

لِأنَّهُمْ أهْلُ الضَّوء
غَدَاةَ الجَوى.. والأرضُ يُسْحَقُ عُوْدُها
جِنَاساً مَعَ الأضْلاعِ إذْ ناحَ عُوْدُها
وَقَفْتُ عَلى بابِ الحَضاراتِ مُطْرِقاً
ولَمْ يَكُ إطْراقُ النُّفُوسِ يُفِيْدُها
وكانَ لِدَروِيشِ السَّلامِ زُجاجَةٌ
مِنَ الشِّعرِ فُضَّتْ ثُمَّ سالَ فَرِيْدُها
شَمَمْتُ بِهِ رِيحَ العُرُوبَةِ فَانْتَهَتْ
إلَيَّ مِنَ البَيْتِ الطَّهُورِ وُفُوْدُها
ويَحدُثُ أنْ تُسْبى الحَياةُ تَشَفِّياً
ويُولَدَ مِنْ أجْلِ الحَياةِ شَهِيْدُها
مِراراً،، كَأنَّ الأرضَ تُؤْمِنُ أنَّهُ
فَتاها وشُذَّاذُ الوُعُودِ عَبِيْدُها
وُقُوفاً عَلى طُورِ الحَقِيقَةِ لامَسَتْ
يَداهُ أيادٍ آنَسَتْها قُيُوْدُها
أيادٍ بِها القُضْبانُ أمْسَتْ كَأنَّها
ضَفائِرَ وَردٍ عِطْرُها يَسْتَزِيْدُها
وكَمْ مِنْ قُيُودٍ تَأسُرُ الضَّوءَ لَحظَةً
وتُطْلِقُهُ كَي لا يَفِيقَ حَدِيْدُها
فَقَدْ يَحجُبُ الغَيْمُ النُّجُومَ لِأنَّهُ
تَبِيْعُ زَوَالٍ يَزْدَرِيهِ خُلُوْدُها
ومُعْتَقِلٍ لَمْ يَعْتَقِلْ غَيْرَ نَفْسِهِ
مَخاوِفُهُ يُحيِي القَدِيمَ جَدِيْدُها
لَقِيْطٌ رَعاهُ العارُ في حِجْرِ مُومِسٍ
تَغَنَّتْ بِأولادِ الفُجُورِ يَهُوْدُها
تُخامِرُهُ الأوْهامُ شَروى مَفازَةٍ
يَضِيْقُ بِقُطْعانِ السَّرابِ صَعِيْدُها
فَتَحسَبَهُ عَبْدَ الهَوانِ وسَيِّدَ الـ
حَماقاتِ طُرَّاً حِينَ تَطْغى جُنُوْدُها
عَلى أنَّ قَلْبَ المَقْدِسِيِّ ورُوحَهُ
كَتائِبُ جَيْشٍ لَيسَ يُحصى عَدِيْدُها
جَحافِلُ مِنْ نُورٍ ونارٍ عَتادُها
إذا انتَفَضَتْ أعْيا الزَّمانَ صُمُوْدُها
فِدائِيَّةٌ مِنْ سالِفِ الحُبِّ تَعتَلي
خُيُولَ حَنِينٍ مُسْتَحِيلٌ شُرُودُها
كَناصِيَةِ الطَّوْدِ الأشَمِّ يَزِيْنُها
عِقَالٌ مِنَ النُّوْرِ اقتَضَاهُ صُعُوْدُها
وكُوْفِيَّةٌ رَفَّ الحَمامُ بِبَالِها
فَأمْسى سَواءً خَفْقُها ورُكُوْدُها
بِقُدرَةِ بارِيها سَتُهْلِكُ مَنْ بَغى
كَما أُهْلِكَتْ في الغابِراتِ ثَمُوْدُها
وأسْرى كَأبْراجِ السَّماءِ جِباهُهُمْ
يَلُوحُ كَتِلْماعِ البُرُوقِ سُجُوْدُها
لِوَجْهِ بِلادٍ وِجْهَةُ المَوتِ وَجْهُها
يَحُجُّ إلَيْها كُلَّما لاحَ جِيْدُها
فَثَمَّةَ آثارُ اختِناقٍ مُؤَجَّلٍ
يُهَابُ وكَيٍّ يَصطَلِيْهِ وَرِيْدُها
وثَمَّةَ آلامٌ تَقادَمَ عَهْدُها
وثُلَّةُ آمالٍ بَكَتْها عُهُوْدُها
وجُرحٌ بِظَهْرِ القُدْسِ يُدمِيْهِ ناكِئٌ
يُوَاري جِراحاً لا يَجِفُّ صَدِيْدُها
يُخَبِئُ وَجْهاً قُبْحُهُ في انتِمائِهِ
ويَفْضَحُ نَفْساً تَسْتَشِيطُ حُقُوْدُها
عَلى أُمَّةِ الأشْرافِ والطُّهْرِ والعُلا
حُماةُ عَرِينِ المَكْرُماتِ أُسُوْدُها
بَنُو المَسْجِدِ الأسْمى، مُصَلَّى قُلُوبِهِمْ
بِلادٌ، سَمَاءُ العاشِقِينَ حُدُوْدُها
سُمُوَّاً.. تَساموا فَوقَ كُلِّ ذُؤابَةٍ
ونِيْرانُ مَسْراهُمْ مُحالٌ خُمُوْدُها
مَعاشِرُ لا سَيْفُ المَماتِ يُخِيْفُها
ولا سَكَراتُ النَّائِباتِ تَؤُوْدُها
هُمُ الغَضَبُ الآتي عَلى كُلِّ مارِقٍ
وهُمْ مَوْرِدُ البَأْسَاءِ حِيْنَ يَرُوْدُها
أبُوْهُمْ هُوَ الحَقُّ المُبِيْنُ وأُمُّهُمْ
فِلَسْطِيْنُ، أعلامُ العَلاءِ جُدُوْدُها
لِأنَّ كِسَاءَ النُّوْرِ بُردَةُ رُوْحِها
تَمَهَّرُ في خَرْقِ الظَّلامِ وَلِيْدُها
فَمَهْما دَنا مِنْها الأُفُوْلُ وكُوِّرَتْ
بِهِمَّةِ أهْلِ الضَّوْءِ سَوْفَ نُعِيْدُها