الثلاثاء ٢١ تشرين الأول (أكتوبر) ٢٠٢٥
بقلم طارق الحلفي

«خلع الخاتم» لسعاد الراعي

تنطلق رواية "خلع الخاتم" للكاتبة سعاد الراعي، من جرح غائر في جسد المجتمع العراقي المعاصر، لتشعل شرارة السرد على وقود الطائفية التي استعرَت بعد عام 2003. هي ليست مجرد حكاية فردية، بل مرآة لمأساة وطن تتداول فيه أرواح الأبرياء ثمناً لدورة ثأر لا تنتهي.

تتخذ الرواية من "عفراء"، ابنة العراق المضيئة، بطلة لها. تبدأ مأساتها حين يُغتال زوجها لأنه رفض أن يُطلقها تحت ضغط الانقسام الطائفي. تتحوّل عفراء على إثرها من زوجة إلى فريسة، حيث يهجم عليها إخوة الزوج "كالوحوش" لغسل دم أخيهم بدمها، محاولين تحويلها إلى "قربان جديد" لجنون العنف الطائفي. حيث تُجرَّد من إرادتها، ويُفرض عليها حكم السيطرة والقهر، وتصبح مُهدّدة بالزواج من شقيق زوجها المنتقم.

تزاوج الراعي ببراعة بين الأسلوب الواقعي والواقعية المستنيرة، فتصف بدقة عنف الخارج وجنون العقل الجمعي المندفع بالثأر، بينما ترسم في المقابل الأعماق النفسية للضحية عفراء، حيث يتبدى الصراع في أروع صوره.. فبقدر ما يحاول المحيط سحقها كـ "رمز يُقاد إلى الذبح"، بقدر ما تتشبث هي وطفلتاها بالحياة، مُتخذةً من ضعفها الأخير قوة للصمود.

يأتي ختام الرواية مع لحظة التحرر الحاسمة، عندما تتمكن عفراء من الهرب. لتعلن عند تخوم الأمان قرارها الوجودي "خلع الخاتم". هذا الفعل الرمزي العميق لم يكن طلاقاً من زوج فحسب، بل طلاقٌ بائنٌ من كل القوانين العشائرية والطائفية التي تسجن المرأة، وإعلان ميلاد جديد لامرأة قررت أن تصنع قدرها بنفسها، في مواجهة أعراف لا تعرف غير الثأر. إنها دعوة قوية لكل الأصوات التي لم تخش الارتجاف في وجه التطرف والتمييز؛

قدم للرواية الشاعر والروائي قصي الشيخ عسكر؛

الرواية تقع في 88 صفحة من القطع المتوسط.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء او المديرات.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى