السبت ٢٨ حزيران (يونيو) ٢٠٢٥
بقلم صباح بوزريعة

صرخة عروس

كنت أجول بعد أن أشرقت شمس النفوس ...
لكنها أدبرت و واجهتنا بوجه متبرم عبوس ...
بسطت حزمة ألوان الطيف، فكانت تثنينا عن الجلوس ...
فرحت ألتمس فيء أيكة المجوس ...
فألفيتها خائفة، مازالت تعيش في غابة الناموس ...
فسألتها: مالك ذابلة العيون و الناس ترقص على قعقعات الكؤوس؟!
فقالت: كيف لا، و منكر و نكير يبقينا مستقيظين نروض طبع الكابوس ...
حدت بعيني فلمحت مكانا كئيبا خاليا إلا من صخرة عليها عروس ...
تحمل في حجرها فرخ طاووس...
فألقيت عليها تحية الوجه البشوش ..
فأطرفت لي بعينيها، فكانت تقع منها الرموش ...
سألتها: ما قصة تلك الندبات و الخدوش؟
فقالت: لقد جاءت هرة شقراء ...
ذات عيون زرقاء ...
و خلفت فينا وباء ...
فصرنا نخلط بين الداء و الدواء ...
شرشت على جبالنا ثعابين رقطاء ..
فصارت أيامنا كعام كله شتاء ...
كربيع بلا أي زهرة صفراء ...
لكن أمنا لم تتخذ موقف التينة الحمقاء ...
فقد ظللت بفيئها الدخلاء ...
الذين كسروا حاجز الأمن و قذفوها برصاص الاجرام ...
امتدت أيديهم و راحت تفتش على طيور الحمام ...
وقف الابن وقفة استهجان و قال: أما آن الأوان للفطام؟
لن يثنينا طائركم الأزرق عن بث الروح في الأنغام ...
لن يوقفنا شوانكم المسمم عن الزحف فوق شرايين الألغام ...
سيحل ربيعنا و ينجلي عهد الركوع و الانحناء ...
و لن تحصلي على أي زهرة ، و لن تحظي بألوان الدعسوقة ...
ستكونين مجرد خنفساء ...
سيخطو عليها القضاء ...
و لن تمحي ألوان فراشتنا الحسناء ...
لن تفصلوا بين قلوبنا بخط شال ولا موريس ...
حتى لو تزاوجتم مع نساء إبليس ...
أيتها الساحرة الشمطاء ...
لن تغدي جميلة إن استحممت بالدماء ...
ليست لدينا قطع أرض للبيع ولا منازل للكراء ...
فأرضكم فاتحة البشرة، فهي صهباء ...
و أرضنا داكنة البشرة، فهي سمراء
لن نلقي السلاح و لن نستجيب للنداء ...
لن نشعل النار و نشوي الكستناء...
فهذه ليست ليلة تخييم ولا حفل شواء ...
لن ندعوكم على طاولة العشاء ...
فلن تأكلوا معنا يخنة لحم ولا حساء ...
دسستم آذانا وسط جدران تلاحمنا ، لكنها كانت صماء ...
لم تكتفوا باعتدائكم على أرضنا، بل شاركتموها مع الغرباء ...
مزقتم ثوبها و تركتموها تنظر السماء ...
لكن يد الزمان خاطت لها ذاك الرداء ...
فصارت حلة العروس البيضاء ...
و أضافت لها اللون الأخضر مع رقعة حمراء ...
و أنت واقفة تتفرجين و لا تستطيعين بسط يدك للحناء ...
فلتعلموا أنه رغم اغتصابكم لها ظلت عذراء ...
ستحاولين الاعتراض ، لكن لن يسمع لك غير المواء ...
كقطة فارة من موسم العطاء ...
ستجلسين مدعية الاستمتاع، لكن جسمك الضعيف لن يخولك البقاء ...
لن تحصلي من طاولة المفاوضات سوى على حبة بازلاء ...
أم تراك ترغبين في كرة صوف تتسلين بها في الفناء ...
فلتعلمي أنها لم تكن فتاة يافعة تلهو في الحقول، فأصيب كاحلها بإلتواء ...
لم يكن انتصارها صدفة كقصة سامي و حبة الفاصولياء ...
ربما تكون أضاعت جناح الحرية على جنبات الميناء ...
لكنها لم تكن كالأرملة السوداء ...
تنتظر مناديل العزاء ...
بل نهضت من جديد و ارتدت ثوبا مرصعا بالنقاء ...
و كنت الاشبينة المتمايلة كالحية الرقصاء ...
ترقصين على أنغام الهزيمة النكراء ...
و عصافير النصر تتلو ترانيم الفرح ، التي كانت من قبل خرساء ..


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء او المديرات.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى