الخميس ١ تشرين الثاني (نوفمبر) ٢٠٠٧
بقلم
عباد الشّمس
وَحيدَةً كانَتْ هُناكْفي غابَةٍ سَوداءَ تَسعى بَينَ نَخلَتينِتَبكي ظِلَّها المَفقودَ مِنها في الدُّخانْتَئِنُّ مِثلَ ذِئبَةٍ ثَكلىكانَ القَمَرْ.....قَدْ ماتَ مُنذُ لَيلَةٍ وَغَسَّلوهُ بِالتُّرابِ سَبعَةًوَحَمَّلوا أَشلاءَهُ لِغَيمَةٍ عَذراءَ جاءَتْمِن بِلادِ الرّافِدينِكَي تُصَلّي في الحِجازِ مرَّةًعَلى يَديها طِفلُهافَأَمطَروها بِالحَصى......وَالشَّمسُ غابَتْ في سَوادِ ثَوبِهاضاقَتْ عَليها الرُّوحْضاقَ اسمُهاوَاستَسلَمَت لِلموتِ في أُسطورَةِ التَكويرِتَتلو آيَةً مِن حُزنِها عَلى القَمَرْ.....مِرآتُهافي مَنسكِ الحُزنِ البَعيدْ.....لا أشتَهي إلاّ سِراجاًكوكَباًيُضيءُ مِن زَيتونَةٍ شَرقيَّةٍمِن دونِ نارْمِن دَمعَةٍ صارَت رَماداً بارِداًفي لَيلِ شِعريأو مِن بَقايا شَمعَةٍقَد أطفَأَتها الرّيحُ لَيلَةَ الحِصارْ.....لا أَشتَهي إلاّ بِلاداً خَبَّأَتْ أسرارَهافي زَهرَةٍ كانَت تَدورُ كُلَّما دارَ النَّهارْوَاستَيقَظَت عَطشى عَلى أَحلامِهامَسكونَةً بِالمَوتِتَبكي فَوقَ عَرشٍ مِن غُبارْقَد أُجهِضَتْ.....فَلتَدخُلوا أَحلامَها مِن كُلِّ بابٍآمِنينْوَلْتَدخُلوا ما خَلَّفَ التَّتارُ فيهامِن رَمادٍآمِنينْلا تُشعِلوا في لَيلِها ناراًلا تُسرِجوا خَيلاًلا تَنسِجوا مِن عُشبِها الحَزينِ بَيرَقاًلا تَذكُروها في صَلاةِ الحاضِرينْوَلتُشرِعوا أَبوابَها للفاتِحينْ.....لا أَشتَهي في لَيلِها إِلاّ ظِلالاً كَي أَقولَ"ها أَنا ما زِلتُ أَحيا ها هُناوَلي ظِلالٌ فَوقَ هذي الأَرضْ "كَم مَرَّةٍ أَطلَقتُ مِن كَفّي حَماماًيَقيسُ سُمكَ لَيلِها فَعادَ باكِياً؟؟....أَمشي إلى عَرشي التُّرابِوَحدَها كانَت هُناكَ بَينَ نَخلَتينِ تَسعى- هَل أَنتِ هاجَرُ الَّتي ظَلَّتتَفيضُ مِن رَسائلي قُروناًأَم مَريَمُ الَّتي تَموتُ كُلَّ عامٍ في قَصيدَتيوَتَستَفيقُ بينَ أَقواسِ الكَلامْ؟؟....عُصفورَةً كانَت تَسيلُ مِن يَديبَيضاءَ حُبلى بِالأَغانيزَهراً يَموتُ في رَبيعٍ هارِبٍ في الَّليلِ مِنّيتُفّاحَةً مَغسولَةً بِالدَّمعِ وَالمَطَرْوَصوتُ أُمّي في الرَّحيلِ يَكسِرُ الحَجَرْ.....-خُذني إليكْخُذني إلى ضوءٍ يَنِزُّ مِثل ماءٍمِن بَقايا حائطٍ قَديمْفَراشَةً تَموتُ في رَحيقِ نورِهاأَو هُدهُداً يَأتيكَ مِن مَعابِدِ الشَّمسِ الَّتي تَهَدَّمَتْبِالخَبَرِ اليَقينْخُذني سَحاباً أَو رَذاذاًيَغسِلُ الأَرضَ الّتي تَصحو عَلى خَريفِهامَغسولَةً في كُلٍّ عامٍ بِالخَطايا والأَنينْأَنا الحُروفُ التائهاتُ في القَصائدِ الَّتيأَحرَقتَها في السِرِّ يَوماً فَاستَفاقَتْشَهوَةً عَطشى تَضُجُّ بِالحَياة....كَلُّ المَساحاتِ الّتي ظَلَّلتَهامُنذُ القَصائدِ الَّتي عَلَّقتَها عَلى جِدارِ البَيتِمِثلَ رايَةٍحتّى وَباءِ الشِّعرِ وَالطّاعونِ في أَرضٍتَمورُ بِالمُلوكِ اليائسينْ.....-لَمْ يَبقَ لي غَيرُ التَّمَني وَالحَنينْكَم مِن جِدارٍ ساقِطٍ سَنَدتُ في شِعريبِأَضلاعي؟؟كَم رايَةٍ نَسَجتُ في قَصائديسَوداءَ لِلموتىخَضراءَ لِلصحراءْبَيضاءَ لِلآتيحَمراءَ لِلمُحارِبينْ ؟؟كَم مَرَّةٍ أَطفَأتُ ناراً أُوقِدَتْمِن أَوَّلِ الصَّحراءِ حَتّى البَحرْ.....أَنزَلتُ مِن أَعلى الصَّليبِ ما تَبَقّى مِن رَمادْ.....كُلُّ القَصائدِ الَّتي شَيَّدتُها مِن مِلحِ دَمعيأُلقِيَتْ في ماءِ دِجلَةَ الحَزينْ- يا أَوَّلَ المَطَرْحَلُمتُ في طُفولَتيفي يَومِ ريحٍ عاصِفٍبِوَجهِ أُمّي في كِتابِ كاهِنٍتَقولُ إَنَّ السّاحِرة......إن أَلبَسَتْ ثَوبَ الحَياةِ لِلحَجَرْوَصارَ مِثلَنا...... بَشَرْفَقَطرَةٌ مِنَ الدِّماءِ فَوقَ ظِلِّهِتَفضَحُ أَصلَهُ الحَجَرْأَنا الدَّليلُ المُستَحيلْقالَتوَنامَت فَوقَ صَدريوَاحتَرَقناوَاحتَرَقناوَاحتَرَقنا لَيلَةً تَحتَ النَّخيلْكانَ القَمَرْ.....يَعودُ مِن غِيابِهِ الطَّويلِعُرجوناً قَديمْ.....وَالشَّمسُ تَصحو شَمعَةًتَنوسُ في أَعماقِ عَينيهاوَالرّيحُ تَعوي مِثلَ ذئبٍ جائعٍوَقَطرَةٌ مِنَ الدِّماءِ فَوقَ ظِلِّنا الهَزيلِفي ظَلامِ الصُّبحِكانَت شاهِدي الأَخيرْ