

صلاةُ الذائب
عُرانا باسمِكَ اللهُمَّ وُثقى
لنُحدِثَ في تَمامِ الموتِ فَرْقا
ونَخرُجَ عن سُرى الساعاتِ مهما
أرادتْ قَبلَنا ألّا تَدُقَّا
ويُورِقَ جُرحُنا عن كُلِّ نَزْفٍ
سيلفِظُ آخرَ الغازِينَ غَرقى
نُقاومُ بالوقوفِ على انهيارٍ
ونَقطِفُ من حُطامِ الأرضِ أُفْقا
ويَهتِفُ من أقاصي الروحِ سِرٌّ:
يَطيبُ الجُرحُ إذ يزدادُ عُمقا
لأنَّا فكرةُ الطوفانِ، دمعًا
فدمعًا يُصبحُ الطوفانُ حَقّا
وفي وَضَحِ الحِصارِ نَمُرُّ نارًا
تُضيءُ أواخِرَ الأسوارِ عِتْقا
"فلسطينُ" انتزعتُ من المَراثي
مَطالِعَكِ التي كالفجرِ تُلقى
ورُحتُ أناولُ الكلماتِ آيًا
وأسلحةً وأفئدةً وعِشقا
أقمتُ على امتدادِكِ في دمائي
صلاةَ الذائِبِ المنذورِ دَفْقا
خلعتُ ضياعَ نَعلَيَّ -امتثالًا
لطُهْرِكِ وَحدَهُ- لونًا وعِرْقا
ونحوَكِ قِبلةً وجَّهتُ وجهي
بتوقيتِ الخُلودِ فعادَ طَلْقا
هُنا بحرٌ هَديرُكِ فيه عالٍ
ليحكيَ سيرةَ الإنسانِ زَرْقا
ونَهْرٌ لم يَجِفَّ على انتظارٍ،
كما الشهداءِ، من جَفنيكِ يُسقى
حنينُكِ لا يَشيخُ، ومُنذُ "يافا"
عَهِدتِ بعودةٍ أُخرى ومَلْقى
جُذورُكِ لم تَزَلْ في بيتِ "حيفا"
تَشُدُّ جُذوعَها بين الأشِقّا
صلاتُكِ لم تَفُتْ في "القُدس"، يومًا
ستُرفَعُ في أذانِ اللهِ أنقى
ستُفتحُ باسمِكِ الأبوابُ، بَدْءًا
بـ"غَزَّةَ" وهيَ تحرُسُ ما تَبقَّى
هيَ استثناؤنا الأبَدِيُّ، تكفي
لتَخلُقَنا جميعًا منكِ خَلْقا
بلحظةِ موتِها عن طيشِ سَهْمٍ
يُصوِّبُها الهوى سيفًا أدَقَّا
هُنا أَحَدُ الحُدودِ سَرَى شمالًا
هُناك مَدى الجُدودِ يَثُورُ شرقا
هُنا سبعٌ وسبعون استدارتْ
إلى مَعناكِ، حيثُ امتدَّ بَرْقا
أضأتِ وحيدةً منذُ انطفاءِ الـ
ـحياةِ تُقاومينَ الموتَ خَفْقا
يموتُ الاحتلالُ، وكُلُّ شيءٍ
يُسمَّى باسمِكِ الباقي ليَبقى