الأحد ٢٤ آذار (مارس) ٢٠١٣
إبراهيم ناجي لم
بقلم حسن توفيق

يعشق غير زهرة المستحيل!

مرت سنوات وتلتها سنوات أخريات على رحيل الدكتورإبراهيم ناجي عن عالمنا، وها هو يوم 24 مارس من هذه السنة- 2013- يطل علينا، متوافقا مع الذكرى الستين لرحيل هذا الشاعر الرقيق والكبيرالذي خلف لعشاق الشعر العربي روائع خالدة، من بينها قصيدة الأطلال التي غنتها أم كلثوم سنة 1966 ومنذ نحو شهرين أجرت إحدى الجرائد المصرية حوارا مطولا مع الممثلة زوزو حمدي الحكيم، التي كررت ما تدعيه من أن ناجي قد كتب الأطلال من وحيها، وهذا بالطبع ادعاء غير صحيح مطلقا، ومن جانبي فإني رأيت أن أكتب اليوم لكي أتحدث عن قصة الحب الحقيقية في حياة مبدع الأطلال.

ما الذي يمكن أن نراه حين نقف على أحد الشواطئ، وننظر إلى البحر الممتد أمامنا؟.. إننا نرى الأمواج وهى تتلاحق وتتتابع موجة في إثر أخرى، ونراها في عنفوانها وهى مقبلة من بعيد، كما نراها وهى تتكسر وتنبسط على الرمال فوق أقدام الشاطئ، ونرى الزبد الذى سرعان ما يذهب جفاء دون أن يمكث في الأرض، لكن هل ما نراه ممتدا أمامنا هو البحر حقا؟ لا، ليس هو البحر حقا، إنما هو المظهر الخارجى له، فالبحر حقا يكمن فى الأعماق، بكل ما فيها من أسرار ومن حياة ومن جزئيات وتفاصيل، لكن الأعماق لا يراها من يكتفون بالوقوف على الشاطىء...الأعماق تتطلب الجسارة التى تهيئنا لأن نغوص فيها لنتعرف ولنستكشف ما هو مخبأ وكامِن في ثناياها..

الذين يحكمون على الشاعر - أى شاعر - من خلال ما يبدو لهم من مظهره الخارجى، لا يختلفون كثيراً عَمَّنْ يكتفون بالوقوف على الشواطئ، متصورين أنهم قد عرفوا البحر. للشاعر أعماق كأعماق البحر، ونحن لا نستطيع الحكم عليه إلا إذا آثرنا أن نتغلغل في الأعماق، لنستكشف ما قد يتاح لنا استكشافه من الأسرار والجزئيات والتفاصيل، التى تؤلف - مجتمعةً - عالماً بأسره، هو عالم الشاعر المستكن في هذه الأعماق.

الحكم على ناجى من خلال المظهر الخارجي هو الذى جعل الدكتورة نعمات فؤاد ترى... أنه ليس من الموحدين في الحب .. فله محاب كثيرة .. وقد ذاق ألواناً من الحب، فتارة يفتنه السحر والذكاء وآنا يغويه الجمال ... والحكم على ناجى من خلال المظهر الخارجى هو الذى دفع عباس خضر لأن يشن حملة استهزاء على بعض قصائد ناجى العاطفية، وقد امتدت هذه الحملة أسابيع عديدة على صفحات أعداد من مجلة الرسالة خلال السنوات 1947 -1948 - 1949، وعلى سبيل السخرية المرة لَقَّبَ عباس خضر ناجى بـ «الدكتور عمر بن أبى ربيعة» الذى يتغزل في هذه وتلك وبأخريات غير هذه وتلك، والحكم على ناجى من خلال المظهر الخارجى هو الذى حدا بنعمان عاشور لأن يقول في مجلة الدوحة - عدد مايو 1980 كان ناجى كلما رأى امرأة وقع في حبها .. فالحب عنده كما كان يقول المرحوم كامل الشناوى مثل قزقزة اللب .. وكامل الشانوى نفسه كان كذلك .. ويبدو أن جميع كتاب القصائد الرومانتيكية من الشعراء جميعاً.. مثلهما تماماً .. والشرط الوحيد عندهم أن تكون المرأة جميلة وأن يكون جمالها موحياً بالشعر.

لو أننا انسقنا وراء الحكم على ناجى من خلال المظهر الخارجى، وهو الحكم الذى أصدره كل من د. نعمات فواد وعباس خضر ونعمان عاشور، ومعهم آخرون عديدون، فإننا نستطيع القول إن ناجى كانت له صولات وجولات، تجلت في قصائد عديدة، مع كثيرات من الفنانات الممثلات والمطربات والكاتبات والشاعرات، فقد كتب ناجى - على سبيل المثال - قصيدة في ديوانه الأول عن أمينة رزق، ولكنه وضع نقاطاً مكان اسم تلك الفنانة، ولكن من يراجع مجلة أبولو يجد أن اسم «أمينة» قد ورد في نص نفس القصيدة والذي حذفه ووضع نقاطاً مكانه في النص المنشور في وراء الغمام وكتب ناجي عن «زوزوات عرفهن» والزوزوات اللواتى عرفهن هن زوزو حمدى الحكيم وزوزو ماضى وزوزو نبيل، وكتب ناجى عن المطربة شهر زاد وعن الراقصة سامية جمال، كما كتب عن الشاعرات منيرة توفيق وجليلة رضا وأمانى فريد .. وكل هذه الأسماء ليست على سبيل الحصر، بل على سبيل المثال!!..

ماذا لو لم نقنع بالوقوف على الشاطئ قائلين: هذا هو البحر يمتد أمامنا؟... ماذا لو أننا تغلغلنا وغصنا في أعماق البحر؟!!..

على المستوى الحياتى، كانت هناك حبيبة واحدة، هى التى أسميها زهرة المستحيل وهى التى حرم منها ناجى طيلة حياته رغم أنها إحدى قريباته، وعلى المستوى الإبداعى، فإن هذه الحبيبة وحدها هى التى ألهمت ناجى روائع عديدة، من بينها رائعة الأطلال التى تدعي زوزو حمدي الحكيم أنها ملهمتها منذ أن غنت الراحلة العظيمة أم كلثوم مقاطع منها، مزجتها مع مقاطع من قصيدة أخرى.

من هى زهرة المستحيل؟

زهرة المستحيل التى أحبها ناجى، لها وجودان، وجود خيإلى، ووجود حقيقى، أما الوجود الخيإلى فيتمثل في «دورا» بطلة رواية دافيد كوبر فيلد لتشارلز ديكنـز، وأما الوجود الحقيقي فيتمثل في قريبة ناجى الجميلة التى حرمته منها، وبوجدان الشاعر مزج ناجى بين الوجود الخيإلى والوجود الحقيقى مزجاً عميقاً، يصعب معه أن نفصل بينهما!!..

في مقال مطول، كتبه ناجى في جريدة «الجمهور المصرى» قبل رحيله عن عالمنا يوم 24 مارس سنة 1953 بنحو شهر واحد، تحدث الشاعر الرقيق عن الكتب التى أثرت في حياته، وما يهمنا منها هنا هو حديثه عن رواية دافيد كوبرفيلد.

يقول: كان هذا في مستهل الصبا .. سمعت كثيراً من القصص التى كان يقصها والدى على أمى .. سمعت أوليفر تويست وسمعت كل قصص رايدارهاجارد، وسمعت وسمعت .. ولكن الذى انطبع في ذهنى هو دافيد كوبرفيلد. لا أعرف ما السر في ذلك، ولكنى أعتقد الآن أن قوة هذه القصة في أنها سيرة صادقة لديكنـز بالذات، عبر فيها أصدق التعبير عن انفعالاته، وشرح فيها الحب العفيف الراقى أوفى شرح، وكنت أنا إذ ذاك في بدء محاولاتى للشعر، فلم يكن عجيباً أن ينتعش ديكنـز في خيإلى بسمو روحه ونقاء قلبه، مع أنه لم يكن شاعراً، ولكن الذى كتبه نثراً هو في الحق أرفع وأعلى من شعر ألوف من الشعراء .. وماذا في قصة دافيد كوبرفيلد؟! إنها تذكرنى - أو على الأقل تجرى في خيإلى - مع عودة الروح لتوفيق الحكيم، لا شىء غير الصدق والواقع. قصة غرام قد تنتهى للاشىء، ولكنها في الحياة كل شىء .. قصة غرام ديكنـز بالفتاة دورا التى كان لا يقول إنها حبيبته، بل كان يسميها وجوده العزيز.. أبدع وصف في لغة الهوى الرفيع.. لم تكن حبيبته فحسب بل كانت (وجوده) جميعاً.. كونه الملهم، وحبه الصافى.

هذه هى دورا التى عرف تشارلز ديكنـز .. وجوده العزيز فى شخصها، والتى تمثل - في نفس الوقت - الوجود الخيإلى لـزهرة المستحيل فى وجدان ناجى..
أما دورا التى تمثل وجود ناجى العزيز على أرض االحقيقة والواقع، فهى فتاته القريبة - البعيدة التى كان يرمز لها بحرفَى «ع. م.»..

يتصدر ديوان ليإلى القاهرة لناجى إهداء، هذا هو نصه: إلى صديقى ع. م. الذى ندَّى الزهر الذابل من خمائل الماضى وأنبت في روض الحاضر زهوراً ندية مخضلة بالأمل والحياة ... إليه أقدم ما أوحى به لي.

وفى مقدمة ديوان ناجى الذى صدر عن وزارة الثقافة عام 1961 يقول صالح جودت: وقد حاول الكثيرون من أحباب ناجى أن يعرفوا من يكون صديقه «ع.م.» هذا الذى آثره الشاعر بشرف الإهداء. ورجم بعضهم بالغيب، فقال لابد أنه صديق صباه، الشاعر على محمود طه، الذى عاش معه أحلى أيام العمر في المنصورة، وترددت أسماء أخرى .. أما الحقيقة التى كتمها ناجى حتى عن أقرب المقربين إليه، فهى أن «ع. م.» ليس صديقاً .. بل صديقة .. بل حبيبة العمر!

وقبل أن أتحدث عن «ع.م.» ومن تكون؟.. فإنى أذكر هنا أن ناجى كان أهدى أحد كتبه النثرية وهو كتاب رسالة الحياة والذى صدر قبل صدور ديوان ليإلى القاهرة إلى «ع.م» وهذا هو نص الإهداء: إلى الصديق الحبيب ع.م... أيها الصديق الكريم، كيف أؤدى لك بعض فضلك علىَّ؟ أتذكر كيف كتبت هذه الرسائل؟ كتبت بوحيك وتمت في ظلال صحبتك، فمنك وإليك مرجع هذه الكلمات، أيها الصديق: لقد رضيت أن يتوج حرفان من اسمك كتابى هذا، وحسبى شرفاً،، وحسبى مدى العمر سعادة وهناء.

ع.م كانت ملهمة ناجى في شعره كما يتبين من إهداء ديوان ليإلى القاهرة وكانت ملهمته في نثره كما يتبين من إهداء كتاب رسالة الحياة .. فمن هى؟ ومن تكون؟.
فى السنوات الأخيرة من حياة صالح جودت، كانت علاقتى به علاقة وثيقة حقا، على الرغم من اختلاف الأهواء والثقافة والنشأة والأجيال، وفى جلسة حميمة مع صالح جودت سألته - وقتها - عن ملهمة الأطلاللناجى، فأكد لى أن ناجى لم يكتب رائعته من وحى أية ممثلة من اللواتى ادعين ذلك الادعاء، وقال لى إنها من وحى حبه الأول ع.م فاستفسرت منه عنها فأخبرنى باسمها، ورجانى أن أحتفظ بالأمر سرا، لأنها مازالت على قيد الحياة، ولأن ناجى كان يحبها من جانبه هو فحسب.

وبعد رحيل صالح جودت عن عالمنا، حاولت أن أتأكد مما قاله عن ع.م. حيث سألت الأخ الأصغر لناجى وهو المهندس الراحل حسن ناجى عما أعرفه من صالح جودت، فأكد لى أن الاسم صحيح، لكنى لم أشأ أن أشير إلى اسم ع.م. إلا بعد أن رحلت هى أيضاً عن عالمنا، حيث ذكرت الاسم صراحة فى مقال قديم لى بعنوان إبراهيم ناجى .. العاشق الذى مات حبا، وقلت في خاتمته:... والآن وقد رحلت عنا الملهمة الحقيقية أجد أن من حقى أن أذكر اسمها لأول مرة .. إنها السيدة «عنايات محمود الطوير» .. «ع .م.» .. المثال الذى عاش ناجى يناجيه طيلة حياته فى قصائد عديدة.

والحق أننى قد اكتشفت فيما بعد أن ناجى قد صرح باسم وجوده العزيز الواقعى لبعض المقربين من أقربائه ومن أصدقائه، على نقيض ما كان صالح جودت قد ذكره في مقدمة ديوان ناجى من أن الشاعر الرقيق قد كتم الحقيقة حتى عن أقرب المقربين إليه. وهنا أذكر أن المهندس الراحل حسن ناجى كان قد أعارنى كتاباً مخطوطاً كتبه الشاعر الراحل محمد مصطفى الماحى عن الشاعر الرقيق إبراهيم ناجى، وحين قرأت هذا الكتاب المخطوط قراءة متأنية وجدت الماحى - وكان من أصدقاء ناجى المقربين - يتحدث عن ع.م. دون أن يشير صراحة إلى اسمها، حيث يقول... وحدث أن هيأ القدر لناجى طفلة من قريباته تماثله في السن وتقيم في أحد قصور مدينة الأحلام فنشأت بينهما صلة ود إلى جانب القرابة، وبدأت عاطفته تتحرك بشىء لا يدرك كنهه، وبدأت ملكة الشعر تثمر في وجدانه، فنطق بالشعر وهو في سن العاشرة، وقد أطمعته هى في استمرار هذا الحب، وفى أن ينتهى بالرباط الوثيق بينهما، حتى تأصل فى قلبه، وأصبح يتمثل فيها الوجود كله كما تمثل دافيد كوبرفيلد حبيبته دورا فى قصة تشارلز ديكنـز...

يعود محمد مصطفى الماحى، فيفسر لنا كيف حُرم ناجى من وجوده العزيز فيقول:.. فأما حبه الأول فقد كان - كما قدمنا - لفتاة جميلة من قريباته وهى تقطن بجواره وتمكن الحب من قلبه ولم يجد هذا الحب اعتراضاً من جانبها، بل وجد تجاوباً منها فضمهما الحب روحيا، وتعاهدا على أن يكون أحدهما للآخر فى حياة سعيدة ، فلما وصل إلى مرحلة الدراسة في مدرسة الطب أبت الانتظار حتى يتمم دراسته وحقرت عهده وتزوجت غيره وظل هو على حبه العفيف الذى لازمه طول حياته وكلما مرت به سانحة حب أو إعجاب بامرأة كان يتمثل فيها فتاة حبه الأول.

من هذا المنطلق وفي أجواء ذكرى مرور ستين سنة على غيابه، أستطيع القول- بكل ثقة واطمئنان- إن ناجى كان يحب فتاة واحدة، هى زهرة المستحيل كما أسميها، وهى دورا تشارلز ديكنـز التى امتزجت فى خياله، وهى عنايات محمود الطوير التى عاشت فى واقعه.
لنستمع إليه وهو يناجى زهرة المستحيل في قصيدة بعنوان من ن إلى ع:

ياشطر نفسى وغرامى الوحيد
ما شئت ياليلاى لا ما أريــد
يامن رأت حزنى العميق البعيد
داويت لى جرحى بجرح جديد

ثم يشير ناجى - فى نفس القصيدة - إلى لقاء تم بالمصادفة وحدها دون أن يكون هناك اتفاق مسبق:

ويوم لقياك على سلمِ
فى جانب مكتئب مظلــمِ
يا عذبة العينين والمبسمِ
وغضة الحسن الشهىِّ الفريد
فى لحظة يقفز فيها دمى
وتعقد الدهشة فيها فمــى
من أى كون جئتِ لم أعلمِ
يا نفحة من نفحات الخلـود

وفى تقديرى، وعلى ضوء ما أقول إنه غوص فى أعماق ناجى، فإنى أرى أن هناك قصيدة مترجمة لم يلتفت إليها أحد من دارسى ناجى على الإطلاق، رغم أن هذه القصيدة تلخص حكايته مع زهرة المستحيل تلخيصاً دقيقاً، ترجم ناجى هذه القصيدة، ونشرها في عدد يناير عام 1950 من مجلة الحديث الحلبية والقصيدة بعنوان سنارا وهى للشاعر داويد سون، وقد كتب لها ناجى مقدمة موجزة، هذا نصها: عندما هجرته حبيبته سنارا كان يبحث عن أخرى تشابهها فلم يعثر عليها فكتب الشاعر داويد سون هذه المقطوعة يعبر فيها عن أحاسيسه أصدق تعبير..أما نص القصيدة فيقول:

حين قبَّلتُ تلك ياسنارا
وقعتْ أنفاسك بين شفتى
وقعتْ أنفاسك بين الخمر والقبلات
معذرة ياسنارا لقد كنتُ يائساً منك
وقد كنت متعباً ولكنى أخلصتُ لك على طريقتى:
ظللت أشرب وأرقص .. وأرقص وأشرب
حتى انتهى الخمر وانتهى الرقص ..
فإذا الليل كله لكِ يا سنارا!

أعتقد أن قصيدة سنارا تلخص حكاية ناجى مع زهرة المستحيل، وتؤكد أن ناجى عاش حياته فراشة حائرة، تتنقل من غصن إلى غصن، عساها أن تجد بديلا عن الزهرة التى كان ينشدها، لكنه حُرِمَ منها طيلة حياته، على الرغم من أنها لم تكن بعيدة عنه. وهنا يمكننى القول أيضاً إن ناجى كانت له حبيبة واحدة، وهى دورا وهى ع.م. وهى سنارا وهى زهرة المستحيل وبالتإلى فإنه كان موحداً فى الحب على نقيض ما قالته د. نعمات فؤاد من أنه ليس من الموحدين فى الحب، ولم يكن الدكتور عمر بن أبى ربيعة كما قال عنه - على سبيل التهكم - عباس خضر، ولم يكن الحب عنده مثل قزقزة اللب كما روى نعمان عاشور، نقلا عن كامل الشناوى.

وتبقى تحية الحب لشاعر الحب والأطلال الدكتور إبراهيم ناجي في الذكرى الستين لغيابه عن أحبابه من عشاق الشعر العربي.


مشاركة منتدى

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى