السبت ٢ كانون الثاني (يناير) ٢٠١٠
بقلم
مرافي محطمة
عذرا فقد نضُبت أحلام قافيتي | وجفّ حبر من الإبداع يضفيها |
ما عاد في نغم الإلهام لحن صدى | يلملم الحرف وقتا كيف يذكيها |
ما عاد في ورقي سطر يوادعني مذ | ودّعت أشطري أحداقَ حاكيها |
أنا على قلقي وخز يباغتني | يجدوّل الحزن في قلب لماضيها |
أنا يعوّقني ليل بذاكرتي | مبعثرا داخلي ما كان يحييها |
فجف نهر الهوى بالروح ذات مسا | لا لم يعد هيكلي العظمي يحويها |
وضاع بالذات خبز الهمس يحرقه | خنق الشعور على بوح يمنّيها |
هرّبت كل غصوني بعد أن ذبلت | لا لم يعد لونها المخضر يبديها |
فبددتني كما الأمواج يرهقها | صخرُ الضفاف إذا أحنى نواصيها |
كالظل يرصفني التيار في جهتي | يا وجهي الصدفي المنحوت يغريها |
قد صبّ بالأرق المفلوق يوجعه | ثغر الشتاء ووشي في مآقيها |
يستنطق اللؤلؤ المخبوء في فمها | من أي وجد ترى قد كان يحكيها |
مذ غادرت جوقة الإيحاء ومضتها | تاهت بسكر يعبّ الجرح في فيها |
وشاح بالعمر وقت كنت أحمله قلبا | من الأنس أضحى مطفئا تيها |
ما عاد معتلق التفكير يصنعني | بين الرماد غبارا كان يغويها |
تلك المنى غادرت أجراس مرفئها | وخاطها وجع يضنى معانيها |
أدركت أن الصدى المنساب طار | به برد الشعور هجيرا في منافيها |
أيقنت ما بيننا شوط يجففني | على شواطي الرجا يخفي نواحيها |
كالنهر في فمه نار تلوثه | أكذوبة الليل لو أغفت بواديها |
أنا على وطري كفر يغابشني | وبالمرايا صراع ظلّ يشقيها |
وبين جفني وبين الوخز جسر ضنىً | يخفي مخيلتي لما وشى فيها |
فحُكّم القفلُ والتابوت يُلصقني | بآخر الركب إذ مرّت بساقيها |
والحبر صوت دمي المخدوع من وجع | غرّ المرايا فضجت في مراثيها |
تجفّ في فمها الويلات أين بدت | كسنبلات بنار الخوف نحصيها |
وخلف حنجرتي لون تحجر في | صوتي النحيف فأخفى ما يغنّيها |
فليس ما بيننا إلا مماحكة | من الكلام تدار في أمانيها |
وبين قلبي وبين الوقت لحن شجا | في لثغة أهملت حنّا مآسيها |
فرّت على ألم النجوى ثقوبَ جوى | فأرهقت غضبا فوضى مآقيها |
وراح يتعبني نزفٌ على وتر | غلّت يداه فصار النزف يؤذيها |
عذرا فقد نفقت أسراب ملهمتي | ومات لحن من الأجراس يبديها |
واستيقظ الشبح المنسيُّ في خلدي | شوطا يثير غباري كيف أنهيها |
فهدّ من حلم الآمال أجملها | وعاث يخرسني صوتا بناديها |
أنا يوزعني بؤسي على جلدي | وليس بين رغابي من يسليها |
أنا تناوشني الأزرار أين غدت | تبث أحجية الأثواب تكسيها |
ووجه أحجيتي لون يغافلني | على البريق الذي يصحو ليشقيها |
خذني حمام الهوى سكرا لأمنية | تأرجحت في ضفافي كيف أسقيها |
وكان في نهم الربان سر صدى | تحطمت رنة المجداف تبديها |
وظل ينقشها التيار وهج سرى | رغم الرياح سفينا كيف يبقيها |
تكدست رحلة البحار في يدها | وظل منتبه الأشواق يمحوها |
وعدت مندهشا من ظل أخيلتي | أنا السقيم أمن دائي أداويها |
تمايل الشعر بعد الآه منتفضا | هل كيف تمشي سفين عكس جاريها |
ففك من وتدي المعقود حبل منى | فرفّ مني شراع كان يعليها |
تكسرت لغة المرساة وانفلتت | أقصوصة الغيب كيف الغيب يغفيها |
واليوم لا سفن تحكي ولا أمل | على الضفاف فأي الحلم يرسيها |
تحطم المرفأ المصنوع من ورقي | وتاه في ضجة الأبعاد باقيها |