قِبْلَةُ العُشَّاقِ

هــَــــلْ يَلْتقِي الأحْبـابُ بعدَ فـــراقِ
و أرَى البَشــــــائِرَ كَحَّــلتْ أحْداقِي
هَمَسَ الصَّبِيُّ وَ في العُيونِ غَمَامَةٌ
تَهْمـــِـي شَظايـَــا و الدِّماءُ سَوَاقي
أوْصَدْتُ بــَـــابَ الحُلْمِ حينَ وَجَدْتُهُ
جُرْحــًــــا عَميقًـــا يَشْتَهي إغْرَاقي
بِي مـَـــا يُحِيــــلُ جِبَالا عِهْنًا وَ بِي
مــــَــا يُلْهِبُ النِّيـــــرانَ فِي الآفَاق
وَجــَــعٌ يُؤَجِّجُ في العـُروقِ دِمائي
وَ يَزيدُ مِنْ حـُزني وَ مِنْ إطْرَاقي
قــُـدُسِيَّةُ الأنْســــامِ كـَــانتْ رِيحُنَا
تشْفِي العَليــــلَ بِلـَــوْعَةِ الأشْوَاق
الأرْضُ مُنـــذُ البَدْءِ ملْــــكُ يَمِينِنا
لِلشَّمسِ نُهْــدي مَــــوْعِدَ الإشْراق
و الرِّيحُ تَعْصِفُ مِنْ زَفيرِ صُدُورِنا
رِئَتَيـْـــــنِ نُضْـحِي عِنــدَ كُـلِّ سِباق
الأرْضُ تَشْهَــــدُ لِلشُّعــُــوبِ بِحَقِّها
مـَــــنْ زَيَّـفَ التَـاريخَ في الأسْواق؟
مَنْ عَلـَّـــــمَ الإنْســــانَ قَتْلَ رَضِيعَةٍ؟
مـَــــنْ زَوَّرَ الأَخْتـــــامَ فِي الأوْرَاقِ؟
عَجَبِي !أتَنْهَشُنِي الذِّئــَـابُ وَ إخْوَتِي
يَترَاقَصُـــــــونَ علـى صَدَى إزْهَاقي !
مــَـــــــدُّوا حِبــَــالاً لانْتِشـَــالِ عَدُوّنَا
وَ تـُـــرِكْتُ فـِــي جــُـــــبٍّ بِلاَ إشْفَاق
أَرْضــِــــي وَ تُنْكِرُنِي المَـدائِنُ كُـلَّمَا
هُجـِّـــرْتُ مِـنْهـــَا حـَـــامِـلاً أرْزَاقي !
لـِـــي ألْــــفُ أُمْنِيَةٍ تَقـَاذَفـَهَا المُنَى
مـِـــــنْ عَهْـــدِ آدَمَ أَجْتَبـِـي إخْفَاقي
بـــِـــي صَبْرُ "أيُّـوبَ" النَّبِيَّ وَ حَالُهُ
قــَـــدْ مَسَّنــِـــي ضُـــرٌّ فَـفـُـكَّ عِتَاقي
بـِـي دَمْعُ "يَعْقوبَ" المَـرِيرَ وَ حُزْنُهُ
مـِـــنْ وَحْشِ يُوسفَ صِيبَ بِالإغْلاق
"غَـــزَّهْ" وَ تَقصِفُني القَنـــابِلُ كُلَّما
نــــَــادَيْتُ عـُــــرْبًا كـَــيْ يُفَكَّ وِثَاقي
اليـَــــوْمَ لاَ شِعـْـــرِي يُدَاوي جـَرْحَنا
فَصُفوفُـنــا فِي النـَّــــــائِبـــاتِ كَوَاقي
جَرِّدْ سُيوفَ الحــَـــــــرْبِ مِنْ أَغْمَادِها
لِيَكــُــونَ سَيـْــفــُـــــكَ قـَــاطِع الأَعْناق
وَ أَعـِــــــدَّ عُــــــدَّتَكَ القـَـــذَائِف وَاثقا
سَتـــَـــــرَى دِمـَـــاءَ الغَاصِبينَ سَواقي
فـَــــــــإذا رَمَيـْـــــتَ مُبَسْمِـلاً وَ مُكَبِّرًا
نِلــْــــتَ المُنـَـــــى يـَـــا طَيِّبَ الأعْرَاق
المَجـْــــــدُ يَكْتُبـــُــهُ الشَّهيـــــدُ بِحُمْرَةٍ
تَرْوِي التـــُّــــــرَابَ بِعــــِـــزَّةٍ وَ عِناقِ
تَبْقيـــــــنَ يـــــــَــا قُدْسَ العُرُوبَةِ قِبْلَةً
وَ لَهـــــــــا تَحُــــجُّ جَحـَــــافِلُ العُشَّاق
و بِهــــَــا أطـُـــوفُ علَى المَآذِنِ مُعْلِنًا
أنـِّـــــــي أَتَيْتـُـــكِ ســـَـــــارِيـَـا بِبُرَاقي
خُــــــذْني إلَى زَمَـــــنِ القَدَاسَةِ لا تعدْ
أدْرَاجَ رِيحـــــكَ، لاَ تُــــــفـِـقْ عُشَّاقي
إنْ كنتُ خَيّـَـــرْتُ الشَّهـــَــادَةَ بَــاسِمًا
إنـِّـــــــي أُمَهـِّــــــدُ فِـي طَرِيقِ رِفَاقي