

فِدَاء.. بَيْنَ ألِفِ وَيَاء
صَاحِ اسْتَقِمْ لِتَكُونَ أَهْلاً لِلصَّدَارَةِ فيِ النِّزَالِ وَفِي السَّلاَم
أَوَ مَا تَرَى أَلِفَ الِهجَا مُتَصِدِّراً حِينَ اسْتَقَام
وَاليَاءُ مَالَ مَسِيرُهَا، فَتَبَوَّأَتْ أَدْنَى مَقَام
وَمِن اسْتِقَامَتِهِ تَرَاهُ لِوَصْلِهَا، وَكَأَنَّهُ أَحَدُ الأَقَارِبِ فيِ العَزَاء
وَمُوَظِّفًا إِيثَارَهُ؛ فَتَرَاهُ يَمْنَحُهُا الأَمَامَ وَيَكْتَفِي بِالقُرْبِ مِنهَا
كِي يُقَاسِمَهَا البَلَاء
لاَ لِشَيْءٍ إِنَّمَا لِيُشَيِّدَا حَرْفَ النِّدَاء عَلَى الفِدَاء
يَا أَيُّهَا الحَكَمُ الذِي رَكَنَ احْتِرَازًا لِلتَّطَرُّفِ لِلْيَسَارِ
وَإِذَا أَرَادَ صَبَاحَهُ، وَصَلَاحَهُ، وَفَلَاحَهُ
فَعَلَيهِ دَوْمًا أَنْ يَكُونَ كَغَزَّةٍ تَحْتَ الحِصَار
وَلِأَنَّهُ يَا صَاحِبِي بِصَلَاحِهِ صَلحَ الجَمِيع
لَهْفِي عَلَيْهِ وَلَهْفَ أُمِّي أَنْ يَضِلَّ وَأَنْ يَضِيع
يَا أَيُّهَا الحُرُّ الذِي يَقْضِي حَيَاتَهُ فِي قَفَص
هَلْ كُنْتَ تَدْرِي فِي نِدَائِي كَمْ شُيُوخٍ كَمْ رَضِيع؟!
كَمْ هَجِيرٍ كَمْ صَقِيع! كَمْ مَصِيفٍ كَمْ شِتَاء!
سَبْعُونَ عَامًا إِنَّهَا سَبْعُونَ عَامًا يَا قَضَاء!!
سَبْعُونَ عَامًا وَالفِدَاءُ عَلَى الفِدَاء!!!
زُرْ شَارِعًا فيِ غَزَّةٍ؛ فَلَعَلَّ جُدْرَانَ الحِمَى تَلْتَفُّ حَوْلَكَ فِي زِحَام
أَوْ تَكْتَشِفْ بَيتًا أَطَلَّ زُجَاجُهُ مِن شُرْفَةٍ
فيِ الطَّابِقِ العُلْوِيِّ جَانَبَهُ الغَضَا
يَرْجُو إِيَابَ الرَّبِّ فِي جُنْحِ الظَّلَام
أَوْ تَلْتَقِي بِالرَّبِّ عَادَ لبَيْتِهِ
وَبِجَيْبِهِ مِفْتَاحُ غُرْفَتِهِ التِي سِرْدَابُهَا السِّرِيِّ عَانَقَهُ الرُّكَام
وَعَلَى الرَّصِيفِ هُنَاكَ تُبْصِرُ أُمَّةً
قَامَتْ تُجَابِهُ كُلَّ أَنْوَعِ الظَّلَام
وَتَرَى مَلاَمِحَ وَجْهِهَا تَعْنِي الكَثِيِر
صَمْتٌ يَنَادِي كَالنِّدَاءِ عَلَى الفَلاَح:
قُمْ يَا أَبَا حَفْصٍ، وَيَا نُورَ العَدَالَةِ، يَا صَلاَح
يَا مُعْتَصِمْ بِاللهِ، يَا جَمْعِيَةً لِحُقُوقِ إِنسَانٍ تَوَهَّمَ أَنَّهُ ضُوْءُ الصَّبَاح
يَا وَاجِبًا يَا سُنَةً.. يَا مُؤْمِنًا يَا أُمَّةً
يَا جَارِيَاتُ وَيَا رِجَالُ.. وَيَا جَوَامِعُ يَا هِلَالُ
وَيَا.. وَيَاء..
كَمْ مَرَّةٍ قَدْ وَظَّفَتْ فِي صَمْتِهَا - بِاللهِ قُلْ- يَاءَ الفِدَاء؟!
وَاليَاءُ مَا زَالَتْ تُنَادِي.. فيِ الحَوَاضِرِ وَالبَوَادِي.. فيِ الجَوَامِعِ وَالنَّوَادِي
عَنْ كَرِيمٍ فِي رِبَاطٍ.. عَنْ شَهِيدٍ فِي قِمَاطٍ
عَنْ حَمَامٍ فِي سَمَاءٍ.. عَنْ أَسِيرٍ فِي خِبَاء
وَمِنْ المـَعِينِ بِدَمْعَتَيْنِ.. تَأَمَّلَتْ سَيْرَ النِّدَاء
وَاسْتَسْلَمَتْ مَنْهُوكَةً.. لَا تَسْتَطِيعُ وَلَا تَشَاء
لاَ تَبْكِ عَيْنُكِ يَا بُنِيَّةُ وَاعْلَمِي -رَغْمَ البَلَاء-
مَا زَالَ فِي الِميثَاقِ عَهْدٌ.. نَبْتَغِي مِنْهُ الفِدَاء
أَلَمْ تَرَ أَنَّ الزَّمَانَ اسْتَدَار
بِوَجْهٍ يَشِي بِاحْتِقَارٍ وَعَار
فَأَفْتَى بِحَجْبِ الوَرِيثِ البَرِيءِ
وَأَثْبَتَ لِلْغَيْرِ حَقَّ القَرَار
تَبَصَّرْ فَقَدْ صِرْتَ زَعْمًا مُرَادَا
وَكُنْتَ المنَادِي فَصِرْتَ المنَادَى
فَدَثِّرْ شُجُونَكَ أَسْرِجْ فُؤَادَا
فَقَدْ آنَ يَا سَيِّدِي أَنْ تَقُول:
سَمَائِي وَأَرْضِي، بِطُولٍ وَعَرْضِ ... فِدَاءٌ لِعِرْضِي، وَعِرْضِ اللِّوَاء
فَإِنْ صَحَّ عَنْكَ اتِّصَافُ الوَفِيّ ... بِنَهْجِ الصَّفِيّ وَعَدْلِ السَّمَاء
فَأَنْتَ التَّقِيُّ النَّقِيُّ الأَبِيّ .. وَأَنْتَ المـُلـَبِّي لِيَاءِ الفِدَاء.