الأحد ١١ نيسان (أبريل) ٢٠١٠
بقلم حسن توفيق

حصار الوجوه القديمة

صمتُ الظهيرة جثةٌ منكوبة تطفو على سطح الحياة الراكده
ووجوه أحبابي أطلت - في هدوء - من نوافذ في جدار الذكريات
لتحيط بي رغم الشتات
وأنا هنا مستسلم كقطارِ حزنِ نائح يطوي السنين الخامده
والوهم فوق المائده
طبق يقدمه الذين تجمعوا ليؤجلوا عزفي للحن الأمنيات
يا للوجوه الجامده
تشتاق تدفعني لكهفٍ شاده الزمنيُ البعيد من الرمال الناعمات
 
******
يا للوجوه الجامده
وجه لحب لم يُطِقْ صبرا على الريح العتية فانطوى.. ثم انكسر
وجه لصدق لم يطق صبرا على الزمن المراوغ فاكتوى حتى اندحر
لتواصل السحب المريبة مكرها في سيرها
وجه لشمس لم تطق صبرا على صمت الظلال الشائهات البارده
فتفتتت من قهرها
وجه للحنٍ لم يطق صبرا على صخب السماسرة الأكابر.. فانتحر
وجه لورد لم يطق صبرا على مستنقعات أطبقت واستحكمتْ فاصفَّر لوناً وانتثر
 
******
هذى الوجوه جميعها.. جاءت هنا - بعد الغياب - تحيط بي رغم الشتات
هذى الوجوه جميعها .. وجهي أنا.. قبل احتراق الروح في وهج المظاهر
هذى الوجوه جميعها.. كانت لكم.. لكنكم عشتم على الأرض الموات
وتفرقت بكم المطامع والمسالك والمعابر
 
******
صوت يقول لموجة العمر التي تمتد عبر الشاطىء الملتف بالصخر الممَّوه والزبد:
استيقظي.. لا تتركي خلجات قلبك عالقه
في ذكريات غارقه
وتأكدي.. أنْ لا أحد
يبكي عليه الآخرون إذا تراجَعَ وارتعد
فالريح تدفع بالنفوس إلى مطامعَ شاهقه
كلُّ يفكر وحده.. كيف النجاة إذا سقط؟
كيف النجاة.. ولا يد تمتد صادقةً إليه إذا تخلف من عياء أو تخوّفَ من غلط
لا تجفلي يا موجة العمر التي تتوثبُ
لا تجفلي.. إذ ليس من أحد يعين ولا سند
وتأكدي.. لا موجة في بحرها لا تتعبُ
لكنها تبقى تواصل سيرها رغم الكمد
وتأكدي أن الطريق ينيره الضوء الجديد
للسائرين مع الحياة، الطامحين إلى الأمام، بلا مخاوف من سقوط
وكأنه الأمل الوليد
يأتي.. ليخنق ما ترسبَ في النفوس من القنوط ..
 
******
والآنَ .. أيتها الوجوه
الآن .. أغرق في سؤال حائر، يتجمع الأحباب كي يتقاذفوه:
من أين نبدأ.. والطريق مهدد بخطى وحوشٍ لم تزل تتوعد البسطاء والنبلاء منا؟!
من أين نبدأ.. لا يد تمتد صادقةً .. ولا عقل يشير إلى الطريق؟
من أين نبدأ.. قبل أن تتحول الأيامُ عنا؟
من أين نبدأ.. قبل أن يجتاحَنا أعتى حريق؟

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى