الأربعاء ٢٢ تشرين الأول (أكتوبر) ٢٠٢٥
بقلم حسن عبادي

متنفَّس عبرَ القضبان «144»

بدأت مشواري التواصليّ مع أسرانا الأحرار رغم عتمة السجون في شهر حزيران 2019 (مبادرة شخصيّة تطوعيّة، بعيداً عن أيّ أنجزة و/أو مؤسسّة)؛ ودوّنت على صفحتي انطباعاتي الأوليّة بعد كلّ زيارة؛

واكبت حرائر الدامون وأصغيت لآهاتهن وأحلامهن بالحريّة، ودوّنت بعضاً من معاناتهن.

عملت على زيارة جميع الأسيرات، كما فعلت قبل السابع من أكتوبر وبعده؛

حين أغادر بوابة الدامون أتصل مباشرة بأهالي من التقيتهنّ، وأوصل بعدها رسائل باقي الأسيرات؛

كانت زيارة كرم موسى متمّمة لقاءات كل أسيرات الدامون (باستثناء أسيرتي غزة– الطلب قيد البحث)، وكانت رحلة موجعة.

قرّرت أن أبدأ جولة زيارات أخرى لحرائر الدامون لأنقل بعضاً من وجعهن حتى تصفيره وكان اللقاء الأول مع بنان.

عقّب الدكتور جمال سلسع: "تسجيل لساعة الاحتلال وقذارته في صور وأحداث حقيقية في تاريخ ذهبنا دمت بألق الوطن".

عقّبت الصديقة سحر أبو زينة: "حبيبتي بنان الله يكون معكم ويثبتكم ويصبركم والفرج لكل أسيراتنا وأسرانا ولكل شعبنا الأسير بسجن أكبر ويكون بعون أهلنا بغزة وجنين وكل فلسطين أستاذنا الكبير حسن عبادي لك من أعماق قلوبنا كل التحية والتقدير والاحترام والشكر لهذا الجهد المبارك، سلامي دائما للجميع".

وعقّبت الأسيرة المحرّرة سناء رستم: "فرج الله كربك بنان وجميع الأسيرات ودمتم بخير أستاذنا الفاضل ولكم منا جزيل الشكر والتقدير على ما تقدم من جبر الخواطر لأهالي الاسيرات".

وعقّبت الأسيرة المحرّرة الكاتبة نادية الخياط: "بوركت جهودك المميزة وهنيئا لك هذه المثابرة في العطاء والالتزام اللا متناهيين".

وعقّبت إيمان حلبي (أخت الأسيرة إسلام وابنة الأسيرة دلال):

"جسمي معي غير أن الروح عندكم
فالجسم في غربة والروح في الوطن
فليعجب الناس مني أن لي بدناً
لا روح فيه ولي روح بلا بدن

إسلام الغالية طول عمرك أم للكل وبحياتك ما قصرت بحدا لو شو ما نعمل معك ومع أولادك مقصرين، ربنا يفرج هالكرب ويلم شملنا بالقريب العاجل يا الله... شكراً أستاذ حسن كل عبارات الشكر ما بتوفيك حقك أنت نعمة من رب العالمين لأسيراتنا".

وعقّبت ريتال رامي: "تهبُّ رياحُ الحريّة من بحرِ فلسطين، فتكسرُ صمتَ الجدران في سجنِ حيفا، وتناديكِ… يا أسيرتنا، يا زهرةً لم تنحنِ. تنثرُ نسائم الأمل على نوافذ قلبك، تُقسم أن الفرجَ قريب، وأن هذا الليل- مهما طال- سينكسر. النصرُ قادم، وسيُفتحُ الباب ذات صباحٍ، ويكون اللقاء… ويكون الوطن في عينيكِ أجمل."

وعقّب رامي أبو رضا: "رياحُ الحريّة تهبُّ من بحرِ فلسطين، فتقتلعُ جدرانَ سجنِ حيفا، لتنثرَ نسائمَ الحريّة في أرجاءِ فلسطين. الفرجُ قريب، والنصرُ قادم، وحتماً إلى لقاء."

وعقّبت تسنيم حلبي (أخت الأسيرة إسلام وابنة الأسيرة دلال): "إسلام يا نبض القلب والروح، أختي الكبيرة بنكهة الأم بتتخيليش قديش ربنا جبرني لما شفتك بتبتسمي وانبسطت أنى كنت بالمحكمة يا ريت قادرة أقدملك اشي يختي. ربنا يعلم قديش انحرق قلبي عليك وأنت بتعيطي بس شفتِ صورة ولادك وقلتيلي "بجننوا بجننوا حبايبي". الله يحنن عليك ويفك أسرك ويجمعنا فيك عخير. ولادك بعيوننا ويا رب يقدرنا وما نقصر فيهم. شو ما بدك عراسنا من فوق وبنضل ما بنوفيكي جميلك.

أستاذ حسن يعلم الله يجزيك عنا وعن أسيراتنا خير الجزاء أنت متنفس الحرية أنت صوت أسيرات الدامون. ربنا يقويك ويديم عليك الصحة والعافية وتضل تواصل مسيرتك النضالية والإنسانية حتى تحرير آخر أسيرة من أسيراتنا وأسرانا".

"آثار غاز القمعة الكبيرة على عنقها"

زرت صباح الثلاثاء 29.07.2025 سجن الدامون في أعالي الكرمل السليب لألتقي للمرة الثانية (بعد أن أتممت زيارة كل أسيرات الدامون باستثناء أسيرتا غزّة – طلب الزيارة قيد البحث) بالأسيرة بنان جمال عبد السلام أبو الهيجا (رُصرص) (مواليد 04.11.1985)، محامية، أم لأربعة أطفال: تُقى، جنى، حمزة وغنى، وزوجها عبد الله مهندس. دخلت غرفة المحامين وكانت بنان بانتظاري فطلبت فكّ كلبشات الأيدي.

أوصلتها رسائل الأهل وطمأنتها على قلق والدها (أهم شي بدّو يعرف مين معها بالغرفة؟) ووضع أولادها وإخوتها الأسرى في النقب وريمون... وأريحا.

حدّثتني بدايةً عن زميلات الزنزانة رقم 6 (فاطمة منصور وشهد حسن)، ووضع السجن؛ 3 أسيرات حوامل والأسيرات المرضى دون أدنى علاج.

الوضع في سجن الدامون سيئ للغاية، أصبحت كل غرف السجن زنازين عزل، الغرف عفّنت من الرطوبة بسبب الإغلاق التام، غالبية البنات مع حبّ من الحساسيّة، اكتئاب مش طبيعي، وآثار غاز القمعة الكبيرة على عنقها. معاملة السجّانين تزداد قسوة ولؤماً يوماً بعد يوم.

طلبت إيصال رسائل طمأنة وسلامات من الأسيرات زهراء ورماء وولاء وفداء ورهام وتسنيم وشيرين وبشرى وهناء، وآية عقل-خطيب وشاتيلا أبو عيادة لأهاليهن.

طلبت إيصال رسائل مؤثّرة للعائلة، ومشتاقة لهم قدّ الدنيا.

بوصّي عبد الله أول يوم في المدرسة يصوّرلي فيديو وصور، وهم رايحين، وخاصة الصغيرات غِنى وجنى، ويبلّغ روضة غِنى أنها إمها بالسجن وما يشدّوا عليها ويبهدلوها إذا قصّرت، وخلّي ساجدة تتبّع نظافة شعر البنات، وما تنسى واقي الشعر يلّي برشّ.

بنان قويّة وبتسلّم على زوجها وأولادها (تُقى، جنى، حمزة وغنى)، على رشا وغفران، وعلى كلّ من يسأل عنها.
"البنات بدهن دوالي وملوخيّة"

بعد لقائي ببنان، أطلّت الأسيرة إسلام أحمد طلب حلبي شولي (مواليد 08.06.1990)، مهندسة، أم لأحمد وحلا وحور، زوجها إيهاب أسير في سجن مجيدو، وأخوها محمد معتقل في سجن ريمون، ووالدتها دلال معتقلة في ذات السجن/ الدامون، وكان هذا اللقاء الثاني عبر القضبان.

انبسطت إنّي شفت تسنيم وصور الأولاد في المحكمة ولمّا رجعت للزنزانة زاد الاشتياق.

من لطف رب العالمين أني جيت ع السجن وأكون مع ماما، كنت أفكّر فيها وبمحمد وإيهاب لدرجة كنت ناسية الولاد، لأني متأكدة إنهم بأمانة إيمان وتسنيم.

من يوم الفرصة وليل نهار بفكّر بالأولاد وشو بعملوا. حمّلنا تسنيم وإيمان فوق طاقتهن.

انبسطت لرسالة سعد:

"يا غائبين وفي الأعماقِ منزلكُم
ما زالَ يملأُ قلبي باللقا أملُ
إن باعدَتْنا ظروفٌ فوقَ طاقتِنا
فإنّ أرواحنا بالحُبّ تتّصلُ
لن يُوحِشَ اللهُ قلبي رغمَ لهفتهِ
لأنكم في دعائي حين أبتهلُ".

الماما عملت كيكة وفاجأتنا بعيد ميلاد سعد، عيّدنا عيد ميلاده وتخرّجه.

إسلام في غرفة 5 برفقة شيماء أبو غالي (اشتاقت لصوت شام-ابنة أخيها الأسير عبد الله-تعيّط)، أسيل حماد (مشتاقة لإيلياء وأبيها وبتحبهم)، إيمان شوامرة (مشتاقة ليوسف وأبيه وأمها وأبيها)، ربى دار ناصر (حابّات الصبايا يشوفوا إمها ويتعرّفوا عليها من كثر ما حكتلهن عنها)، شيرين، ميسّر ولينا وزوز المحتسب.

الوضع في السجن يزداد سوءاً يوماً بعد يوم. الرطوبة والعفن وعدم التهوية مزعج جداً وبضايق. صلافة السجّان وصراخه ومعاملته تسوء، والانعزال عن العالم وأخباره قاتل.

بعدها متضايقة من حيلة المحقّق؛ وقّعوني على "اعتراف" وفكرت أنه للقاء أولادي بالتليفون!!

طلبت إيصال سلام لوالدها "مين بدّو يكوي لأبوي الدشداشة يوم الجمعة؟"، لإخوتها عمر (طلّته وريحة عطره) وسعد (المشهور؛ كثير انبسطنا إنه كلمتك في حفل التخريج خصّصت للأسرى وإحنا والبنات متحمسات نطلع ونسمعها) وفواز (المرضي، حبيب ماما، مشتاقة تحضنك، وأنا مشتاقة أشوفك بتوزّع (غوم) على أولادي لمّا يطلّوا).

ولتسنيم وإياس زوجها (إذا لا سمح الله وما كنت طالعة، خلّيه يصوّر الولاد بأواعي المدرسة أول يوم)، ولإيمان وأحمد (لأول مرة تنتحب في اللقاء، بعرف أني حمّلتك فوق طاقتك. بوسيلي برهوم وصوريلنا إياه، وظلّي ورجيه صورنا ع شان يعرفنا، وانشالله نشوف له إخوة وخيّات قريباً).

ولأولادها (أحمد البطل وحور جميلة الجميلات وحلى الحنونة)، بحبكم كثير ومشتاقة لكم كوام.

وخالتها تميمة (حماتها) وتمام، ورضى وأيمن، وسلام لخالها رامي وشيماء وريتال ورضى وسند وسيف. وخالاتها نهاية، أمل، أم عصام، منال، أم وائل، وأخوالها ماهر وباهر.

وحين افترقنا قالت فجأة: "بالله عليك أستاذ، يوم الترويحة بصفقة نزّل بوست: "البنات بدهن دوالي وملوخيّة". خرجت إسلام من السجن يوم الأحد: 12/10/2025 "وعيّدت أول ما حضنت ولادها ع الحاجز".

لكما عزيزتيَّ بنان وإسلام أحلى التحيّات، والحريّة لجميع أسرى الحريّة.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء او المديرات.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى