

حَدِيثُ الرَّدْمِ!؟
يَطُلُّ بِصَمْتٍ..
تَحْتَ فُوَّهَةِ الرَّدْمِ
لِيَحْكِيَ مَا يَجْرِي مِنَ البَدْءِ لِلْخَتْمِ
تَقُولُ عُيُونٌ مِنْهُ :
"إنِّيَ خَائِفٌ!
فَلَا تَسْكُبِي دَمْعًا عَلَى الخَوْفِ يَا أمِّي..
أنَا اسْمٌكَ يَا إسْلَامُ فِيهِمْ!
وآيَةٌ مِنَ الذِّكْرِ مَلَّتْ مِنْ مُشَافَهَةِ الرَّسْمِ..
أنَا فُسْحَةُ الدُّنْيَا بِحُفْرَتِيَ الَّتِي
تَزِيدُ اخْتِنَاقِي إنْ دَنَوْتُ مِنَ الغَمِّ
دَعُونِي أرَاكُمْ مِنْ مَكَانِيَ صَامِتًا
فَفِي العَيْنِ مَا يُغْنِي عَنِ النُّطْقِ وَالفَهْمِ..
وَلِي قَلْمٌ تَحْتَ الرُّكَامِ
أشُدُّهُ أنِيسًا
وَألْقِيهِ فِرَارًا مِنَ الوَهْمِ
كَغُصْنٍ مِنَ الزَّيْتُونِ أخْضَرَ يَافِعٍ
يَزَالُ بَعِيدًا عَنْ مُخَالَطَةِ الدَّمِّ
كَأنَّ لَهُ صَوْتًا رَقِيقًا يَقُولُ لِي :
(لِعَيْنَيْكَ مَا لَا يُسْتَطَاعُ مِنَ النَّظْمِ!
فَيَا ثَانِيَ اثْنَيْنِ اسْتَرِحْ فَوْقَ رُكْبَتِي قَلِيلًا
فَرَبُّ الهَمِّ أقْوَى مِنَ الهَمِّ)..
أَمُدُّ يَدِي اليُمْنَى..
لَعَلَّ لَهَا يَدًا تَحَسَّسُ فِيهَا رَعْشَةَ الجِلْدِ وَالعَظْمِ
أنَا ذَنْبُ كُلِّ الآدَمِيَّةِ..
أيُّهَا الحَمَامُ تَرَجَّلْ فَالسَّمَاءُ هُنَا تُدْمِي
دَعِ الغُصْنَ يُلْقَى يَابِسًا فَوْقَ أرْضِنَا
فَقَدْ سُلِبَتْ كُلُّ المَّعَانِي مِنَ السِّلْمِ..
وَيَا أيُّهَا الرَّاؤُونَ حَالِيَ
خَلْفَ مَا تَبُثُ مِنَصَّاتُ التَّوَاصُلِ مِنْ شُؤْمٍ
أنَا فَرِحٌ جِدًّا
وَقَبْرِيَ رَوْضَةٌ
وَخَيْطُ الهَّوَاءِ انْسَلَّ مِنْ فُتْحَةِ السَّمِّ
وَكَفِّيَ لَمَّا تَرْتَعِشْ مِنْ مَخَافَةٍ
وَلَكِنَّ بَعْضَ البَرْدِ يَلْعَبُ فِي جِسْمِي..
أنَا خَائِفٌ أمِّي..!؟
بَرَاءَتِيَ انْتَهَتْ سَرِيعًا
مَعَ اسْتِعْجَالِكِ اليَّوْمَ فِي فَطْمِي!
وَلِي نُسَخٌ أخْرَى
بِلَا أيِّ مَنْسَمٍ !
لَهُمْ أُمَّهَاتٌ مِثْلَمَا لِي أنا أمِّي !
فَهَلْ يَنْتَهِي الكَابُوسُ؟
أمْ أنَّ نَوْمَنَا ثَقِيلٌ!
وَلَا فَجْرٌ يُؤَذِّنُ لِلْحُلْمِ!؟
سَأخْرُجُ مِنْ هَذَا المَكَانِ
مُحَمَّلًا بِخَمْسِينَ ألْفًا جَاوَزُوا مَنْطِقَ الرَّقْمِ
لَهُمْ عِوَضٌ عِنْدَ الَّذِي عَزَّ جَارُهُ
عَنِ المُشْرِبِ الجِيرَانَ كَأسًا مِنَ السُّمِّ
وَمَازَالَ فِي أنْفَاقِ غَزَّةَ إخْوَةٌ
يَذُبُّونَ عَنْهَا رُغْمَ مَا ضِيفَ لِلرُّغْمِ
رَصَاصَةُ فَرْدٍ مِنْهُمُ تَجْلِبُ الرَّدَى
فَلَمْ يَرْمِ إلَّا كَانَ رَبِّيَ مَنْ يَرْمِي"..