الأحد ٢٩ تموز (يوليو) ٢٠٠٧
بقلم حسن توفيق

عمر بن أبي ربيعة.. يسهر في الليدو وكازينو بديعة!

لأن الحمار حمار.. فإنه لا يقوم بالاحتجاج أو الاستنكار.. عندما يحمل من الأثقال.. ما قد تنوء به الجبال.. ولكن في بعض الأحيان. قد يتمرد الحمارعلى الإنسان.. ويعلن العصيان.. رافضا أن يمشي رغم كل الضرب والإذلال والهوان.. ولهذا يقول المصريون.. عن الشخص الذي يضربه الآخرون.. «علقة ساخنة».. إنه «.. أخد علقة.. ما خادهاش حمار في مطلع..» ويبدو أن شركات الاتصالات.. على امتداد كل القارات.. قد تعلمت كالحمار أن تطيع أصحاب «الموبَيْلات».. وأن تتمرد في بعض الأحيان.. حين يتزاحم كل إنسان.. مع غيره من الناس.. من مختلف الألوان والأجناس.. لكي يرسل الجميع «ميسيجات».. كلها تردد عبارة واحدة.. سنة جلوة يا جميل.. وعلى الرغم من أن السنة الميلادية تخص المسيحيين.. إلا أنهم يجدون الآخرين.. من بوذيين ومن مسلمين.. يشاركونهم في ترديد: «هابي نيو يير..»!. كان المجنون يريد السفر إلى باريس.. لقضاء ليلتي الأربعاء والخميس.. في زيارة متحف اللوفر صباحا.. والسهر في الليدو أثناء الليل.. وقد هرب من مكانه بالفعل.. وسافر دون أن يدفع شيئا بالريال أو اليورو أو الدولار.. والبركة طبعا في «بساط الريح» الجبار.. وأثناء طيران المجنون في الأجواء.. وجد بالقرب منه طائرة تشق عباب الفضاء.. وتلصص المجنون على الطائرة.. وهي إلى وجهتها الأوروبية سائرة.. فوجد فيها أحد الرجال.. يقوم بكل فرح واختيال.. بتغيير ثيابه العربية.. وارتداء ملابس أوروبية.. فاقترب المجنون بدافع الفضول.. من الطائرة ليعرف ماذا يجول.. في بال الرجل الذي «كشخ» وتعطر.. ومشى داخل الطائرة يتبختر.. وهكذا أرهف المجنون السمع بكلتا أذنيه.. بينما كان الرجل يبوح لنفسه بما لديه:

«أشْلَحُ» الليلةَ سروالي ونعلي

مُدخِلاً في بنطلون الغرب رِجْلي

تاركا «غترةَ» رأسي وعقالي

جنب «بِشْتي» ناسيا عادات أهلي

واضعاً فوق عيوني «كشمةً»

«كشخةَ» من صنعِ أوروبا لمثلي

غارسا في «عروة الكوت» وروداً

ممسكاً «برنيطةَ» الرأسِ كظلِّي

ومن الساق «دلاغٌ» يتدلى

فوق «جوتي» جِلْد كنجارو.. وأصلي

إنها راحةُ بالٍ.. بعد صبرٍ

إنها رحلةُ لهوٍ للتسلي

قلتُ للزوجة: «يا أمَّ عيالي

إنني من أجلِ شُغلي سأولِّي

فاسمحي لي بغيابٍ عنكِ شهراً

فأنا - والله - معفوس بشغلي»

قالت الزوجةُ: «إن الشهر وايدْ

حفظ اللهُ أبا الجهَّال.. بعلي..»

يا «هَيدْ بَرْكٍ» ويا كل الملاهي

لك حبي.. انتِ شغلي.. طول ليلي

آهِ مما سألاقيه.. وويلي

حين تدري زوجتي.. أين مَحلِّي!

.. ألقى المجنون على الرجل نظرة حائرة.. امتزجت فيها الشفقة بالروح الساخرة.. ثم ابتعد عن الطائرة.. حيث هبط ببساط الريح في شارع «بيجال».. ورأى فيه زحاماً من نساء ورجال.. وتصور المجنون أن النساء يعشن في ضائقة مالية.. لأنهن رغم برودة الشتاء الثلجية.. يلبسن تنانير قصيرة.. تكشف - يا ولداه - عما فوق سيقانهن المثيرة!.

في شارع بيجال رأى المجنون رجلين يتمشيان.. وهما يتحاوران.. وأحيانا يتهامسان.. وأحس المجنون أنهما من بني العروبة.. التي أصبحت أشبه بالسفينة المثقوبة..

 لماذا تأخر عمر عن الموعد؟

| يبدو أن النساء هنا لا يشعلن غرامه.. وهكذا فإنه فقد اهتمامه.

 لكنه عاشق للنساء.

| هذا صحيح.. وكلنا نعشق النساء.. لكن النساء هنا عجيبات.. فكلهن هزيلات.. ممصوصات.. نحيفات.. وعمر لا يحب إلا البدينات.. المربربات!.

.. هنا اندفع المجنون إلى الرجلين.. وقال: هل تسمحان لي بكلمة أو كلمتين.. أريد أن أعرف أولا من هو عمر؟.. ربما أستطيع البحث عنه بعد اقتفاء الأثر.. وثانيا.. لماذا يكره عمر الرشاقة.. بكل ما فيها من حيوية وطلاقة؟ قال أحد الرجلين وهو ينظر إلى امرأة نظرةً جائعة.. لأنها تبدو امرأة حلوة ورائعة:.. إننا نبحث عن صديقنا الشاعر عمر بن أبي ربيعة.. لقد سهرنا معه من قبل في كازينو بديعة.. وكنا قد تواعدنا معه على سهرة الليلة.. في أبهى حفلة.. يقدمها ملهى «الليدو» الموجود في «الشانزلزيه».. فإذا كان الأمر يثير اهتمامك يا سعادة «البيه».. فعليك أن تبقى معنا.. حتى يأتي عمر فنصحبه ويصحبنا.

اندهش المجنون: عمر بن أبي ربيعة.. يسهر في الليدو وكازينو بديعة! .. لا تتعجل.. سنروي لك الحكاية.. من بدئها لحد النهاية.. ولكن عندما يأتي عمر.. ويأتي معه القمر!.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى