

خطوات
ومَددتَ كفًّا بالسلامِ مراوِغًا .. تُخفي بصدرِك أمكرَ النيّاتِ
ورأيتُ ظلَّك في المرايا أسودًا .. شيطانُه من أسفلِ الدرجاتِ
وبسطتَ عَقدًا بالشروطِ مدجّجًا .. حتّى تزورَ بساطَه بصماتي
ناولتَني قلمًا وقلتَ: ألا ترى .. تطبيعنا جسدًا بغيرِ حياةِ
هيّا إلى حقنِ الدماءِ أما اكتفتْ .. أجسامُنا من وابلِ الضرباتِ
فاليومَ ننسى ثمّ نذكرُ أنّنا .. أبناءُ عمٍّ نبتغي الرحماتِ
فخَطَوتُ نحوكَ والدروبُ ثقيلةٌ .. وضلوعُ قلبي تكتمُ الدقّاتِ
وإذا أسيرُ تصيحُ حولي صرخةٌ .. فترجُّ كالزلزالِ في الجَنَباتِ
صبرا تنادي لا توقّعْ، حبرُه .. من نَزفِ شاتيلا لتلكَ دَواةِ
وبدير ياسينٍ شهادةُ غدرِهم .. بعدَ التصالحِ أعلنوا الحملاتِ
حيفا ويافا والضحايا كالحصى .. ولخانِ يونسَ نسكبُ العَبَراتِ
قصفٌ بغزّةَ برقه يُسقي الدجى .. قد أمطرَ النيرانَ كالزخّاتِ
ببني قريظةَ ثمّ خيبرَ سبقُهم .. في ضربِ ظهرٍ أخبثَ الطعناتِ
بالأمسِ قالوا لا نقاتلُ، هل ترى .. للعهدِ والميثاقِ من إثباتِ
الغدرُ يسكنُ في الحنايا راصدًا .. طيرَ السلامِ بواسعِ الشَجَراتِ
فإذا تطيرُ بغصنِ زيتونٍ أبى .. أن تعبرَ الأنهارَ للضَفَّاتِ
ناديتَني: لِمَ لا تُجدُّ السيرَ؟ هيّا! ما أراكَ على مدى النظراتِ
في ثانيَ الخَطَواتِ مدّتْ كفَّها .. لتهزَّ روحي في جوى سَكراتي
قالتْ فهلْ هذا يعيدُ بيوتَنا .. ويعيدُ أمّي أو أرى أخواتي
هلْ يبعثُ الأجسادَ من دَركِ الثرى .. من بعدِ أزمنةٍ وطولِ سباتِ
أو هلْ يعيدُ لنا أبي من أسرِه .. إن كان حيًّا أو منَ الأمواتِ
وشهيدُ سيناءٍ أتنسى نزفَه .. في جبهةٍ أو سالَ في الطُرُقاتِ
لا، لا تصالحَ، لا تفاوضَ، لا اعترافَ ولو مضى ألفٌ منَ السنواتِ
لا عَقدَ يُكتبُ من دماءِ جُدُودِنا .. لا عهدَ يصدقُ من لسانِ جُناةِ
هي خطوةٌ نحوَ الأيادي بعدَها .. يخطونَ فوقَ النحْرِ والرَقَبَاتِ
لا تَخطُ نحوَ البئرِ إنّ مياهَها .. تُشقي ولا تُسقي سوى اللَعَناتِ
وتدسُّ سمًّا في عروقِ قضيّتي .. فتموتُ في صمتٍ بلا أنّاتِ
اقبِضْ يديكَ فلا يصيبَكَ داؤهم .. عدوى فتيهٌ ثمّ طَورُ شَتاتِ
واقطعْ حبالًا لا لودٍّ وصلها .. بل تخنقُ الأنفاسَ كالحيّاتِ
فجمعتُ أوراقي، رحلتُ ولم تزلْ .. تروي حكايةَ ما مضى للآتي.