الهجاء والسّخریّة في شعرالشاعر المجاهد
المقدمة:
تحاول هذه المقالة دراسة الهجاء والسخریّة عند شاعرٍ من شعراء النجف الکبار ألا وهو محمد سعید الحبوبي، الشاعر الذّي ضحّی بنفسه من أجل بلده، شاعر حمل لواء الشعر والفقه والجهاد. وقد أتینا في هذه الدراسة بنبذة حول حیاة الشاعر ونضالاته وبعد ذلک تطرقنا إلی ما وجدنا من هجاء وسخریّة في دیوانه ورباعیاته، وشرحناها بصورة موجزة، عسی أن تجدي نفعاً لمن یهتم بالشعر السّاخر.
نبذة عن حیاة الشاعر:
ولد الشاعر محمد سعید الحبوبي في مدینة النجف الأشرف في الرابع من جمادى الآخرة عام 1266هـ ونشأ مطبوعاً على الخير، مثالاً للخلق الرفيع والنفسية العالية، فانطبع على حب العلم والأدب إنطباعة کانت تشير إلى ذکاء ونبوغ. إتّجه صوب المجتمع فکان ولوعاً بتکوين الحلقات الأدبية التي تصقل المواهب وتثيرها. والتحق ببعض رجال أسرته الذين عرفوا باشتغالهم بالتجارة بين نجد والنجف، وما أن أظلته سماء نجد وأرض الحجاز ورأى من صفائها ونقاء تربتها إلاّ وتبدل حسه إلى لون آخر، فقد انطلق يغرد بألوان من الشعر لم يعهد النجف لها مثيلاً، ويحف المحافل والأندية بقطع من قلبه الرقيق وروحه الکبيرة. واستطاع أن يتملك زمام إمارة الشعر، ويترأس الأندية التي ضمّت النوابغ والفحول من أرباب الأدب، فانضوى تحت رايته أکابر الشّعراء، ونتسب إلى حضيرته معظم الأدباء. [1]
لقد أحبّ الحبوبي التنقّل بين العراق ونجد، مما جعل أجواء البادية تبدو واضحة البصمات في شعره. حيث کان يسافر بصحبة والده على الإبل متحدياً کلّ المخاطر والصعاب التي کانت تواجهه رغم حداثة سنه، بل کانت هذه المخاطر مصدر متعة روحية ودعوة لمعانقة أفق الصحراء البعيد الممتد في فضاءات لا يدرکها البصر. رأى الصحراء واسعة، عامرة بالمشاهد من فجاج القوافل وکثبان الرمال، وعيون الماء وسيول الأودية، وقطعان الظباء سانحة أو بارحة، وأسراب الطيور. وامتلأ سمعه بحداء«حادي العيس» في صمت الفلاة العميق، ورغاء الإبل، وأصوات الرکب وتناديهم. وتنسم النسمات العليلة المعطرة بشذى الشيح، والقيصوم، والعرار، فأخذ بتلک المشاهد البدوية، فأعطاها من نفسه وإحساسه ما أعطاها حتى انطبعت آثارها فيهما، فإذا به بدوي العاطفة والخيال، حضري الملامح والسيماء. [2]
کانت الصحراء بالنسبة للحبوبي بمثابة الذاکرة الشعرية التي يستمد منها ثورة وجدانه وتأجج عواطفه حيث مظاهر العروبة الأصيلة شاخصة أمام العين، وحيث أصداء الذکريات العربية في الحبّ والبطولة تملأ النفس صفاء وتبهر العقل سحراً. ولعلّ هذه الأسباب جبلت نفسه على الطهارة والعفة، بالإضافة إلى نسبه الشريف، لذلك راح الکثير يسقط عن تهمة التشبيب. بيد أنّ الأمر ليس کذلک لدى أولئك الذين يملکون قلوباً نابضة بارتعاشة الشعر. فهذا الشاعر الدکتور محمد مهدي البصير يقول: نظلمه (ظلماً فاحشاً إذا افترضنا أنّ قلبه لم يکن من القلوب التي يدخلها الحبّ، وأنّ طبعه لم يکن يستجيب، في يوم من الأيام، لما في الحياة من متعة ولذة وجمال.) [3]
ولکن مَن کانت تلك الحبیبة التي علقها؟ ما اسمها؟ ماشکلها؟ أین لقبها؟ اأحد یعرف أو لعلّها حقیقة: [4]
نَازلِي «الرَّملَ» مِن «نَجدٍ» أحبُکمُو
وَإن هَجرَتُم، فَـفِيمَ هَجرُکُم؟ فِيمَا؟
فأمام مشاهد الطبيعة، وتحت تأثير حکايات الحبّ العفيف، وملاحم البطولة العربية وقف هذا «الشاب» العربي مبهوراً بما رأى، وما سمع. حتى إذا إمتلک زمام أمره، وجد نفسه يقول شعراً ذاتياً محضاً هو الصرخة الشعرية الأولى التي إنطلقت من أغوار نفسه الشاعرة. [5] ولعلّنا نجافي الحقيقة شيئاً ما إذا ما أوکلنا کلّ شيء إلى مظاهر الطبيعة وآثارها. لأنّ الشاعر الحبوبي نشأ في بيت الأدب، فبعد أن تعلّم القراءة والکتابة والخط وحفظ القرآن على أبيه، إنصرف إلى دراسة مبادئ الأدب وعلوم العربية (النحو، والصرف، والبلاغة) ومقدماتها تحت إشراف خاله «الشيخ عباس الأعسم» الذي لمح علامات الموهبة باديةً على إبن أخته، فسرّ لذلک وتعهد لأن يکون المعلم والراعي لهذا اليافع الذي حفظ هذا الصنيع لخاله فقال في مدحه: [6]
لِي مِن مَکارمِهِ أبَرُّ أبوَةٍبَرّت، وَ لَو قَابلتُهَا بِعقُـوقِ
الکرم صفة من الصفات الکریمة المحمودة، فاللئیم لا یستطیع أن یکون کریماً، وتکمن صور الهجاء والسخریة في الکلمات التالیة وهي: الطرفا،الجهل، البُدن والدرن وما تحتویه الأبیات من معانٍ أخری، ولو أردنا تبیّن المفردات الّتي ذکرناه فتراه تدلّ علی معانٍ فیها شئ من الهزء والحطّ من منزلة الشخص المهجو، فکلمة «طرفا» مثلاً تدلّ علی نوع من الشجر یحتوي دخانه علی رائحة غیر طیبه. وایضاً الکلمات الأخری لا تستفاد للمدح بل العکس أصح، فالبُدن نوع من الحیوان، والدّرن هو الوسخ، فلا صفاءَ في ماء المهجوّ، وکأسه ل ایحتوي إلّا علی الدّرن وهو الوسخ.
وعرّض ذات مرّة بالأدنیاء فصوّرهم أصدق تصویر: [7]
وَمَرّت عَلَی الشُّحِّ أیدِ یـِــهُمبِأفئِدةٍ نَضَجَت مِن حَــــنَقزُکامُ الوَرَی سَدُّ آنـــــافِــهِمفَمَا لِلمَعَالِي بِهَا مِن عـَــبَقتَری کُلّ َ ذِي لَهجَةٍ شـَــأنَـــهُیُزخرِفُ مِن إفکِهِ مَا اختَلَقوَقَد کانَ سَومُ العُلی غـَـــالـیـاًفَأرخَصَهُ أخذُهُم بالـــــحَمَقوَیصبحُ_لَوسِیمَ_ فـــي دِرهـــمٍوَلَو أمطَرُوا عَسجدَاً مَا نَـفَقوَإن أبصَرُوا المَالَ أبصَرتَـهُــموَقَد رَکَبُو طـَبقَاًعَن طـَـــــــبَق [8]وَقــــد عَـلِــــمُوا أنَّ ارزَاقَهُــمیُقَسِّمُهَا بَینـَـــهُـم مَــــن رَزَقوَرُبَّ فَتَیً رِزقُهُ عَـــــــاکِفعَلیهِ،أطَلََّ وَفیه الــــــــــتَصَقوَرُبَّ فَتیً رِزقُهُ زَئــــــــــبقإذا[حَبسَتهُ] الأکُفّ ُإنــــــــطـَلـَقفَقُل لِمُجاریهِ: قِف وَاتـّــــــئـِدفَحَوزُ الرّهانِ إلی مَن سَــــبـَـقوَکَم أوفَت البَزلُ في حَلـَـــبَةوَمَا أدرَکَت شَأوَهنَّ الحِـــــقـَق [9]ولشاعرنا هجاء صریح،قاله فی ذمّ الدنیا، وذلك فی معرض مراثیه. ومنه قوله: [10]بَلَی نَحنُ في طَیفِ الکَرَی وَتَخـالُنامِن السُّکر یَقظَی لَا بِطَیفِ کَرانَابِمَعشوقَةٍ لَم تَرعَ ذِمّةَ عـَـــــــاشِـــقٍوَشــــنآنةٍ لَم نُولِها الشَّـــــنآنا [11]نَری وَصلَهَا- وَهوَ المحالُ- فَریضةکَمَا أوجَبَت هِجرانَنَا وَجِــــــفَانَا
رأینا کیف یذمّ الشاعر الدنیا وبما فیها من عدم الوفاء بوعودها والهجر وما شابه ذلك، هذا ما وجدناه فی دیوانه الاول، أمّا دیوانه الثانی المسمّی بـ«رباعیات الحبوبی» فوجدنا فیه الکثیرمن الرباعیات الساخرة الهازئة الناقدة للوضع السیاسي والإجتماعی السائد فی البلاد، وقد سخر من النّواب والحکومیین سخریة هادفة یرید بها تبیان الوضع الذي وصل إلیه وطنه العراق. سنحاول فيما یلي القاء الضوء علی تلك الرباعیات الساخرة ونبدأها بسخریته من ذوي المناصب فی الدولة وما یدعو إلی السخریة منهم، فسخریته کما ستلاحظون فیما یاتي نقد لما حلّ بشعبه فنراه ینتقد وزیراً حین تحاور مع صبیٍّ فقیریسائله سبب فقره، فأجابه الصبي بلسان ساخر، لاحاجة للسؤال أت أعلم بحالي، وفقری شاهد علی عدالة النّظام، فالصبیّ بهذه الکلمات یستهزئ من الوزیر. المقطوعة هي«صبي متهکم»: [12]
قَالَ الوزیرُ لنَاشِئ ٍ ذِي فَاقَة:مَا لِي أرَاکَ زَريَِّ حَالٍ یَا صَـبِيفَأجابَ:لََم أرَ حَاجة ً لِتســـاؤل ٍعَنّي،وَ لَم تَکُن الجَهولُ وَ لا الغَبيأ وَلَیسَ فَقرِي شَاهِدَاً عَدلاً عَلَیعَدلِ النّظامِ غَضِبتَ أم لَم تَغـضَبِ؟وَأنا إبنُ شَعبٍ مُکرَمٍ دُخـــــلاؤُهُفـَــــــــعَلامَ لا أشقَی لِیَهنأ الأجنَبِي
فشقاؤه من أجل أن یهنأ الأجنبي لا من أجل سعادة إبن بلده. وبرأي الشاعر _وهو الحقیقة بعینها- أنّ ما یحتل السیاسیون من مناصب ماهي إلّا بلوغ إلی مآربهم الدّنیویّة التافهة لتدرّ علیهم بالأموال وما یعدون به الناس ماهی إلّا مواعید عرقوب لها مثل فکلّها أباطیل کما قالها کعب ابن زهیر فی بردته، والحبوبی یقتبس من تلک القصیدة بعض المفردات والمضمامین فیقول: [13]
مَن لِشعبٍ یَشکُو سِیاسةَ قَومٍضَلَّ في عَــهدِهم طَریقَ النّـــجاحِکُلُّ ُ جَانٍ أو جَائر ٍ یُفــــسِدُالأمةَبِـــــاسمِ الإرشَـــادِ وَالإصــــطِلاحلا یَرَی المَنصِبَ الّذي هُوَ فِیهغـَـــــــــیرَ سُـوقٍ تـَـدرُّ بِالأربـــاحإن یَعِد فَانتَظِر مَواعِیدَ(عُرقوبٍ)بِهَا قَد أتَی لِـــسَان(سـِــــــجَاح)
نعم؛ هذه الصیحات بإسم الإرشاد والإصطلاح ما هي إلّا مواعید عرقوب لها مثلا، ومامواعیده إلا الأباطیل، هذا ما قاله کعب في سعاد، امّا السیاسیون فما المنصاب الّتي یحوزون علیها إلّا مصدر رزق لهم یدرّ علیهم بالأرباح الطائلة .
وما سیاسة الوزراء غیر سیاسة الإرهاب فیقول ساخراً: [14]
أنَکر عَلی وِزرَاءِ شَعبِک سَعیَهُملِزَوالِ مَا في الشَّعبِ مِن أنکـَــادیَستَکثِرُون مِن الدَّوائرِ وَهي لَمتَضمن لِأمَّــــــتِهم بُلـــوغ َمـُــرَادوَیُحَاولُون عِلاجَ شَعبٍ لَم یـَـــثـُرلَو عَالَجُوه بِحـِــــکمَةٍ وَسـَـــــدادوَلَو أنّهُم فَحصُوا المَفاسِد َکـُــلّهاوَجدُوا«السّیاسةَ»أصلَ کُلِّ الفَسَاد
السیاسة أصل الفساد کما ذکر شاعرنا الفذّ الحبوبی وهؤلاء السیاسیون یریدون إصلاح الوطن والمجتمع ، ولکنّ الوطن یشتکي أعمالهم وهلّا یستلین الصلّ جلد القنفذ: [15]
یَا مُصلِحِي الأوطانَ کَم مِن مَوطِن ٍبِاللهِ مِن إصلَاحِکُم مُتـــــــعوّذِهُوَیَائِسٌ مِن عَطفِکُم وَحَـــــنانِکُمیَأسَ الغَریِقِ عدته کَفُُّ المُنقِذِهَذِي بِلادُکم تَشـــــکّی مِن هــویًمُتَحکّمٍ بِشؤونِها مُتَــنـــــــفــّّذِلَم تَستَلِن أیـّـــــامُهُ، وَنـِـــظامُهُ،وَمَتَی استَلَانَ الصِّلُّ جِلدَ القُـنفُذِ
لقد یئس ابناءُ الوطن من عطف الحکام وحنانهم، کما یئس الغریق، ولکن الغریق لربما یجد حشیشةً یتشبث بها، أمّا أدعیاء الإصلاح هؤلاء کالحیة ملمسهم ناعم وسمّهم قاتل، وکثیراً ما یقومون بخداع المواطنین بألفاظهم العذبة، ویرسمون لهم مستقبلاً زاهیاً، فــیخاطبهم الشاعر قائلاًفي رباعیته المعنونة «لاتخدعوا الأبریاء»: [16]
لا تَلومُوهُ علَی إستِهـــتَــارِهِبَعدَمَا عَاشَ وَإیّاکم سِــنیناکَانَ أندَی مِن فَتاةٍ جَبـــهـة ًًإن تُقابلَهُ عُیونُ الــنَّاظرینَاوأبیتم أن یُری ذو شــِـــــیمٍطَیّباتٍ تَجلِبُ الحَمدَ الثَّـمِینَافَخدعتُم مِنهُ غِرّاً مَا انثَنَـــیعَنکُمُ حَتَّی رَأینَا النَّجمَ دُونَا
وإنتقادات الشاعر السّاخرة لا تقف فی محطة واحدة فنراه یصول ویجول، باحثاً عن خبایا الأمورلیستکشفها بطریقته الخاصة وینوّر به عقول الشعب إذا کان هناک مجال لتنویره، وکثیرا ً ما نری أناس من الشعب یبیعون ضمائرهم من أجل الحصول علی دنانیر بخسةٍ، وللتتضح الصورة نأتی ببعض رباعیته التي تبین مانروم إلیه، فمقطوعة «باعة الضمائر » تؤکّد لنا ذلک بوضوح حین یقول الشاعر: [17]
مشَی النَّاسُ لِإستقبالِ أجوفَ فَارغٍحَوالیهِ یَمشِي کُلُّ أجوَف فََارغفَــــــقُلتُ لَهُم: هَل بَالغٌ رُشدَهُ الّذيقَصَدتُم،قـَـــــــالُوا: إنّهُ غَیرُ بَالِغوَلـَـــــــــــکِن مَشیــنَا لِلدنَانیرِ خَلفَهُبِکُلِّ ضَمیرٍ عَن هُدی الدِّین زَائِغنُبَـــــالغُ تَمویِهَاً عَلَی النَّاسِ بِاسمِهِ،وَکَم خَدَعَ الأغرَارَ قَولُ المبَالِغ
وللزعماء والنّواب نصیب من نقد الشاعر وسخریته، فرباعیاته تکشف لنا المکنون وتظهرلنا ماینون، وهویعتبرهم لصوص بل اللّصوص أجلّ منهم حیث یقول: [18]
زُعمآءَ هَذا الشَّعبِ أعجَزَ شَعبَکُمنَیلُ الــعُلا وَجَناحُه مَحصُوصُ [19]لَم تَعرِفُوا عَیشَ العُفاةِ،وَعَیشُکُمُلا الــــــهَمُُّ یَعرفـُه وَلا التّنغِیصُوَالبَحرُ لَیسَ بِعَارفٍ أهــــــــــوالَهُغَیرُ الـّــــذي یَهَوی بِهِ وَیَغوصُتَرجُونَ مِنّا أن نُــــــــــجِلَّ حَیاتَکُموَأجلُُّ مِنکُم في الحَیاةِ لـُــصُوصُ
صورالسخریة فیما تقدم من أبیات نلاحظها في إجلاله للصوص حیث یری نکریم اللصولص وإجلالهم أفضل من تکریم وإجلال الزعماء،لأن هؤلاء الزعماء هم الذین یقفون أمام رقي وتطو رأبناء شعبهم لکسب العُلا، وینغّصون عیشهم ویکدّرونه.
وللنواب نصیب من سخریته کما ذکرنا ویصفهم بالمنافقین لشرائهم آراء شعبهم للوصول إلی کراسي البرلمان، فعقول شعبهم بضاعة یتاجرون بها لینالوا أرباحهم، ورباعیته «إلی نوابنا الجدد» تکشف لنا نوایا النواب الجدد: [20]
أرَدتُم لـَـکُم حـُــریةً في إنتخابِــــکُمفَفُوزُوا بِها،إذ لَیسَ ثـَمـّة مَــــــانعُوَ جُــودُوا عَــلَی هَذا وَذَا بِابتِسَامِکُموَ دَاجُوا -کَمَا شَاء َالـنّفَاقُ -وَصَانِعُواوَحُـــوزُوا بِــــــبَذلِ المَالِ آراءَ«أمَةٍ»لَــهَا مُشـــتَر ٍ في کـُــــــلِّ یَوم ٍوَ بَائعُوَ قـُـــولُوا:رَبِـــحِنَا في تِجَارتِنَا الّتيلـَــــدَینَا عـُــقولَ النّاسِ فِیها بَضَائِعُ
فنزاعاتهم بعد تسلّم المناصب النیابیة تزداد شیئاً فشیئاً وما نزاعاتهم إلا علی وهم: [21]
طََلَـَــبتُم أیــــُُّها الأغــــرَارُ شـَـــــیئامُـــحَالاً أضحَکَ الــوَاعِي وَأبـــــکَـیفُأعــــــــــطَیتُم مَـــــجَالاً لِإانتـــخَابٍوَأعـــــــــــــطـِي غَیرُکُم بِالفَوزِ صَکّاوَ رُمـــــــتَُم مِــن«نِیابتِکُم» خَــیالاًوَ وَهــــــمَاً لَــــم تـَـــنالُوه ُوَشـَــــــکّاوَ زِدتُــــــم خـَــــلــفَـــهُ سـَــعیاً حَثیثاًوَخـَـلــفَــکُم« الوزیرُ» یَـــــزیدُ ضِحکَا
ووزارة الشؤون لها نصیبها من نقد الشاعر وسخریته لوزیرها حیث یطالب الشاعر من الوزیرمنع التعري للراقصات، فوجده الحاث المصفّق لعَریهنَّ: [22]
قــَـالـُـوا: هـَــــلُمَّ لِحـَـفلَةٍ فیــها تَرَیمِـــن کُــلِّ فَـَــنٍّ مَایـُـحبُّ وَ یُعــــشَُقوَأتـیتُها فَرَأیتُ کـُـــــلَّ خــــلاعـَــــةٍذُوالـــــفَضل ِمِن خجلٍ لَدیهَا مُــطرِقغِیدٌ یَلــــحنُ مــُــــجرداتٍ، یـَــا لــَهُفَنّاً بِـــسَوأتِهِ یَضــــیقُ المَـــــــــنطِقجِــــــئتُ الـــــوَزیرَ لِمَنعهِنَّ عَوارِیاًفـَــإذا الــــــــوَزیرُ لِعَریهِنَّ مُصــــفِّق
وله خطاب مع موظفي الحکومة بأن یرفقوا بالامّة، لأنّ حقوقها سرقت علانیّة، ولکنّه لا تُوجد آذانٌ صاغیة، والکلُّ لاهٍ بالحکم، ویلعبون به کیفما شاؤوا: [23]
مُـــوَظـَــفِي الأمّـــــة ِ رِفـــــــقَاً بِهَاإن کُنــــتُم مِـــنهَا کـَـــمَا تَزعَمُونکـــَـم تَشتـــَــکِي إلیــــکُم منـــــکُمو َکَـــــم تُـنــــادیکُم فـَــــمَا تَسمعُون؟وَکَــــم یَجـِــــدُ الــــشّرُّ فیــــها،وَکَمتَلــــهُون َبالـــــحُکمِ،وَکـَــم تَلعبُون؟قَـــد سـُــرقَت حـُـقــوقـُـها جـَـــهرَةًوَمَــا جَهَـلــــــتُم مَن هُمُ السَارقُون
وبعد إستعراضنا سخریته من السّیاسیین وموظفي الدولة ننتقل إلی فئات المجتمع الأخری، حیث لهم نصیبهم من سخریته، فنشاهده یسخر من العلماء والوعّاظ، یسخر من الشعراء والأدباء، یسخر من الناس أنفسهم، وآخرین نستعرضها فی السطور القادمة، فبعد التمعن فی رباعیاته وجدنا «غطرسة فیه»، مقطوعة ینتقدبهاالشاعر بعض الفقهاء ویقول: [24]
فَقِــیــهُ الـــمُسلمینَ إلیـــکَ جِئــــنانَحــثُّ الـــسِّیرَ مِن بَــلدٍ بـَـــعـــیدلِنَلــــــقَی الفَضلَ، منک َوَ قَد نَدِمناوَلـَـــم تـُرِنا سـِـوی عُـجــبٍ شدیدفَــــــــــکُنتَ أشَدَّ غَطرَسةً ًوکِبراًوَکَــــــــــانَ النّاسُ حَولَکَ کَالعَـبیدإلــــــی «مُوسی بن ِ جَعفَرَ»لإهتداءٍأتَینَا لَا لِــ«هَرونَ »الــــــــــرَّشِید
فالغطرسة والکبر لیستا من صفات الفقهاء، وکذلك جعل الّناس عبیداً، کل هذه الصفات لا یحتویها الفقیه بل الفقیه شخص یُقتدی به في کثیر من الأمور، ولکن الشاعر یری جماعة من الفقهاء یتصفون بصفات لا تلیق بهم فیسخر منهم علّا وعسی أن ینبههم علی ما یقومون به ویهتدون الطریق السلیم، فإنهم ینهجون منهج الامام موسی بن جعفر(ع) لا هارون الرشید.
والمقطوعة التالیة تکشف عن ما یقوم به بعض الوعّاظ المرائین من غصبٍ لمال الیتامی ، وخداع لعقول النّاس وجعلهم خدَم لهم فیقول: [25]
أیّـُـــها الــــحَاملُ الکِتابَ بِکـَــفٍّکَم بِها قَد غَصَبتَ مَالَ الیَتَامَیتَعِـــظ الأغبـِــیَاءَ حـَـتـَّــی تَراهُـملـَـــکَ فِیــــمَا تـَـرومُـــهُ خُدّامَاتَدَّعِي أنَّ فَاعلَ الإثــمِ یُــــــخـزَییومَ یُجزَی نَاراً تـَـــهولُ ضِرامَاإن تـَــــکُن مُوقِــــناً بـِــمَا تَدَّعـِیهفـَـــلِــــمَاذا مَا ازدَدتَ إلّا إثـَـــامَا
نلاحظ کیف یکشف لنا الشاعر بواطن الأمور بالنسبة لهؤلاء الوعّاظ حیث یعظون ولا یتعظون ،یعظون أناس أغبیاء یستمعون إلی ما یقولون ویعملون بما یأمرون، والشاعر یکشف زیّف هؤلاء ویقول لهم إذا کان الآثم یدخل النار فلمَ تأتونه، وصور السخریة تکمن فی اغتصابهم لمال الیتامی وارتکابهم للإثم.
والرّهبان ایضاً اخذوا نصیبهم من الحبوبی عندما یصفهم بالذئاب ، ساخراً منهم ومن اعمالهم، إلیکم رباعیة«ذئب فی صومعة»: [26]
خَلعَ المسوحَ علیهِ في مِحرابهلیَری الأنَامَ بِلَمسِهَا تَتَبرَّکُوَ لتَحمِلَ الأموالَ سـَـاعیة ً لَــــهُفي کُلِّ وَقتٍ وَهوَ لَایَتــحرَّکُولیَبلُغَ الآمـَــــــــالَ مـِـن لَـــذّاتِهِبِخِداعِهِ هَذا التّقيّ ُ المُــشركوَ بَــدَت حَـقیقـــتُهُ لَــــهُم فإذا بِهذِئبٌ لإدراکِ المُنَی یَتَنَـــسَّکُ
وبعضٌ یَدّعي العدالة : [27]
تَدعُو إلی العَدلِ بَینَ النّاسِ طَائفةٌ ٌلَم تَعرفِ العَدلَ في قَول ٍو َلَا عَمَلوَمـَــا أتَــت مُنکرَاً بَل إنّها سَلَکَت-کَغیرِها- لِلأمَاني أنجحَ السُّـــــبـُلهَــــذَا وَذَاکَ وَهَـــــــــذا کُلّـُهم،وأناوأنتَ سَاع ٍ إلی الأغراضِ بِالــحِـیلنُضفِي عَلَی کُلّ مَکر ٍعِـفـّـةً وَتُقیًکَمَا تَقَمّصَ ذِئبٌ صُورة َ الــــــحَمل
فیما تقدّم في المقطوعتین نری الشاعر یشبّه الرهبان والذین یدّعون العدالة بالذئاب للوصول إلی غایاتهم الخبیثة ویریدون بمکرهم وحیلهم الوصول إلی ما أهدافهم المریضة.
وأمّا الأدباء فقدخصّص شاعرنا بعضاً من رباعیته فی نقد الأدباء والشعراء وإستهزء بهم وإحتقرهم أشدّ إحتقار، فوصفهم بالکلاب التي تعوي خلفه وتلهث ،هذا بالنسبة إلی من أراد شتمه فقال: [28]
ضَحکتُ وَ لَم أضحکَ لِغَیرِ زَعَانفٍبِأحشائِهِم کَالنار ِ حِقدٌ مُؤَرَّثأتیتُ بِمَا کانَ القَذَی في عُیونِــــهمفَجَفـُّوا إلی نَادیِهم وَتحَدَّ ثــــواوَقَد دَفَـــــعُوا مِـــنهُم أدیباً مُــخنّثاًلِیَشتُمَنِي ذاکََ الأدیب المُخنـــّثفَأعرَضتُ عَنه جَانباً لإحـــــــــتِقارِهِوَخَلفي ظِل َّ الکلبُ یَعوِي وَیَلهَث
ما أشدّ هذا الهجاء الذي قام به الشاعرعلی هذه الفئة، إنّه یصفهم بالزعانف، والمخنّثین، والکلاب الّتي تلهث وتعوي وراءه، وما هذه الألفاظ التي أتی بها الشاعر إلاّ للتنکیل من أولئك الأدباء الذین أرادوا التعرض له وألفاظ السخریّة بیّنة وواضحة کوضوح الشمس في المقطوعة التي ذکرناها.
ویصف بعض الأدباء بالببغاء حیث یقولون ما لا یعقلون : [29]
یَا قومُ مَن هَذا الذي هُوَ بَینَـــکـُـممَازالَ یَضحکُ مِنهُ هَذا المَحفََلقَالُوا: «لانٌ»ذَا، وَحسبُکَ أنّـَـــــهُمُتَحَدِّث ٌ أبداً بمَا هُوُ یَـجــــــــهَلیَروي القصائدَ وَهوَ لَم یَفهَم لَــهَامَعنیً، وَیَأبَی الرَّدّ ساَعةَ یُــــسألإن کـــانَ کـــالإنـــسانِ خَـــلقـاً،إنّهُکــَـالــبَبغـاءِ یـَـقُول مَا لا یَعـــقَل
نعم بعض ینشد الشعر أو یرویه ولایدرک معناه، فهو شبیه بالببغاء التي تنطق الفاظاً ولا تفهمها. فهذا الشخص الذي یترأس المجلس ویضحک منه الحضور ما هو إلّا ببغاء جاهل بما یقول، صامت عندما یُسأل لایستطیع إجابة الآخرین، لأنه غیرعاقل بما یأتي به من کلام.
ومنهم من یجعل موهبته الشعریة عُرضة للبیع، فمدح أناسٍ حقّّّهم الهجو: [30]
یَا بَائِــــعاً شِعرَهُ مَن لا یـُــــقَدّرَهوَوَاضِعاً فَوقَ رَأس ٍ أجـــوفٍ تَاجَاأجَلِ مِمَن یَبیعُ الشـــعرَ بائــــعةٌٌ ٌلِلناسِ عِرضاً وَأهدَی مِنهُ مِنهـَاجَاوَمَادحَاً غَیرَ مُحتاج ٍ أخــــا نَشَبٍنَراهُ للـــهَجوِ لا لِلــــمَدحِ مُحــتاجَاأدنَی مِن الصّخرةِ الصّـمّاءِ مَعرفة ًمَن ألبسَ الصَّخرة َالصّمّاءَ دِیبَــاجَا
وبعض من الخطباء یبیعون الضمیر من أجل المال فیعطي مَن لا یستحق المدح صفات أعلی من مستواه، فیقول الشاعر اذا خلا الوادي من الأسود فزیدي عواءً یا کلاب: [31]
تَـقَـــدَّم لِلـــــمَنصّّة ِیَا خَطــیـــبَاًیَبــیعُ ضَمیرَهُ لِیُصیبَ رِبـحَاوَلا تـَـــنصِت إذا زِدناکَ ذَمّـَــــاًوَأنــتَ تَزیدُ أهلَ الجَهلِ مـَدحَاوَلَا تـَـــــــعـبَأ بِنا إن نَحنُ قُلـــنَالِقــوم ٍ أشبـَــهُوکَ هَویً وَمَنحَیخَلا مِن أُســـــدِهِ الوَادِي فَزِیدِيعـِــــوَاءً یَا کِــــــلاب ُبهِ وَ نَبحَا
نجد صور السخریة في إتیان الشاعر بالفاظ العواء صدور الروايات الفائزة، والنباح والکلاب فهذه کلها صفات مذمومة أتی بها لیستهزء ویسخر من من الخطباء الذین یبیعون ضمائرهم حتی یحصلوا علی شئ من المال ،فهم یمدحون الجهلاء من الناس، جهلاء یستحقون الذّم لا المدح.
وشاعرنا یرید الإبتعاد عن الناس لیرفـّه عن النفس ولیبتعد عن أعمالهم المخزیة لأنّها غلطٌ فی غلط والجهل مخیّم علیهم فیقول: [32]مَن مُبعدِي عَن أناسٍ لَیسَ بَـینَهُمحینَ التَّحدّثِ إلّا اللّغوُ وَاللّـغَطوَکَیفَ لَم أنقبِض نَفساً، وَمَا بِـــهِممَن لِلفَضیلةِ مِنهُ النفسُ تَنبسِطإن یَدعُ دَاع ٍ لِما فیهِ الثّـنا ضَـعـفُواأو یَدعُ دَاع ٍ لِما فیهِ الخَنا نَشطُوالا یُستفَاد بِهِم، وَالجَهلُ اخـــــــرُهُمکَما تُؤخّرُ خَلــــفَ الوَاحدِ النُّقَط
وبعض الناس فی بغداد یعیشون فی بیوت مُلئت بالنعیم ولکنّ ضمائرهم فارغة: [33]
مَـــعِي لأریــک َفي«بَغدادَ»قـَـوماًلَـــــهُم لَــذ ُّ الهَنا وردَاً وَسَـاغَالَئِن مُلـــئَت مَـــــقاصـــرُهُم نَعیـمَاًفَقَد مُلئِت ضَمائرُهُم فـَـــــرَاغَـاوَلـَــــم تَرمــنـــهُم إلّا کـَــــذُوبَــــاًمـَـتَی طَالبتَهُ بِالـــــصِدقِ رَاغـَاهُمُ،وَقُصـــورُهُم، وَهَوَی البـَــغایَاتَنافَـَسُ ایُُّها أجلَی اصطِـــبَاغَـا
و یتجه أناس من الرّیف نحو بغداد العاصمة لیجدوا فیها ما طاب ولذّ من هناءة العیش ورخاء البال، ولکنّهم لا یجدون أنفسهم إلاضائعین بین الملاهي وحوانیت الخمر الملیئة بالراقصات، فهو« یبحث عن حتفه بظلفه»کما یصفه الشاعر قائلاً: [34]
وَیلٌ إبنُ«ریفٍ»جَاءَ«بَغدادَ»وَقَدأمسَی أسیرَ خِلاعَةٍ وَسـَـــــفاهِسَلَــــبَت بِــزُخــرفِهَا نُهاهُ وَمَالَهُفَاضیعَ بَینَ مَراقص ٍ وَمـَـــلاهِيمَـــازَالَ-بَــعدَعَــفــافِـهِ-مُتَنــــقِلاًبَینَ رَشفِ کَاساتٍ لِمَصّ شـَـفاهِلَــم یَقــــترِن إلّا بِکُـــلِّ بَهیـــمَةٍإن تُــقرَن ِ الأشــــبَاه ُبالأشــــبَاهِ
ویشیرالشاعر إلی الطائفیة وینتقدها ویقول إنّها سلاح بید الاستعمار والرابح الوحید منها هوالاستعمار لا غیر: [35]
مـَـزّقـَـت شـَـملَــکُم، وَاطمَعَتِ النّاسَ بِـکـُـم طـَـائـفـیةٌ ٌوَُإنقسامُ«جَعــفـَـرِِيٌّ ًٌ»هـَـذا، وَذا«حَنـَـــفيّ ٌ»وَلِـــــکـُـلّ ٍ جـَمَــاعةٌ ٌ وَإمَــامُأجِــــدَالاً في سـَـالــِفَـــاتِ قَــضایَابـِــاســمِها أرهَـقَتــکُم الآلامُوَانصِرَافاً عَن أن تَصُونُوا حِمــاکُممِن ذِئابٍ غَزَتـــکـُـم یَا نِـیَـــامُ
بهذا النقد الساخر یرید الشاعر التوعیة والإرشاد، إرشاد الناس إلی الطریق الصحیح والصواب، فالشاعر ینتقد الطائفیّة والإنتماء إلی المذاهب المتعددة، لماذ؟ لأنّه یدعو إلی الوحدة الوطنیّة والدینیّة لیصونوا بلدهم من غزو الإستعمار لهم وأن یفیقوا من رغدتهم هذه حتّی لا یصبحوا فریسة للأعداء.
ویری الناس تفتخر باجدادها وما صنعوا ونسوا أنهم ساقطون إلی الحضیض ،فیسخر الشاعر منهم وینهاهم عمّا یقومون به قائلاً: [36]
«عَــــدَتهُم کـُلُّ مَفخَرَة ٍ فـَــــجَاؤابِأمــجَادِ الــجُــُدودِ مُــفَاخِـــریناوَرَاحُوا یَنبِشُون الأرضَ عَنـهُملِکَي یَستخرجُوا الشَّرفَ الدَّفِیناوَقـَـالَ جـُـــدودُهُم-وَهُــــم تُـرابٌ-دَعُــــونَا فـِـــي الحَـفائِرِ یَا بَنینَافَــمَا یُــجدیـــکُم أنّــا سـَــــمَونَـاوَأنـــتُم لـَـم تَزالُوا سَــاقِــطِیـــنَا»
وعند ما یری الشاعر إکرام الکلب عند قومٍ واجلاله، ویری السعادة التي مُني بها توحي إلیه قریحته بهذه المقطوعة التي یسخر بها من الوضع المزري الذي یعیشه الشعب العراقي فیقول: [37]
دَخلتُ علَــی قــَوم ٍ فَالفیتُ کلبَهُــمعـَــزیزاً عَلیهم عِزّة َالأهلِ وَالوَلدیُداعِبُه ذَا بِالــصَفیرِ،وَبِإســـمِــهِیُنـــادیهُ هَذا،وَهوَیَــمرحُ کَالــــقِردوَیَقفِزُمِن حِجرٍ لِحجرٍ،وَمِن یـَـــــدٍلِأخرَی فَیُزهي وَهُو في عَیشِهَ الرَّغدوَیَسخرُمِن شَعبٍ یَموتُ مَعَ الشَّقَابَنُوهُ ،وَیَحیا الکَلبُ فیهِ مَـعَ السَّــعد
والمقطوعةالاخیرة یسخر الشاعربها من السیاسیین الذین یقومون بتهنئة البلاد علی أمرٍ ما،فیسخرالشاعرباعمالهم هذه قائلاً: [38]
کَذِبَ الذي وَافَی البِلادَ مُهنِّـــــئاًبِحَیاتِها وَأصَابَ مَرمَیً لَو رَثَیبِِمَ یَا مُهنِّـئها سُرِ ِرتَ، أبِـالشَّــقاوَالفَقرَ، أم بِالجَهل ِ فیها قَد جَــثـَا؟أم بِـالوُثـُـوق ِ بِکـُـلِّ وَعــدٍ ربُُّـــهیَجدُ الوَفاءَ بوَعدِهِ أن یَنکـُـــــثا؟أم بِالنِّفَاق، وَمَا عَلَی مِنــوَالـِـــهِیَجري،فَلا تَعجَل وَکُن مُتریِّــــــثا؟
علی ماذا یأتون بالتهانِي والتبریکات، أهم فرحون جذلون بشقاء شعبهم وفقره، أم بالجهل السائد علیهم، نعم رأینا الشاعر عند دراستنا هذه یتطرق إلی کثیر من الأبواب ویفتح الغازها، یرید بها إرشاد شعبه إلی الصواب وتبیّن بعض الحقائق الخفیّة علی طریقته الخاصة.
هذا ما وجدناه من هجاء وسخریّة في أشعار الشاعر الکبیر محمد سعید الحبوبي وبحول الله تعالی سنحاول دراسة أغراض أخری لشاعرنا الحبوبي وشکراً.
ملاحظة: الدکتور عبدالکریم البوغبیش، قسم اللغة العربیّة وآدابها، جامعة آزاد الإسلامیّة، آبادان، ایران.
المصادر:
#إبن منظور،جمال الدین: لسان العرب، دارصادر، بیروت1997م.
#الحبوبی،محمدسعید: الدیوان ، دارالکوکب للطباعة والنشر ودار الرافدین، ط5، بیروت ،لبنان
#ــــــــــــــــــــــــــــ: رباعیات الحبوبی، دارالنشر واتألیف، النجف، العراق،1951م.
#الخاقاني، علي: شعراء الغري - المطبعة الحيدرية - النجف 1954م.
#منتدیات أضواء العراق،www.iraqlights.info/vb/
# موقع الإمام رضا(ع)www.imamreza.net