الناجونُ من حربِ البسوسِ
سَيُبَادِرُ النَّاجُونَ مِنْ حَرْبِ الْبَسُوسِ
إِلَىَ هِرَقلِ الرُّومِ
يَرْتَهِنُونَ أوعيةً لديهمْ
يَخْلَعُونَ نِعَالَهُمْ قَبْلَ الْبَلاطِ
يُقَبِّلونَ الأرضَ بين يديهِ أو قدميهِ
ثم يُقَدِّمونَ نَساءَهم قُربَى
لِخِنْزِيرٍ عجوزْ
وسيُقْسِمُونَ على الولاءِ لَهُ
في ذُلِّ طاعتِهمْ
وسَيَدْفَعُونَ الجِّزْيَةَ المُعْطَاةَ
عن أَيْدٍ وهُمْ مُتَصَاغِرونْ
وسَيَحْلِفُونَ بِكُلِّ آلهةٍ لديهمْ
أَنَّهُمْ جَاءُوهُ طَمَعًا فى السَّلامْ
وبأَنَّهُمْ تَركُوا كُلَيْبًا
وهو يَنْزِفُ واقفًا
فَقَأوا لِزَرْقَاءَ الْيَمَامَةِ عَيْنَها
فَوْقَ التُّرابْ
سَتَضِيعُ في الصَّحراءِ قَافِلةُ المُهَلْهِلِ
وهو يَبْحَثُ عَنْ رِفَاقِ الدَّربِ
في الرَّبْعِ الخَرابْ
جَرِّبْ لِتَعْرِفَ أَنَّ صوتَكَ
لَيْسَ أَبْعَدَ مِنكَ في الرَّبْعِ الخَرابْ
واصْرُخْ بِمِلءِ الصَّوتِ
هَلْ يُجْدِيكَ صَوتُكَ
غَيْرَ خَوْفٍ واغْتِرَابْ ؟!
فالآنَ تَسْـتَنُّ القبيلةُ مَوْتَها
وتَدُعُّ عَاقِلَهَا
وتُسْرِفُ في الْغَبَاوةِ و الْغِيَابْ
والآنَ يَعْلُو الْأَسْودُ الْعَنْسِيُّ
والْكَذَّابُ في شِبْهِ الْجَزِيرةِ
فَوْقَ هَامَاتِ الْهِضَابْ
ويُتَاجِرُ الْقَوَّادُ والنَّخَّاسُ
في وَطَنِ الثَّكالَى
دُونَ خَوفٍ أَوْ عِقابْ
فالآنَ تَرتَجُّ الْمَدائِنُ بالذي نَخْشَىَ
وتُفْتَتَحُ الْمَآثِرُ والخطابةُ بِانْتِحَابْ
والآن تَنْفَلِتُ القصيدةُ من عَقِيرتِها
وتَطْلُبُ أَنْ تُوارَى في التُّرابْ
جَرِّبْ لِتَعرِفَ أَنَّ صَوتَكَ
لَيْسَ أَبْعَدَ مِنكَ فِي الرَّبْعِ الخَرابْ
فَارْفَعْ يَدَيْكَ إلى سَمَاءٍ ..
لَمْ تَعُدْ تُصْغِي إليكَ
وقُلْ لِمَنْ تِلكَ الْخَرَائِبُ؟
والبلادُ خَرَائِطُ الْمَوتَىَ
وجَدْوَلَةُ الدُّيونِ غَنِيمَةٌ
في شَرْعِ بُومٍ أَوْ غُرابْ ؟!
أَلِوَجْهِ رُومَا أَمْ هِرَقْلَ
سَنُسْتَبَاحُ وَلِيْمَةً
تُدْعَىَ لِمَوْعِدِها الثَّعالبُ والْكِلابْ ؟!
هَلْ غَادَرَ النَّاجُونَ مِنْ حَرْبِ الْبَسُوسِ
إِلَىَ هِرَقْلِ الرُّومِ
كَيْمَا يَطْلُبُونَ حِمايةً مِنْ قَومِ جِلْدَتِهمْ ؟!
فَيُرْجِعُهم هِرَقْلُ
عَلَىَ بَوَارِجِهِ الْحَصِيْنَةِ
فَاتِحِينَ بِلادَنا ..
فَوْقَ الْمَدَافِعِ والسِّحَابْ ؟!
فالآنَ تُصْبِحُ
كُلُّ هَاتِيكَ الْقَبَائِلِ تَحْتَ وَابِلِهِمْ
وفي مَرْمَى الْقَذَائِفِ والسِّبَابْ !
يَسْـتَورِدُونَ شَجَاعَةً
لَبِسَتْ دُرُوعَ الرُّومِ
فَارْتَضَتِ الْمَهَانَةَ فِي أَرُومَتِها
وقَطَّعتِ الْأَوَاصِرَ والرِّقَابْ !
أَلِأَنَّهُم عَقَروا نِياقَ اللهِ في الأْرَضِ الْحَرَامِ
وجَاوَزُوهَا نَحْوَ رُومَا أَوْ هِرَقلَ
فَسَوفَ يَسْقُطُ عَنْ كَواهِلِهِمْ
عِقَابُ الْبَغْيِّ أَوْ سَوْطُ الْعَذَابْ ؟!
هُمْ قَايَضُوا بِدَمِ الكُلَيْبِ
وقَايَضُوا بِعِيُونِ زَرْقَاءَ الْيَمَامَةِ ..
بِالْمُهَلْهِلِ وهو يَبْحَثُ حَائِرَاً
بِقَبَائِلٍ تَاهَتْ بِأَرْضِ جَوَا ..
وبِالْوَادِي الْمُقَدَّسِ
بِالنِّبُوةِ فِي مَرَاسِمِهَا .. وآَيَاتِ الْكِتَابْ
ثُمَّ اسْتَرَاحُوا لِلَّذِي نَالُوهُ مِنْ رُومَا
وما نَالُوهُ لَيْسَ سِوىَ الدَّرَاهِمِ
لُطِّخَتْ بِدِمَاءِ يَحْيَىَ والْحُسَيْنِ
ولُطِّخَتْ بِدِمَاءِ آَلافِ الضَّحَايا
والْمَزِيْدِ عَلَى ارْتِقَابْ
جَرِّبْ لِتَعْرِفَ أَنَّ صَوتَكَ
لَيْسَ أَبْعَدَ مِنكَ فِي الرَّبْعِ الخرابْ
فالآنَ تَخْطُو نَحْوَ مَوْتِكَ عَاجِزًا
وتُدَخِّنُ الأيَّامَ في رِئَتَيْكَ
تَبْتَلِعُ الْإِهَانَةَ وَالْمُخَدِّرَ ..
والْحَقِيْقَةَ وَالْمُخَدِّرَ..
والرُّجُولَةُ تَشْتَهِي قُرْصَاً
لِتَخْرُجَ مِنْ غَيَابَتِهَا وَتَنْشَطَ فِي الظَّلامْ
ثُمَّ تَصْطَنِعُ الْبَلادَةَ حُلْمَكَ الْقَوْمِيَّ
فِي زَمَنِ الضَّبَابْ
وَتَرَىَ مُسَيْلَمَةَ الْكَذُوبَ
وسَامِرِيَّ الْعَصْرِ فِي التِّلْفَازِ
مُنْتَفِخَيْنِ فِي جَدَلٍ عَقُورٍ
أَوْ مُنَاظَرَةٍ عَنِ الْحُكْمِ الرَّشِيْدِ
وَمَنْ سَيُصْبِحُ حَاكِمَاً
هَلْ مَنْ يَفُوزُ بِقُوَّةِ الْأَصْواتِ والْأَسْلابِ
يُمْسِكُ حَبْلَنَا .. ؟!
أَمْ مَنْ يَفُوزُ بِسَطْوَةٍ لِلْأَمْنِ وَالْإِرْهَابْ ؟!
صَوِّتْ عَلَىَ أَرْقَامِهِمْ ..
أَرْسِلْ لَهُمْ
جَرِّبْ لِتَعْرِفَ أَنَّ صَوتَكَ
حَبْلُ مِشْنَقَةٍ
يُلَفُ عَلَى الْحَنَاجِرِ والرِّقَابْ
هَلْ أَوْهَمُوكَ بِأَنَّ رَبْعَ خَرَابِهِمْ
صَارَ الْحَدِيْقَةُ في التَّحَرُّرِ وَالنَّمَاءْ ؟!
صَفِّقْ لَهُمْ .. وَاشْكُرْ جَمِيْعَ النَّازِحِينِ
إِلَى هِرَقْلَ لِأَنَّهُمْ
قَدْ فَخَّخُوا الْأَيَّامَ .. وَالْأَعْوَامَ .. وَالْأَحْلامْ
قَدْ وَزَّعُوا الْأَلْغَامَ فِي غَدِنَا ..
وَفِي يَدِنَا ..
وَفِي أَرْكَانِ حُجْرَتِنَا ... وَشُرْفَتِنَا ..
وَفِي لَغْوِ الْكَلامْ
قَدْ وَزَّعُوا الْأَلْغَامَ .. خَلْفَ الْبَابِ ..
فِى الْمِحْرَابِ ..
فِي السِّرْدَابِ ..
فِي سَيْلِ الْلُعَابْ
ظَنِّي بِأَنَّ هِرَقَلَ يَضْحَكُ سَاخِرَاً
مِنْكُمْ .. وَمِنْ صَوْتِي
وَيُمْسِكُ مِقْوَدَ التَّفْجِيْرِ
فِى الرَّبْعِ الْخَرَابْ
جَـرِّبْ لِتَعْرِفَ أَنَّ صَـوتَكَ
قَدْ يَكُونُ
إِشَارَةَ التَّفْجِيْرِ
فِي الرَّبْعِ الْخَرَابْ