الأحد ١٢ تشرين الأول (أكتوبر) ٢٠٢٥
بقلم وجدان عبد العزيز

كلية الآداب

اهداء الى الصديق هاشم جمعة ..!

ـ لم أكن كذلك !

لكني أحس بانفعال ! وأحاول رغم هذا ..

كان الجو قاتما والغبار يتعالى، الشوارع بدت خالية، الا القليل من المشاة المسرعين.. كانت هي الأخرى تلم أطراف ثوبها الفضاض، وتحاول الاهتمام في سيرها.. بقيتُ الوحيد انزوي في مكتبتي، واطالع الشارع من خلال الزجاج .. كتبت الكثير هذا الصباح عن مدينتي، والمدن التي زرتها... ولاسيما فتاة أحلامي الجامعية، التي تركت آثارها معلقة في جدران كلية الآداب، كتبت عنها بشوقٍ، تذكرتُ القامة الهيفاء والعينين الواسعتين والتنورة الفضاضة المتربع على حافاتها العليا القميص الناصع البياض، البارز لمفاتنها، كانت فتاة الشارع في هذه الساعة بالتحديد بئرا ارتوازيا، روى ذاكرتي بتلك الفتاة الحلم، لوحات الجدار على واجهة قاعة الكلية، وصورتها حُلي لعروس تمشي على استحياء.. انطلاقتي نحو تذكر اللقاء الأول، الشجرة الوارفة الظلال.. بحثت في طاولتي عن اوراق، كبياض وجنتيها لم اجد سوى كلمات ترادفت، ولا ادري كيف دونتها عن الولد الأبله، او المرأة صاحبة الخرج الكبير، تستعطي المارة، او عن تلك اليمامة المنهمكة في بناء عشها أعلى الشجرة السامقة.. اغصان الشجرة تداعب شباكا باطلالة فتاة جنية الصباح في لفتاتها، مراهقتها تغتصب منها الحركات بنهدين نافرين، واحتواء الفضاء في نظراتها الموزعة على المارة...

تركت الطاولة والأوراق بانفعال التذكر، سافرت الى حدائق وممرات سعاد هكذا كان يحلو لي ان اسمي ممرات كلية الآداب!!

ـ سعاد ..
ـ نعم
ـ ما رأيك؟؟
ـ بماذا؟
ـ بفلسفة الفارابي!
ـ لكل انسان مدينة فاضلة يبحث عنها دائم!

الثوب الفضاض لهذه الفتاة، وهي تحاذر في مشيتها، جعلني اخرج من عريني المنزوي، لاطلق جناح الذكرى حرا على اكتاف الريح الغبراء، لهذا اليوم، واطوف بين القاعات والنادي، ثم اقف مبتهجا، لاقدم في ذلك اليوم باقة ورد صغيرة الحجم بمناسبة عيد ميلاد سعاد..

انحنتْ مبتسمة وتعطرت الوردة بانفاسها.. لملمتُ أوراقي ونظراتي صوب حافة الزجاج تراقب باهتمام خلو الشارع، الا من اذيال الفتاة، التي تختصر المسافات وتصغر شيئا فشيئا.. ثم تغيب وسط الغبرة المتصاعدة، والتي لملمتْ، هي الاخرى بقايا الشمس المنسحبة.. فجأة اصبتُ بوحشة.. وانا ابكي لبكاء فتاة تتوسل اباها لشراء ما بنفسها والوالد يعتذر لخلو جيبه.. حتى ارتجفت اناملي وكف قلمي عن المداد.. وظلا نهدا المراهقة يجراني نحو لهفة الجائع بامتلاك جسد الفضة، حينها هتكت ستار البكاء، وانا اداعب شعر سعاد المتماوج على كتفيها، واستعير رذاذ النافورة في تبعثري هذا المساء.. اتوسل فعل التذكر، لألحن اغنية الوجود عند بوابات حدائق كلية الآداب...


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء او المديرات.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى