الاثنين ٥ أيار (مايو) ٢٠٠٨
قراءة في ديوان (ظل حارس) للشاعر والكاتب محمد ديب
بقلم جمال غلاب

تأثير الشعر المغاربي في الشعر العالمي

قصد البحث في مرامي، وأهداف وغايات الشعر المغاربي. أخترت العنوان ( تأ ثير الشعر المغاربي في الشعر العالمي ) منطلقا لمداخلتي هذه. والأكيد أن قصدي لم يكن بريئا. بل يحمل في تفاصيله أبعادا تاريخية، وثقافية وابداعية. لأن (محمد ديب) الكاتب والشاعر والروائي الجزائري. حمل هم وانشغالات المواطن المغاربي على مدار أكثر من نصف قرن. وفي أكثر من ثلاثين عملا في مختلف الأجناس الأدبية. قصيدة الشعر والقصة والرواية. أي مباشرة بعد الحرب العالمية الثانية.

محمد ديب الكاتب والشاعر والروائي المتوفي بتاريخ 2ماي 2003. تشاء الصدف أن نحي ذكرى وفاته الخامسة بالجمهورية التونسية. وتحديدا هنا بمدينة سيدي بوزيد بملتقانا المغاربي للشعر " عامر بوترعة" في دورته السابعة.

فمن يكون محمد ديب المبدع والانسان:
ولد محمد ديب يوم 21/تموز/ 1920 بتلمسان في عائلة كانت غنية ولكنها فقدت كل شيء على مر الزمن وأصبحت منذ بداية القرن الماضي في عداد العائلات الفقيرة… دخل المدرسة وعمره ستة سنوات لكن سرعان ما مات أبوه سنة 1939… انتقل محمد ديب الى مدينة وجدة بالمملكة المغربية ليواصل تعليمه. . وفي سنة 1939 اشتغل معلما في قرية ـ زوج بغال ـ بالحدود المغربية الجزائرية وفي سنة 1945 لم يجندللحرب العالمية الثانية لهشاشة عوده، وفي هذا العام اشتغل رساما ومصمما للزرابي التي كان ينسجها لبعض معارفه لبيعها والعيش من ثمنها.

بداية ابداعه كانت سنة ـ 1948 حيث زار محمد ديب مدينة البليدة وقضى حوالي شهرا في سيدي مدني ـ … تعرف على مجموعة من الادباء الجزائريين والفرنسيين ـ مدرسة الجزائر العاصمة ـ منهم: البير كاموومولود فرعون وجان سيناك…. وفي سنة 1949 انضم الى نقابة الفلاحين الجزائريين وسافر في مهمة إلى فرنسا للدفاع عن حقوق عمال الارض الجزائريين.

وفي سنة 1950 عمل صحافيا في جريدة ـ الجزائر الجمهورية ـ تصدر بالفرنسية الى جانب كاتب ياسين صاحب رائعة ـ نجمة ـ وخلال نفس السنة نشر أيضا في صحيفة الحرية اللسان المركزي للحزب الشيوعي الجزائري.
ونظرا لكتاباته النارية الشرطة الفرنسية تتابعه وتحذره بسبب مقالاته الوطنية الأكثر من اللازم. وفي سنة 1951 كتب إلى جان سيناك - الشاعر الجزائري الذي اغتيل بأدي مجهولة سنة 1973 بالجزائر- يخبره أنه أنهى رواية في ثلاثة مائة صفحة وفي نفس هذه السنة تزوج محمد ـ ديب ـ كوليت بليسانت ـ التي أنجب معها 4 أولاد.

في عام 1952 صدرت أول روايته بالفرنسية، وهي البيت الكبير من دار النشر ـ السوي بباريس ـ كان نجاح الرواية سريعا ومفاجئا للناشر، وفي أقل من شهر نفد ت الطبعة الأولى وصدرت الطبعة الثانية للاشارة كانت البيت الكبير أول نبؤة بمخاض الثورة التحريرية.

وفي سنة 1954 وفي نهاية أوت صدرت رواية الحريق، وهي الجزء الثاني من الثلاثية أعلن عنها ـ محمد ديب ـ. . فور صدور هذ ه الرواية أنهى محمد د يب ثلاثية الجزائر بأجزائها ـ البيت الكبير والحريق والنول ـ كانت رواية الحريق فتيلا حقيقيا سرعان ما اشتعل معلنا وشوك نهاية الاستعمار الفرنسي في الجزائر.

…. في سنة 1954 من شهر أول نوفمبر الثوار الجزائريون يضربون بقوة… والكفاح المسلح ينطلق تحت راية جبهة التحرير الوطني…. . في سنة 1955 صدرت أول مجموعة قصصية ل: محمد ديب ـ
(في المقهى) وهي مجموعة قصصية تدخل في نفس الاطار
(الحريق) الثورة الآن في تأجج مستمر قصة ـ في المقهى ـ التي تعنون الكتاب وقد تكون أول قصة جزائرية تؤرخ للحرب السرية ضد استعمار كما أكد الروائي والكاتب(جلالي خلاص)…. .

في سنة 1956 ـ محمد ديب ـ يغير عمله مرة أخرى، ليعمل محاسبا لدى الخواص. وفي سنة 1957 (محمد ديب) ينشر الجزء الثالث من ثلاثية الجزائر ـ النول. وفي سنة 1959 صدور روايته الرابعة صيف أفريقي. وفي هذه السنة السلطات الاستعمارية تطرد (محمد ديب) من الجزائر. أحد محافظي الشرطة يعلق عليه بقوله ـ هذا الكاتب تجاوز الحدود، إنه فلاقي: أي بمعنى إنه إرهابي ـ… محمد ديب يختار المنفى. . أوربا الدول الشرقية باريس روما ويبدأ الضياع….

وفي ستة 1960 السفر إلى المغرب للاقامة لفترة قصيرة وفي سنة 1961 صدور أول مجموعة شعرية لـ: محمد ديب. ظل حارس ـ ويعود ككل المنتصرين إلى الجزائر، وفي السنة ذاتها أصدر أول رواياته الشهيرة ـ من ذا الذي يذكر البحر ـ فكان تحولا ملموسا في مساره الأدبي، لأنه لأول مرة يكتب محمد ديب روايته شبيهة برواية علم الخيال.

وفي سنة 1963 الدولة الجزائرية تمنح ـ محمد ديب ـ بالمساواة مع محمد العيد آل الخليفة الشاعر المعروف أول جائزة تقديرية للأدب محمد ديب يهدي المبلغ المقدر ب ـ 5000دينارا جزائريا ـ الى دور العجزة والفقراء ومعطوبي الحرب.

وفي سنة 1966 صدور عمل إبداعي ـ الجري على الضفة الوحشية. إنها الرواية السادسة للكاتب. وفي سنة 1966 صدور مجموعته القصصية ـ الطلسم ـ وفي سنة 1968 محمد ديب ينشر روايته السابعة ـ رقصة الملك. وفي سنة 1970 صدور روايته الثامنة ـ الحرب في بلاد البرابرة ـ وبعدها تصدر المجموعة الشعرية الثانية ـ كتاب الصيغ ـ … وفي سنة 1973 محمد ديب ينشر روايته التاسعة ـ معلم الصيد.

وفي سنة 1974 محمد ديب يدعى كأستاذ شرفي بجامعة ـ كالفورنيا. . لوس أنجلس بالولايات المتحدة الأمريكية ـ…. وفي سنة 1975 يسافر الى فلندا للمشاركة في ملتقى أدبي وفي نفس هذا العام ينشر مجموعته الشعرية الثالثة ـ العشق كله ـ… وفي سنة 1976 سافر محمد ديب الى أكلا هوما حيث دعي ليكون عضوا في كلية تحكيم إحدى الجوائز الأدبية العالمية ـ بالولايات المتحدة الأمريكية.

وفي سنة 1977 صدور روايته العاشرة ـ هابيل ـ. . وفي سنة 1979 صدور مجموعته الشعرية الرابعة ـ نار جميلة ـ وفي سنة 1980 ينشر أول مسرحية في كتاب. وقد سبق له أن كتب المسرح ولكنه لم ينشره للقراء انها مسرحية ـ ألف صيحة لمومس

وفي سنة 1981 دار النشر الفرنسية (السوي) بباريس تطلب من محمد ديب أن يعيد النظر في طريقة كتابته بحجة أن كتبه أصبحت غير رائجة ـ محمد ديب ـ يرفض ويطالب ـ دار النشر السوي ـ بحقوق مؤلفاته وتبدأ الأزمة.

وقد أسر محمد ديب لأحد أصدقائه بشأن هذه الأزمة ـ بقي لهم أن يطلبوا مني تغيير اسمي. . أنا أعرف ان اسم محمد أصبح يقلق الغرب ـ وهنا أفتح قوسا للتوضيح موقف(دار النشر السوي) تحت ضغوط بعض المثقفين والسياسيين الفرنسيين الذين تفطنوا إلى كتابات(محمد ديب) بأنها لا تخدم مشروعهم التوسعي ومعظمها يدخل في اطار التوعية لأبناء بلاده والكشف عن نوايا هم التوسعية وتغييب الحقيقة، إضافة الى توظيف محمد ديب لجميل تراثنا العربي والاسلامي في كتاباته فكما هومتعارف عليه محمد ديب كان سفيرا لحضارة شرقية بجواز سفر مزور آلآ وهواللغة الفرتسية.

وفي سنة 1982 محمد ديب ينزل بالجزائر العاصمة… الشركة الوطتية للنشر والتوزيع الجزائرية تحاول شراء حقوق نشر كتبه بالفرنسية… حينها مرض السكر ينهش جسم الكاتب الهش ـ محمد ديب ـ… المفاوضات تفشل فالوزير الأول الجزائري ووزيره للثقافة يرفضان تحويل أي سنتيم ل ـ محمد ديب ـ أوحتى للمعالجة، ويسافر ـ محمد ديب ـ الى منفاه مرة أخرى. .

الأصدقاء ل: محمد ديب ـ يبلغون بعض المسؤلين الجزائريين … لا أحد يستجيب لكن السلطات الفلندية تتدخل وتنقذه بمنحة… ـ محمد ديب من جهته يقوم بترجمة الشعر الفلندي الى الفرنسية. . وفي سنة 2003 ينتقل الكاتب ـ محمد ديب ـ الى الملأ الأعلى تاركا من ورائه سيلا من الأسئلة ـ

وبعد أن تعرفنا عن محمد ديب ابداعيا. نعود الى قراءة ديوانه. (ظل حارس). الديوان هوعبارة عن مجموعة من القصائد الشعرية. كتبت في حيزات زمنية متقاربة. وأول قصيدة كتبها ـ في هذا الديوان ـ كانت سنة1945.، والمعنونة ب ـ ظل حارس ـ. وقبل الولوج الى قراءة القصيدة. فان ما يلفت انتباهانا فيها هوعنوانها ـظل حارس ـ. ترى من كان المعني بالعنوان ؟. انه يحمل رمزية قوية تحتاج الى أكثر من تشفير ؟. الظل رمزية للجزائر المستعمرة ؟. والظل الذي لم يغب طيلة مئة واثنين ثلاثين سنة. وهي الفترة التي قضاها الاستعمار الاستيطاني الفرنسي في الجزائر. والظل هوالحرية المهدورة والمنتهكة في الجزائر. والظل هوحق الشعب الجزائري في العيش في كنف الحرية والعزة والكرامة كبقية الشعوب المعمورة. والظل في نظر المبدع والفيلسوف محمد ديب يبقى حارسا لكل هذه القيم الانسانية. يقول الروائي والمترجم ـ جيلالي خلاص ـ كتب محمد ديب هذه القصيدة المطولة التي نترجم مقطعها الثالث والأخيرمنها في منتصف الأربعينيات وقد بدأت الروح الوطنية تتأجج في الجزائر ـ أحداث ماي 45ـ فكانت نبؤة حقيقية بميلاد الثورة التحريرية ـ واليكم مقطعا من نص القصيدة :
الظل الحارس :

لا تسألوا، اذا كانت الريح، وهي تهب على القمم، تذكي لهيبا، ما اذا كانت نار فرح، أونار فقــــــــــــر، أواشارة مترصد، في هذا الليل المبلل، أيتها النساء الأسطوريات، اللواتي أغلقن أبوابهن، أحلمن، إنـــــــــــــــــــي أمشي، أمــــــــــشي، الكلمات التي أحملها على لساني،
بشرى غريبة. وحتى لا ننس سوف نضع الف خط تحت (بشرى غريبة) انها الثورة الجزائرية المجيدة التي أرخ لها المليون ونصف المليون شهيدا ثورة أول نتوفمبر 1954

والحق أنه بعد أن تتبعنا ملابسات القصيدة. وأسباب كتابتها ومسبباتها وسياقها التاريخي. فالأكيد أن الجميع يتفق بأن هذه القصيدة أثرت بطريقة مباشرة في الابداع الفرنسي وكل الشعوب التي تجيد لغة فولتير في عقلياتهم ومستويات تفكيرهم وأيضا في المساهمة في انضاج خطابهم الثقافي والابداعي والذي منه بنيت المواقف وفتح النقاش الى اعادة صياغة اسئلة جديدة لما بعد الاستعمار الفرنسي بالمغرب العربي. .

والأكيد ثالثا أن التجاوب مع صرخة محمد ديب التي هي انعكاس لشعب كان يئن تحت جلد المستدمر الفرنسي الاستيطاني المتوحش والذي افرز التهديد المميت الذي يحوم فوق وضع مثل هذا يجعل كل شيء مجد با… الصرخة وحدها تجعل الجزائري والمغاربي عموما يحي وعند هذا الحد تصبح رؤيا الدمار الكلي يختلط فيها كل شيء: الحب والموت والوجدان والإثم في عالم شذا عن مداره حيث لا يعود هناك من الحياة إلا حياة المهاوي … ما معنى هذه الصرخة؟ وما هي أسبابها؟ ولماذا هذه الصرخة في هذا الوقت بالذات ؟

ومثل هذا التجاوب من التأثير نلمسه في كتابات البير كاموالكاتب الذي ولد بمدينة عنابة بالشرق الجزائري ففي كثير من مقالاته التي كان يكتبها ويرسلها من الجزائر الى صحيفة ـ الاكسبرسيون الفرنسية التي كانت تصدر بباريس فرنسا ابتداء من سنة1947. والتي كان يكشف فيها عن نبؤته بكل شيء بما في ذلك الثورة التحريرية الجزائرية من خلال ردود أفعال المتطرفين الفرنسيين وفساد الادارة الاستعمارية وتزوير الانتخابات وكل ما يتصل بآلة الاضطهاد قلت وهذا مقطع من أحد كتاباته الشهيرة ـ ان العبد الذي ألف تلقي الأوامر طيلة حياته يرى فجأة أن الأمر الجديد الصادر اليه غير مقبول فما هوفحوى هذه اللا. . انها تعني مثلا أن الأمور استمرت أكثر مما يجب وأنك غاليت في تصرفك أيضا أن هناك حدا يجب أن لا نتخطاه وأنها مقبولة حتى هذا الحد ومرفوضة فيما بعده. ولا أدري أي المصطلحين أوظف. المقارنة أم الموازنة ؟ ولكن الأرجح أنني أختار مصطلح المقارنة بين نصي الكاتبين الكبيرين ـ محمد ديب والبير كاموـ. وتبريري في ذلك لأن الكاتبين يكتبان بلغة واحدة ومضمون نصيهما غايته واحدة. والمتمثلة في التعبير عن قضايا المواطن المغاربي ؟

والحق ثانيا ان أنا وفقت في اختيار شخصية محمد ديب المبدع. يبقى سؤال في غاية الأهمية وهوالذي يجب طرحه. هل شعر محمد ديب أثر في المنظومة الابداعية العالمية. والاجابة عن هذا السؤال أقول بلى. لأن لقاء محمد ديب وابير كامووجاك سيناك. . الخ في سيدي مدني بمدينة البلدية سنة 1948 لم يكن من أجل اللقاء ؟ ولا في اطار نزهة. بل اقامتهم التي دامت شهرا. حدث فيها بما يسمى بالتأثير والتأثر بهذه الاقامة الابداعية والفكرية تلاقحت الأفكار وترسخ الاقتناع. ومنه الكتابات الابداعية والفكرية لهؤلاء المقمين أنضجت نصوصا عبرت بالفعل عن مواقف ونأخذ على سبيل المثال لا الحصر ما عبر عنه البير كاموفي مقالاته ومؤلفاته بدءا من الغريب فالطاعون، فالمتمرد وجل هذه النصوص كانت تشي بحنين خفي، بمطالبة الاستمعار الفرنسي بتغيير سياساته في المغرب العربي ؟.

ومثل هذا التأثير لم يسلم منه الكاتب العملاق الوجودي ـ جون بول سارتر، ـ حين انتقد سياسة بلاده الاستعمارية بقوله ـ عارنا في الجزائر أي عار الأمة الفرنسية العظيمة في الجزائر ؟ ومثل هذه الأصوات المنددة والمشجبة بالسياسة الاستعمارية في المغرب العربي أسس لها المبدعون المغاربيون بكتاباتهم ونصوصهم الابداعية. وما اتخاذي للشاعر محمد ديب الا نموذجا وليس على سبيل الحصر.

ودائما مع الديوان نفسه ـ ظل حارس ـ نقرأ في قصيدته المعنونة ب ـ صيف ـ
تنكر الشاعر لكل ما يرمز الى القيد. بل من شدة رغبته الى التحرر سعى الى تحرير القصيدة شكلا ومضمونا واليكم ما ذكر من مواصفات في القصيدة التالية :

جسده حالم تحت الضياء / الصيف كسفينة أدمية بين رايات الحرب وهذا الشاب :
ينتهك عطشه الأ بدي في الرغبة. وصمت الموت الذي يتوجه.

أما قصيدته : (أوجه اللي) المنشورة في نفس الديوان، فهي تنتمي أيضا الى نفس اللون من الشعر الذي يكتبه محمد ديب وفيها يقول :
تعود الجموع دائما في الليل، وجوه ضامرة، تكشفها أضواء القطارات الطويلة المتقابلة، هناك دوما السيارات ونداءات باعة الصحف، كانها تعيد ضبط العالم الغريب بالندم ،وهكذا ترتطم الجدران عند أعتاب الموت، وفنادق الحب تروي مشاعلها، أنشد الراحة، وتفتح المدينة دائما أبوابها كي تقودني، الى دوب التي يهرب فيها الظل الذي خلقنا منه، أناجي نظرة النجوم الساكن، وأطير فوق الشارع وأضواء النيون، أه لا شيء يتبعني فالمدينة غير موجودة.

والحق رابعا أننا حينما نتمعن في المقاطع السالفة الذكر. والتي تنطوي على كثير من المفردات ـ مثل الشتاء، الليل، الظلام، الضياء الظلال. ـ مثل هذه المفردات التي يكررها الشاعر في الكثير من قصائده لم يدرجها اعتباطيا بل ترمز الى الانتقاد الاستعمار ووجوده بالمغرب العربي وتحديدا في الجزائر ؟ ولعل المقطع الأخير (أه لا شيء يتبعني فالمدينة غير موجودة ) رمزيته واضحة ولا تحتاج الى تفسير. . . نعم المدينة التي يريدها الشاعر غائبة بل من شده يأسه تحصر عن غياب الظل بها. الظل الذي كان يحرس المدينة.

ودائما وعندما نتمعن في قصيدة المعنونة ب ـ أوجه الليل ـ نجد الشاعر يصف نفسه بسجين المدينة، وليلها المظلم ، وجدرانها التي ترتطم عند أعتاب الموت وفي دروبها تتبخر الظلال. انه وضع مقزز ومقرف ويعبر عن الضياع ؟ ولكنه ضياع من نوع آخر في مدينة نائمة ؟ كل شيء يتحرك فيها بصعوبة العيش بصعوبة والتنفس بصعوبة، وحتى حق الموت بصعوبة. المدينة بهذه المواصفات عند الشاعر وحسب تعبيره مدينة ميتة وغير موجودة لأنها خالية من الحميمية والعطف والحنان. . مدينة ينعدم بها التواصل. ترى ما هي صورة المدينة التي يحلم بها ؟ الشاعر من المؤكد أنه يتحسس مدينة سوف تأتيه من المستقبل لأنه هوقد أفصح عن نفسه بأنه آت من المستقبل.

أخيرا وليس آخر ديوان مجد ديب ظل حارس ـ يحتاج الى أكثر من قراءة ؟ وما تناولته ماهوالا عينات من أحلام الراحل الذي تشاء الصدف أن نحيي ذكرى وفاته الخامسة من تونس الخضراء وتحديدا من مدينة سيدي بوزيد المصادفة 2ماي 2008 في احتفالية الملتقى المغار بي للشعر عامر بوترعة في دورته السابعة. فرحم الله المبدعين والشاعرين عامر بوترعة ومحمد ديب. وأسكنهما فسيح جنانه والمجد والخلود للابداع والفن ولهذا الوطن المضياف تونس الخضراء. التي تحممنا بعطرها وأنتعشنا بنسيمها وشكرا


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى