الأربعاء ١٠ أيلول (سبتمبر) ٢٠٠٨
بقلم تغريد كشك

في حديقة البنفسج

1
سنقول الآن أشياء كثيرة
عن القمحِ والوطنِ والمنفى
عن اشتعال القبلة الأولى
وعن غناء الموت
عن الصمت
عن ضياع اللون
عن اللغة الهزيلة
عن البرقوق
وعن تلك الجديلة
 
2
 
لكني الآن
قررت فجأة
إلغاء لغة الحوار
فقدت روح الأفكار
حَََلَلتُ ضفائري الملونة
غسلتُ عن وجهي الألوان
وباتت ملامحي باهتة
الآن اكتشف المدينة فيك
أكسرُ ضلعين
وأصنع مني امرأة
 
3
 
بعدَ أن
كسرتُ حواجز البعيد
نزعتُ عن جسدي
طهرَ أثوابي المبرقعة
وكلَ أوشامِ العبيد
قررتُ الليلة
أن أدخلَ محرابكَ
كسرتُ قيوداً تُرهقني
أزلتُ ستائرَ تبعدني
تفصِلُني عن أجملِ ساعاتي
 
4
 
لأجلكَ
تركتُ أموراً تُتعبني
أرهقني ثقلُ خطواتي
وجعاً كان ظلي
يتبعني........
أهربُ
أتسللُ خلفَ أوطاني
منتصفُ الطريقِ
محطتُنا الأخيرة
 
5
 
يسكنُنا الوطن أحيانأ
وطنٌ نسكنه ترحالاً
يغوينا مطرُ صباحاته
تسبينا شمسُ فضاءاته
نرتدُ كأنا رهبان
للحبِ نذرنا قربانا
ولا صوت يأتينا
الآن سوى
نبضنا والمطر
 
6
 
نحنُ
خلفَ الدُجى سرنا
بدونِ نجمٍ أو قمر
كنا نبحثُ في الليل
عن بيتٍ شعرٍ مُستباح
في قوافي قصيدتنا
لكن
في الليلٍ
نامت عتمتنا
كانت تبحثُ عن قنديلٍ قديم
لكنها
لم تجد زيتاً للمنفى
لم تجد ماء للعطش
 
7
 
في الصباح
َوجَدَت الشمسُ دماً
كان دائماً يأبى الهرب
يبقى على جسدي
ورداً
ندماً
خطيئةً تنسى الألم
على طريق الطهرِ
تَفتعِل الخجل
 
8
 
اليوم
كانت صورةُ القهوةِ
في فنجاني باردةً
استعرتُ من إناء الصباحِ
دفئاً
وسكراً وقافية
لكن
مع الصباحِ
لا تنمو إلاّ الذاكرةُ
وكل المفرداتِ والزنابق
 
9
 
كان المكان يبدو ضيقاً
ونحن عابرون
من خلفِ الزمن
من خلفِ ساحاتِ الموت
كنا
مثل زهراتٍ
تنامُ
على نصلِ سكين
وكنا نموتُ
ويبتهجُ البنفسج
 
10
 
كنا
نبحث عن باب
ولا بابَ لموتنا
لا صيغة لأحزاننا
غيرَ ابتهاجِ البنفسج
وغير أطواقِ الياسمين
وأذكرُ أنّا
هناكَ التقينا
ذاتَ مساءٍ قبل الخريف
ومرّ الشتاءُ
ومرّ الربيعُ
وكان الشتاءُ يهربُ منا
وكنا نَحِنّ لذات الرصيف

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى