الاثنين ١٧ نيسان (أبريل) ٢٠٢٣
بقلم عبادة علي تقلا

ستعود الموسيقى

قصة للأطفال

تعالى الضجيج القادم من الشارع، فأسرعت رشا لإغلاق النافذة، لكن المشهد الغريب أوقفها. كان سبعة أطفال، يحملون سلماً فضياً، و يركضون بسرعة، بينما صغيرهم يقول: "لا مكان لنا في مدينة يعشق أهلها الصراخ." هزّ الجميع رؤوسهم موافقين، و توجهوا نحو مخرج المدينة. خرج صوت خشن في إثرهم، "لن تتأثر حياتنا بغيابكم. أرجو ألا تعودوا ثانية". تبعته ضحكات و قهقهات، أخافت رشا، و دفعتها لإغلاق النافذة بسرعة.
"هل حصل ما توقعته أمي دائماً؟" قالت رشا في سرّها، متمنية ألا يكون ذلك صحيحاً.

في طريقها إلى المدرسة، داعبتها النسمات كما في كل صباح، لكن صفيرها الجميل اختفى، كما غابت أصوات العصافير، التي تناولت قطع الخبز من يديها الصغيرتين. حتى صوت المعلمة، خرج جافاً، خالياً من الأنغام التي سكنته دائماً، و الموسيقا التي حركت قلوب طلاب الصف و أجسادهم. انتظرت رشا حتى المساء، علّ صوت صديقها الجندب، الذي يغني لها كي تنام، يعوضها عن الأصوات الجميلة، التي حرمت منها اليوم. لكن صرخات بعيدة و قريبة، عكّرت مساءها، فسدّت أذنيها بالوسادة، " لم أكن أعلم أن الموسيقا تسكن في كلّ ما يحيط بنا، و أنها ستأخذ كلّ تلك الأشياء الجميلة معها!"

حاولت الغناء، لكن صوتها، الذي يحبه الجميع، كان شبيهاً بجناح فراشة مكسور. في الصباح، وجدت أمها قرب سريرها،" أنا أيضاً ناديت الموسيقى في أحلامي، كما فعلت، لكن يبدو أن صراخ مدينتنا حرمنا منها!"

سألتها،" ألا توجد طريقة كي تعود الموسيقا يا أمي؟"

ابتسمت الأم،" برغم كلّ أصوات الصراخ، لا بدّ أن تكون هناك طريقة، لكني لم أجدها بعد، و أتمنى أن تسبقيني في إيجادها."

فكرت رشا في الأشياء التي تحبها الموسيقا، و يمكن أن تعود من أجلها. تذكرت ما سمعته من أمها يوماً، أن الزهور تشبه الموسيقا، كما ترددت في أذنيها عبارة جدتها: نرد على الصراخ بابتسامة، ففي الابتسامة موسيقا.

"وجدتها!" قالتها بصوت مرتفع، و أسرعت إلى أمها.

بعد ساعات امتلأت شرفات البيت و نوافذه بالورود و ضحكات رشا،"سأزرع الورود في صفي و مدرستي، و سأهدي ابتسامتي للجميع." لم تكتف رشا بذلك، بل زرعت الورود مع أصدقائها في كل مكان، و صنعت معهم ابتسامة بحجم سماء صغيرة. استيقظت رشا في أحد الصباحات، لتجد الأطفال السبعة يحيطون بسريرها.
"عدنا من أجلك يا رشا." قالت الطفلة المسماة ري.

"ليس لنا إلا أنت و أصدقاؤك" أضاف صول بمرح.

"سنعيش في غرفتك، و لن نخرج إلى المدينة، إن لم يختف الصراخ."قال الطفل الأصغر بإصرار كبير.
عانقتهم رشا، و أعطت لكل منهم وردة تشبهه، و منذ ذلك اليوم، و الأطفال السبعة مع سلمهم الفضي، ينتظرون في غرفتها، يراقبون غناءها، يهدونها بعض النغمات من وقت لآخر، و يستمعون كل مساء إلى ما تقوم به مع أصدقائها، ليتوقف الكبار عن الصراخ، فتكبر ابتساماتهم، و يقتنعون أن عودتهم أصبحت قريبة جداً.

انتهت

قصة للأطفال

مشاركة منتدى

  • الأكارم
    ما سبب وجود قصتي على موقعكم الكريم؟

  • الأكارم
    يرجى حذف قصتي من موقعكم.
    يبدو أن هناك من أرسلها لكم بعد اختراق ايميلي.

    كل الشكر
    عباده تقلا

    • لقد شاركت في مسابقة ديوان العرب ضمن شروط واضحة نشرت، وأنت تعرفها جيدا بأن ديوان العرب ستنشر النصوص المشاركة بعد الإعلان عن النتائج، لم يخترق أحد بريدك فلدينا منك صورتك ،وصورة جواز سفرك، ومعلومات، لهذا لن نحذف النص لأنه ضمن شروط المسابقة. ثم ماهي فائدة أن يخترق شخص بريدك ليشارك بقصة باسمك بالمسابقة؟ الأدب، والثقافة، أمانة، وصدق أهم من كل الجوائز

  • الأكارم
    لم توضحوا لي سبب وجود قصتي على موقعكم!
    يبدو ان هناك من أرسلها بعد اختراق ايميلي

    تلرجاء حذفها
    كل الشكر
    عباده تقلا

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى