

تَجَاوَزَ يَمْتَطِي الدُّنْيَا
مُقَدَّسَةٌ هَوَى قَلْبِي
تَسَامَتْ في الوُجُودِ تَجُودُ
ظَلَّتْ مَهْدَ أدْيَانِ
تَطَهَّرَ تُرْبُها بِنُبُوَّةٍ دَرَجَتْ تُثَبِّتُ حُبَّ إنْسَانِ
بَدَا قَمَرًا سَمَا في سَاحِها الأقْصَى
سَرَى لَيْلاً إلَيْهِ المُصْطَفَى صَلَّى وعَرَّجَ شَاكِرًا
شَاءَ الإلَهُ يَسِيحُ يَنْسَى مُرَّ أحْزَانِ
تَوَطَّنَ ذِكْرُها في كُلِّ قَلْبٍ مَا تَفَوٌّقَ ذِكْرُ أوْطَانِ
تَضَوَّعَ عِطْرُها كَمْ رَاجَ يُغْرِي طُولَ أزْمَانِ
حَبَاها الرَّبُّ أُولَى القِبْلَتَينِ زَهَتْ بِإيمانِ
تَصَدَّتْ لِلْعِدَا ما اسْتَسْلَمَتْ
زَادَتْ شُمُوخًا في العُلاَ وَثَبَاتَ أرْكَانِ
سَلُوا التَّارِيخَ عَنْ صَبْرٍ تَبَدَّى مَالَهُ شَبَهٌ
غَدَاةَ غزَا العِدَا الأقْصَى تَعَالَى الصَّوْتُ في الأرْجَاءِ
يَهْتِفُ : لا لِخُذْلانِ
تَحَدَّتْ ما اسْتَجابَتْ لِلْحِصَارِ كَوَى
أبَتْ ذُلاًّ لِعُدْوَانِ
تَأبَّتْ مَا تَضَعْضَعَتِ الزَّمَانَ
تَضَوَّرَتْ جُوعًا وَما هّدَّ الحِصَارُ وَ لا انْثَنَى عَزْمٌ بِنِيرَانِ
مَجَازِرُ تَحْتَ جُنْحِ اللَّيْلِ مُوجِعَةٌ تَجَاوَزَتِ التَّصَوُّرَ
تُرْبِكُ العَقْلَ السَّلِيمَ تُصِيبُ تُشْعِرُهُ بِفُقْدَانِ
مَضَى لَيْلٌ وَلَيْلٌ تَرْقُبُ الفَجْرَ القَرِيبَ
تَرَسَّخَ الأيَّامَ يَسْكُنُ عُمْقَ وجْدَانِ
ذَوَى الوَرْدُ الجَمِيلُ ثَوَى تَوَارَى البَسْمُ كَانَ يُرَى
يَجُوبُ مَدِينَةَ القُدْسِ الجَمِيلَةَ زَاهِيًا كالطَّيْرِ يَشْدُو بَيْنَ أفْنَانِ
تَوَالَى الحُزْنُ يَسْرِي في البُيُوتِ بِفْعْلِ طُغْيَانِ
كَمِ اقْتَرَفُوا كَمِ اغْتَصَبُوا
تَمَادَوا دَنَّسُوا الأقْصَى عَثَوْا في كُلِّ شِبْرٍ أسْرَفُوا
دَسُّوا سُمُومًا في الدُّجَى وَتَفَنَّنُوا في صُنْعِ سُوءٍ صَبَّ آلاَمًا بِألْوانِ
سِنِينَ قَضَوْا بِلا حَقٍّ يُبِيدُونَ الأَهالِي مَا انْتَهَوْا
كَمْ هَدَّمُوا كَمْ أحْرَقُوا كَمْ هَجَّرُوا كَمْ شَرَّدُوا
كَمْ آلَمُوا شَيْخًا عَتَا كَمْ عَنَّفُوا أُمًّا وَكَم قَصَفُوا
غَدَتْ في كُلِّ صَوْبٍ فَوْقَ أنْقَاَضٍ تُرَى أَشْلاءُ صِبْيَانِ
تَبَارَوْا يَسْحَقُون الحُبَّ
يَهْذونَ المَدَى بالهَيْكَلِ المَزْعُومِ تَحْتَ المَسْجِدِ الأقْصَى لِأجْلِ زَوَالِهِ
نَسْيًا يَصِيرُ ومَنْسِيًا في طَيِّ نِسْيَانِ
بَكَتْ أرْضُ الإبَا والصَّمْتُ حَوالَيْها يُؤَجِّجُ نَارَ بُرْكَانِ
بَكَتْ لِلْهَوْلِ مَا احْتَمَلَتْ تُدَارِي
كَمْ مِنَ الكَبْتِ الألِيمِ أوْغَلَ الأَيَّامَ يُفْنِي
لَمْ تَعُدْ تُخْفِي تَزِيدُ
تَفَجَّرَتْ فَاضَتْ بِطُوفَانِ
تَجَاوَزَ يَمْتَطِي الدُّنْيَا يُغَيِّرُها
يَهُزُّ تُخُومَ أَكْوَانِ
تَجَلَّتْ لِلْوَرَى أهْوَالُ ضَيْمٍ ظَلَّ يَسْرِي في الخَفَاءِ
يُصَوَّرُ العَدْلَ اليَقِينَ يُرَى يَسِيرُ
تَكَشَّفَتْ حِيَلٌ تَلاَشى لَيْلُ بُهْتَانِ
تَهَاوَى قَدْ جَثَا زَمَنًا
تَرَاءَى النَّصْرُ يَرْسُو بَعْدَ حِرْمَانِ
تَنَادَوا في بِقَاعِ الأرْضِ : ما الحَقُّ المُبِينُ نُرِيدُ نَدْرِيهِ؟
سَعَوْا هَرَعُوا إلى الدِّين القَوِيمِ يَرَوْنَهُ
كَمْ عَانَقُوا آيًا لِقُرْآنِ!