إلى الشارع الفارغ من المارة ، وفي قلبه كانت تشتعل نار الشوق .. الشوق إلى أبويه وأخويه .. أغلق النافذة وجلس على طرف السرير وحمل الرسالة وأعاد قراءتها للمرة الألف ، لقد أصبحت له أخت أخيرا ، فتاة جميلة تقول الرسالة .. وضع الورقة جانبا واستلقى على ظهره متخيلا شكل أخته الصغرى .. ومدى فرح أهله بها وقرر السفر لزيارة أسرته ، لقد أحرقته نار الغربة واشتاق لأهله كثيرا ، نعم يجب أن يسافر ليرى أبويه وأخويه وخصوصا لبنى ، هذه الوردة التي زينت بيت أسرته ونشرت بمقدمها البهجة في أرجائه كما تقول الرسالة .

حمل حقائبه وركب الحافلة وكلما قطعت الحافلة مسافة من الطريق إلا وزاد شوقه ، لقد مضى عام كامل لم ير خلاله أهله ، كان عاما قاسيا ومريرا ، ولكنه سينسى كل هذا ، عندما يرى أمه وأباه ويرتمي في حضنهما ، ويلاعب أخويه ويشاغبهما كما اعتاد أن يفعل سابقا ، ويقبل لبنى شقيقته الجديدة .. كانت هذه الخواطر تثير في نفسه نشوة كبرى.

وصلت الحافلة إلى مدينته ليلا .. وأخذ سيارة أجرة إلى البيت ، أنزل حقائبه ودفع الحساب للسائق .. ترك حقائبه على الرصيف ، وهرول إلى البيت ، كان شوقه إلى أسرته فوق الوصف .. طرق الباب طرقا ت تحمل إيقاعا شعبيا ، سمع صوت أبيه آتيا من الداخل : من الطا رق ؟

ابتسم وقال : أنا ابنك

  ابنائي داخل البيت ، ارحل من هنا

  ماذا دهاك يا أبي ألم تعد تميز صوتي ؟ هذا انا أيوب .

فتح الاب الباب نصف فتحة وقال : من يتبت لي أنه أنت ؟

دفع أيوب الباب فجأة واقتحم المنزل وملامح الدهشة والاستهجان
تعلو وجهه : ما هذه المزحة الثقيلة يا أبي .. هذا أنا أيوب .. أين أمي ؟ وأين إخوتي .. أين لبنى ؟؟

اندفع داخل البيت إلى غرفة الأولاد ، وهناك لمح طفلة صغيرة حملها بين ذراعيه ، فصرخت بشدة وشرعت في بكاء مسترسل طويل ، لحق به الأب واستل منه الطفلة وسلمها إلى أمها التي جاءت تولول وأمسك بخناقه وهو يصرخ : غادر بيتي أيها المخبول .

  إنه أنا يا أبي .. ماذا دهاكم .. أمي أنا أيوب .
كان أيوب يصرخ والأم تصرخ ، والأطفال يبكون ، والأب يدفعه نحو الباب وأيوب يقاومه ، وبعد جهد جهيد تمكن الأب من فتح الباب ، ورمى ايوب خارجا .. كان وقع السقطة مدويا .. وفتح عينيه ، أحس ببرودة تلفح وجهه وببعض الألم ، كانت رجلاه فوق السرير وظهره على الأرض .. لقد كلن مجرد كابوس .


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى