

المناضل
وإن غدا لحظُّكَ طعمَ ملحِ البحرِ، لا تغرقْ.
أعلمُ، كم مشيتَ حافياً على الكسرِ،
كم أُرهِقتَ من حملَقَةِ العبث.
من عتمةٍ ثقيلةٍ من الضَّجر.
لكن،
الَّذين يستأنسونَ بميتاتِهم، لستَ منهم، لستَ منهم.
اسألِ الريحَ، والموجةَ، والنَّجمةَ، ونشيدَ البدايات،
كيف يتهجَّى الكبرياءُ في صمتِه اسمَك؟
وكيفَ تُبدِّلُ الحرِّيَّةُ مجراها لتتبعَك؟
كلُّ حرفٍ منكَ قصيدة،
وكلُّ خُطوةٍ منك طريق.
رفيقُ، يا رفيق:
أيُّها النِّسرُ المحلِّقُ فوق مرتفعاتِ الخوف،
الوارثُ من عينِ الشَّمسِ اليمنى،
جرأةَ الشُّروقِ،
ومن عينِها اليسرى،
وشمَها الأبديَّ على كفِّ اليقين.
ها نحنُ،
نركضُ في دائرةٍ قطرُها ألفُ حزنٍ،
يثقبُنا الرَّصاصُ، تُطارِدُنا، رياحُ الأضرحة.
هذه بلادٌ، تجلسُ تحت ظلِّ المُشيِّعين،
هنا انفرطَ العدلُ كالمِسبحة.
لكن، لا تنكسرْ،
الصِقْ جلدَكَ بجمرةِ الأمل.
حاربِ المسكوتَ عنهُ، اركلِ النَّدم.
وتذكَّرْ.. في الغيبِ سبعُ سنابل،
غداً، أو بعد غدٍ،
سوف يتضاعفنَ في أرضِ اخضرارك،
يا فضَّةَ الصَّبرِ المبارك.
اعبُرْ كرحَّالةٍ فوقَ كثبانِ الغضب،
اطرقِ البابَ بعنفٍ، علَّك تُزعِجُ نومَ الضَّميرِ،
وهؤلاء الصَّامتينَ أمام المذبحة.
واحلَمْ...
الحُلمُ سفرُ الروحِ بعيداً.. بعيداً.. إلى السَّماء،
إلى عالمٍ لا يحكمُ ظلَّهُ، شرطيّ.
صُنعُ معجزةٍ من لا شيء.
رفيقُ، يا رفيق:
لا هزيمةَ تنتهي بطريقةٍ شاعريَّةٍ قط.
نحن الغاطسونَ في قاعِ الفقدِ،
الملطَّخونَ بالعارِ والشَّتيمة.
وأنت
حضرةُ العكَّازِ في مشيةِ العالمِ العرجاء
النَّجاةُ الكبرياء
وآخرُ مَن يؤرِّخُ قضايانا على كتفِ المحو.
فلا تنكسر.