الأربعاء ٢١ آذار (مارس) ٢٠١٢
بقلم فيصل سليم التلاوي

حلمٌ يُمعنُ في الهروب

آن لهذا الشاعرِ الضِّليلِ أن يَثوبْ
ومن بَراري تيهِهِ وغيِّهِ يَؤوبْ
وأن تَكُفَّ نارُهُ عن هَوَسِ الشُبوب
وأن يلُفَّ صدرهُ المليءَ بالثقوب
 
لكنها في نُسغِهِ ودمه تجوب
يُحسُّها تخطرُ في دلالها اللعوب
فتنتشي من وَجْدِها وشوقها الدُروب
 
تحلم كل ذرةٍ أن تلثمَ الكعبين ْ
تطفئُ وهج لَوعِها ولو بقُبلتين
بلمسةٍ حانيةٍ تداعبُ الخدين
بومضةٍ سحريةٍ من ألقِ العينين
تومئُ لي وما دريتُ أين ؟
أمضي مع ارتجاجِ زورقينِ
أبحرا سَويّةً في عُمقِ بَحرتينِ
لا ضفافَ يحتمي بها الغريقُ
أو يلوذُ في شعاب شاطئينْ
 
يا شعرها الحرير دغدغتهُ نسمةُ الجنوبْ
وشالها البهيَّ إذ داعبه هَبوب
وثغرَها المُنمنمَ المُلملمَ المَسكوب
وطيبَ شهدِ ريقها لحظةَ أن يذوب
عينانِ واحتانِ لم يَمسسْهما لُغوب
خِصبُ الربيع فيهما وخضرةُ السُهوب
تفتقُ الورود في غوريهِما وضَوعةُ الطيوب
وألَقُ الصباح بللته ديمةٌ سكوب
 
أشتاقُ تلك العين إذ ينهمرُ الغروبْ
على دروبها، وإذ يئنُ نغمٌ طروب
وإذ تَرِفُّ حولها من وَجدها سُروب (1)
وللمِلاح إذ غذذنَ خطوهن في دُؤوب
وللجرارِ تعتلي رؤوسهنَ مَيلةٌ كميلةِ القلوب
لعُمريَ الذي أضعتُ إذ تَدُعُّني الخُطوب
تدفعني عن دربها وخافقي يَلوب
وكلما حلمتُ في المساء أن أؤوب
ألفيتُ حلمي ذاويًا يمعنُ في الهروب
وأن دون ثغرِها ودفئِها جَبوب (2)
وأن طيبَ مائها قد غاله نُضوب
تملكتني رِعدةٌ ولفني شُحوب
وأوغلت في جبهتي ووجنتي نُدوب
وهِمتُ في فِجاجِ هذا الزمنِ الغَضوب.
 
سُروب: جمع سَرْب و هو الصدر
الجَبوب: الأرضُ الغليظة

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى