حارسُ الصمت
أعيذُكَ قلبي من حُلولي وتَرحالي
ومن فكرةٍ عمياءَ مرتْ على بالي
ومن ليلةٍ لن يدخلَ القلبَ أُنسُها
ولن ترْقعَ الأفكارُ جلبابَها البالي
تَساقَطَ حولي الليلُ فكرًا وحَيْرَةً
تَساقُطَ موجٍ من أصابعِ شلالِ!
وأخبرني أن الطريقَ غريبةٌ
ولا شيءَ يملا كيسَ أحلامِك الخالي
فقلتُ: أنا وحدي فراغي ملأته
بكأسي وأفكاري وتبغي وموالي
ولم أرتكبْ في حقِّ غيري خطيئةً
ولم ألتفتْ يومًا إلى القيلِ والقالِ
وقلتُ: دعوني حاملًا ما انتقيتُهُ
وظهري كفءٌ أن يُحمَّلَ أحمالي
دمي لي، ولي نفسي، أُعرِّي حقيقتي
وألا أرى إلايَ في الناسِ أولى لي
فلا تأخذوا صمتي دليلًا على الرضا
ولكنْ كأنَّ اللهَ بالصمتِ أوحى لي
كأني فراغٌ همَّشَ الوقتُ كنهَهُ
فكنتُ أنا المسلوَّ والزمنُ السالي
أنا رافضٌ شكلَ المعاني ولونَها
وأرفضُ شكلي في ملامحِ تمثالي
لذا قلتُ لا للآنَ.. لا للذي مضى..
ولا للذي يأتي.. ولا لكَ.. لا لا لي
صنعتُ من المعنى المضيءِ مدينةً
وعلقتُني رمزًا على بابِها العالي
أنا حارسُ الصمتِ المُعلَّقِ غيمةً
بسقفٍ مُريدٍ للإشاراتِ هَطَّالِ
وكم كنتُ خيطًا من دخانٍ مسافرًا
ولا شيءَ إلا الحزنُ يسألُ عن حالي
دعوني إذنْ ألهو بغاري منزّهًا
أخطُّ على الألواحِ بالنورِ أقوالي
نقشتُ على أحجارِ شكي حقيقتي
وهل نقشُ أحجارٍ كنقشٍ على الشَّالِ؟
فلا تُلبِسوني تاجَ شوكٍ فإنني
تخلصتُ من كوني نبيًّا بأغلالِ!