الأربعاء ٢٤ أيار (مايو) ٢٠٠٦
بقلم نقولا حنا

حِجَازُ... لِقَلْبي بالحِجازِ هُيامُ

حِجَازُ... لِقَلْبي بالحِجازِ هُيامُ
ووَجْدٌ لَهُ طَيَّ الضُّلوعِ ضِرامُ
 
بَعُدْتَ ولم تَبْعُدْ فَأَنْتَ بِخاطري
مقيمٌ، فلا ملَّ النَّزيلَ مقامُ
 
حلَلْتَ فُؤادي مُذْ تفتَّحَ لِلْهوى
ولجَّ بهِ شَوقٌ وأجَّ هُيامُ
 
وما بدَّلَ الحُبَّ الزَّمانُ فإنَّنا
تُصانُ عُهودٌ عِنْدَنا وَذِمامُ
 
لقدْ لامَني فيكَ الْعَذولُ سَفاهةً
ومَنْ يَعْشَقِ الأَوْطانَ كيفَ يُلامُ
 
يقولُ أَتَهْوى مَنْزِلاً ما عرَفْتَهُ
فقلْتُ أَمَا الأجدادُ فيهِا أَقاموا
 
فما أنْكَرَ الآباءَ إلاَّ مُهَجَّنٌ
ولا الدَّارَ إلاَّ مارِقونَ لِئَامُ
 
* * *
 
لَئِنْ لََمْ أَكُنْ بالْعَصْرِ هذا مُتيَّماً
فلي بالْعصورِ السَّالفاتِ غَرَامُ
 
غَرامِيَ نَجدٌ والحجازُ و أَهْلُها
وجَرْعَاؤها [1] وِدْيانها وإكامُ
 
ونوقٌ على الكُثْبانِ تَحْدو رُعاتُها
يَلُوْحُ دُخانٌ خَلْفَها وخِيَامُ
 
وَنَخْلٌ عَلَى الوَاحَاتِ مَدَّ رُوَاقَهُ
تُداعِبُهُ رِيْحُ الصَّبا وَنِسامُ
 
* * *
 
أَصَاحِ أَدِرْ طَرْفَ الْخَيَالِ لِمَا مَضَى
فما يَحْجِبُ الفِكْرَ المُنيرَ ظَلامُ
 
تُشاهِدْ عِتاقاً قَدْ تعشَّقَتِ الوَغَى
إِذا ثوَّبَ الدَّاعي فَهُنَّ غَمامُ
 
تُغِيْرُ فَمَا يَوْماً أَلَمَّ بِها الوَنَى
وَلا صَدَّها عِنْدَ اللقاءِ لِجامُ
 
عَلَيْهَا مِنَ الفُرْسَانِ عُرْبٌ أَشَاوسٌ
إِذَا اهْتَزَّ خَطِّيٌّ [2] وسُلَّ حُسَامُ
 
عَلَيْها بَنُوْ عَدْنَانَ فَاضَتْ جُمُوْعُهُم
وَقَحْطَانُ تَتْلُوْ وَالفُجَاجُ [3] قَتَامُ [4]
 
جَبَابرُ لبُّوا دَعْوَةً عُلْوِيَّةً
فَغَابَتْ نِصَالٌ جُرِّدتْ وسِهَامُ
 
دَعَاهُمْ إِلَى الإِيْمَانِ بِاللهِ وَحْدَهُ
رَسوْلٌ شَرِيْفُ النَّبْعَتَينِ هُمَامُ
 
مُحَمَّدُ خَيْرُ الخَلقِ مِنْ آلِ هَاشِمٍ
نَبِيٌّ كَرِيْمٌ وَالجُدودُ كِرَامُ
 
لَقَدْ شَرَّفَ اللهُ الوجودَ بِبِعْثِهِ
وَتَمَّ لَهُ فَوْقَ الأَنَامِ مَقَامُ
 
مُذِ اخْتَارَهُ الرَّحْمنُ لِلْجَهْلِ آسياً
تَوَارَتْ جَهَالاتٌ وَ زَالَ سِقَامُ
 
أَنَارَ عُقُوْلاً أَوْغَلَتْ فِيْ ضَلالِهَا
وَأَزْرَىْ بِنُوْرِ البَدْرِ وَهْوَ تَمَامُ
 
تَقِيٌّ نَقِيٌّ زَاهِدٌ مُتَهَجِّدٌ
عَزِيْزٌ أَبِيٌّ لَيْسَ فِيْهِ مَلامُ
 
شُجَاعٌ كَرِيْمٌ لا يُخَيِّبُ سَائِلاً
وَلا عَنْ غِيَاثِ الْمُسْتَجِيْرِ يَنَامُ
 
قَدِيْرٌ حَلِيْمٌ سَيِّدٌ مُتَوَاضِعٌ
حَكِيْمٌ بِتَصْرِيْفِ الأُمُوْرِ هُمَامُ
 
عَفِيْفٌ يَفِيْضُ الطُّهْرُ مِنْ نُوْرِ وَجْهِهِ
حَبِيْبٌ مَهِيْبٌ مُنْذَ كَانَ فِطَامُ
 
فَضَائِلُهُ حِيْنَ اسْتَبَانَتْ لِقَوْمِهِ
دَعُوْهُ أَمِيْناً وَهْوَ بَعْدُ غُلامُ
 
سَجَايَاُه أَعْيَا وَصْفُهَا كُلَّ حَاذِقٍ
فَقَصَّرَ مَدَّاحٌ وَضَاقَ كَلامُ
 
وَلَسْتُ أُجِيْدُ القَوْلَ لكِنَّ مِدْحَتَيْ
مَنَاقِبُهُ أَمْلَتْ بِهَا وَغَرَامُ
 
يَقُوْلُوْنَ مَا آيَاتُهُ، ضَلَّ سَعْيُهُمْ
وَآيَاتُهُ مِلءَ الزَّمَانِ عِظَامُ
 
كَفَى الْمُعْجِزُ الفُرْقَانُ للنَّاسِ آيةً
تَسَامَى سُمُوَّ الشَّمْسِ لَيْسَ يُرَامُ
 
فَكُلُّ بَلِيْغٍ عِنْدُهُ ظَلَّ صَامِتاً
كَأَنَّ عَلَى الأَفْوَاهِ صُرَّ كِمَاُم
 
كَفَى نَصْرُهُ فَرْداً تُعَادِيْهُ أُمَّةٌ
وَمَنْ يَنْصِرِ الرَّحْمنَ كَيْفَ يُضَامُ
 
تُدَافِعُ عَنْهُ العَنْكُبُوْتُ بِخَيْطِهَا
وَيَدْفَعُ كَيْدَ الْمُشْرِكِيْنَ حَمَامُ
 
لَقَدْ كَانَ عَصْرُ البَعْثِ عَصْرُ جَهَالَةٍ
وَقَدْ سَادَ كُلَّ العَالَمِيْنَ ظَلامُ
 
وَأَمَّا خِيَارُ النَّاسِ أُمَّةُ يَعْرُبٍ
فَكَانُوا كِرَاماً كَهْلُهُمْ وَالغُلامُ
 
سَمُوْا شَرَفاً فِي النَّاسِ مُذْ جَاءَ مِنْهُمْ
لِكُلِّ البَرَايَا مُرْشِدٌ وَإِمَامُ
 
وَفِيْهُمْ إِبَاءٌ، نَخْوَةٌ وَشَجَاعَةٌ
سَخَاءٌ، وَفَاءٌ عِزَّةٌ وَذِمَامُ
 
وَحِلْمٌ وَإِنْصَافٌ وَحَزْمٌ وَسُؤْدُدٌ
وَصَفْحٌ وَنُبْلٌ لَمْ يُشْبِهُ مَلامُ
 
وَقَدْ حَفِظُوا جَاراً وَأَدُّوا أَمَانَةً
فَقُلْ مَادِحاً مَا شِئْتَ لَسْتَ تُلامُ
 
وَلكِنَّهُمْ قَدْ أَشْرَكُوا لِجَهَالَةٍ
وَصَلُّوا لِنَصْبٍ سَاجِدِيْنَ وَصَامُوا
 
وَفِيْهُمْ خِصَالٌ لا تُحَبُّ فَبَعْضُهَا
مُضِرٌّ وَبَعْضٌ مَأْثَمٌ وَحَرَامُ
 
فَسَلْبٌ وَنَهْبٌ دَأْبُهُمْ وَخُصُوْمَةٌ
وَحِيْنَ صَفَاءٍ مَيْسِرٌ وَمُدَامُ
 
وَوَأْدٌ وَلَمَّا يَأْتِهِ غَيْرُ عَاجِزٍ
وَغَيْرُ فَقِيْرٍ مَا لَدَيْهِ طَعَامٌ
 
وَغَبْنٌ وَتَطْفِيْفُ الْمَكَايِيْلِ وَالرِّبَا
وَلَيْسَ لِتَجْرٍ [5] وَازِعٌ وَحِجَامُ
 
قَبَائُِل فَوْضَى فَرَّقَتْهَا ضَغَائِنٌ
وَمَا قَادَهَا نَحْوَ الفَلاحِ نِظَامُ
 
وَشَاءَ إِلهُ العَرْشِ بِالنَّاسِ رَحْمَةً
وَأَنْ يَتَلاشَى حِقْدُهُمْ وِخَصَامُ
 
فَفَرَّقَ مَا بَيْنَ الضَّلالَةِ وَالْهُدَى
بِفُرْقَانِ نُوْرٍ لَمْ يُشْبِهُ قَتَامُ
 
أَتَاهُمْ بِقُرْآنِ السَّلامِ رَسُوْلُهُ
فَطَافَ بِأَرْجَاءِ البِلادِ سَلامُ
 
كِتَابُ هُدًى لا رَيْبَ فِيْهِ مُشَرِّعٌ
وَللسِّلْمِ وَالْعُمْرَانِ فِيْهِ دِعَامُ
 
مُفَصَّلَةٌ آيَاتُهُ عَرَبِيَّةٌ
فَصَاحَ بِهَا عِزُّ البَيَانِ عِظَامُ
 
تَلا كُتَبَ التَّنْزِيْلِ لكِنْ مُكَمِّلاً
فَذِي أَوَّلُ التَّشْرِيْعِ وَهُوْ خِتَامُ
 
فَصِيْحٌ بَلِيْغٌ نُطْقُهُ وَبَيَانُهُ
قَرِيْبٌ بَعِيْدٌ فَهْمُهُ وَمُرَامُ
 
تَنَّزَهَ عَنْ هُجْرٍ [6] فَمَا اللَّفْظُ فَاحِشٌ
وَلا فِيْهِ بُهْتَانُ وَلَيْسَ يُذَامُ [7]
 
تَجَاوَبَ أَصْدَاءُ التِّلاوَةِ فِي قِبَا [8]
فَشُقَّ لَهَا فِي الْمَشْرِقَيْنِ إِمَامُ [9]
 
فَآمَنَ أَبْنَاءُ العُرَوْبَةِ وَاهْتَدُوا
وَضَمَّ قُلَوْبَ الْمُؤْمِنِيْنَ وِئَامُ
 
وَثَارُوا عَلَى الأَصْنَامِ ثَوْرَةَ وَاحِدٍ
فَإِذْ بِالَّذِي قَدْ ألَّهُوْهُ حُطَامُ
 
هُمْ نَشَرُوا الإِسْلامَ شَرْقاً وَمَغْرِباً
وَقَامُوا بِنَشْرِ العَدْلِ حَيْثُ أَقَامُوا
 
* * *
 
لَقَدْ حَبَّبَ الأَوْطَانَ وَالأَهْلَ وَالِدٌ
و َإِنْكَارُ فَضْلِ الوَالِدَيْنِ حَرَامٌ
 
فَقَدَّسْتُ أَوْطَانِي وَأَكْبَرْتُ أُمَّتِيْ
أَأُعْذَلُ إِنْ أَحْبَبْتُهُمْ وَأُلامُ
 
إِذَا ذَكِرَ الأَوْطَانُ أَذْكُرُ رَامَةً [10]
وَأَهْلاً وَصَحْباً وَالدُّمُوْعُ سِجَامُ
 
تَبَدَّلَتِ الأَحْيَاءُ أَهْلاً بِأَهْلِهَا
وَنَابَ عَنِ الزَّهْرِ الذَّكِيِّ ثُمَامُ [11]
 
وَنَابَ عَنِ الفَرْشِ الوَثِيْرِ حَصِيْرَةً
وَنَابَتْ عَنِ الدُّوْرِ الرِّحِابِ خِيَامُ
 
* * *
 
فَيَا سَيِّداً مَا دَانَ قَطُّ لِسَيِّدٍ
وَأَكْرَمَ مَبْعُوْثٍ أَظَلَّ غَمَامُ
 
سَأَلْتُكَ يَا عَوْنَ الشَّرِيْدِ إِغَاثَةً
لِمَنْ شُرِّدُوا بَيْنَ البِلادِ وَهَامُوا
 
وُجُوْهٌ عَلاهَا السُّقْمُ بَعْدَ نَضَارَةٍ
فَلَمْ يَبْقَ إِلاَّ جِلْدَةٌ وَعِظَامُ
 
وَكُلٌّ يُرَّجِي مِنْكَ نَصْراً وَعَوْدَةً
فَإِنَّكَ مِغْوَاثُ الضَّعِيْفِ هُمَامُ
 
وَإِنِّي غَرِيْبُ الدَّارُ مَالِيْ نَاصِرٌ
وَحَوْلِيَ طَافَ الْمُبْغِضُوْنَ وَحَامُوا
 
وَكَمْ أَرْجَفَ الوَاشُوْنَ زُوْراً وَإنَّما
بِمَنِّكِ طَاشَتْ نُبْلُهُمْ وَسِهَامُ
 
أَتَيْتُكَ يَا حِصْنَ الضَّعِيْفِ مَؤَمِّلاً
رِضَاكَ فَإِنْ تَمْنُنْ فَلَسْتُ أُضَامُ
 
دِيَارِي غَدَتْ لِلغَاصِبِيْنَ سَبِيَّةً
وَحَلَّ بِهَا بَعْدَ الْكِرَامِ لِئَامُ
 
فُخُذْ يَا نَبِيَّ الله بِاليَدِ مِثْلَمَا
أَخَذْتَ بِها يَوْماً فَأَنْتَ كُرَامُ [12]
 
وَقُدْ عُرْبَكَ الأَبْطَالِ لِلنَّصْرِ إِنَّهُمْ
إِذَا حَان يَوْمٌ لِلِّقَاءِ كِرَامُ
 
أَجِرْنِي وَفَرِّجْ كُرْبَتِيْ [13] وَظَلامَتِيْ
فَفَضْلُكَ مَوْفُوْرٌ وَأَنْتَ هُمَامُ

الشاعر نقولا حنا شاعر وباحث فلسطيني، عشق فلسطين عشاق رُبَّما يفوق الوصف بدا في شعره هنا وإن لم يذكر فلسطين أبداً

لم ينشر شعره، ورُبَّما كان شاعراً مقلاً، وكل ما أعرف من شعره هو قصائد ثلاث أَو أربع سأنشرها تباعاً عند تصلني

وللشاعر بحث أو أكثر، ولكنَّهُ على أي حال لم ينشر شيئاً من إنتاجه

والشاعر من أسرة موسومة بالأدب بمعنييه؛ فشقيقته الأديبة هدى حنا وهو ابن عم الأب عطاالله حنا


[1الجرعاء: الأرض المستوية والصحراويَّة.

[2خَطِّيٌّ: رمح

[3الفُجاج: الطريق الواسع.

[4غراب الحرب الأسود

[5جمع تاجر.

[6القبيح من الكلام.

[7القبيح من الكلام.

[8قرية بَيْنَ مكة والمدينة بنى فيها الرسول أول مسجد للإسلام.

[9الرسول الكريم

[10اسم من أسماء مكة.

[11نبات

[12كُرام (بضم أوله): شديد الكرم

[13حزن وشقة


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى